يا صاحبي في الرخا وفي الضيق
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا صاحبي في الرخا وفي الضيق | دم حافظا لي على المواثيق |
هذي يدي قد مددتها لك خذ | عهدي سريعا بغير تعويق |
وجود مثلي وجود تقدير | وليس هذا وجود تحقيق |
وهكذا الحادثات أجمعها | من حين تغريبها لتشريق |
إنني منه كل حين بريء | بل أنا العبد طالب للقبول |
تصورت كلها لنا صورا | في الحس والعقل للتزاويق |
وكل هذا له وليس لنا | شيء من الأمر حكم تحليق |
وإذا قلت ذاك كان مرادي | صانع الشيء فاعل المفعول |
حيث لا شيء جامد هو عندي | بل كبرق يلوح بين الطلول |
أما وجود الإله خالقنا | فهو الحقيقي لأهل توفيق |
والذي عنه ذلك الشيء يبدو | هو رب الفروع رب الأصول |
وجود حق محقق أبدا | يعرف لكن بمحض تصديق |
مثل قول الخليل وقت التجلي | إن هذا ربي بصدق المقول |
عن دركه العقل عاجز وكذا | عن وصفه في مقام تفريق |
وهو نجم بدا وبدر وشمس | ثم كان امتيازه بالأفول |
نراه لكن برؤية حدثت | لنا غدا لا بوهم تحديق |
أخذ الجاهلون أقوال مثلي | ثم قالوا بها على المجهول |
نغيب عنا وعن سواه إذا | نحن رأيناه حال تشويق |
لم يذوقوا منها الذي نحن ذقنا | لا ولم يعرفوا حقيق النزول |
محبة منه والمحب بها | يكاد منها يغص بالريق |
هذا اعتقاد الهداة سادتنا | لا عقد غاو غوى وزنديق |
إنما قلدوا بحفظ كلام | وادّعاء له بغير حصول |
وقصاراهم التخيل فهما | وهو فيهم من غاية المأمول |
كم أعرض السامري عنه وكم | أباه في الدين كل بطريق |
هم عوام لا يعملون وهذا | هو سرّ أعيا جميع الفحول |
تعلقوا كلهم بما عبدوا | من خلقه فيه أي تعليق |
حاولته الفحول أن يدركوه | فأبى من حجابه المسدول |
وأعرضوا عن سنا عبادته | جلّ فنالوا ظلام تحريق |
فأزالوا نفوسهم وأتوه | بافتقار ونائل مبذول |
وأصبحوا مالهم لديه سوى | لعنتهم عنه ضمن تسحيق |
وسعوا نحوه به وأقاموا | حكمه تاركين قول العذول |
فتجلى لهم فأفنى هواهم | ثم أفنى منهم شخوص النحول |
طحنتهم منه الرحى حين دارت | ثم جاءت بهم مجيئ السيول |
وعليهم تكرر الأمر حتى | وقعوا في اللقا وأمر مهول |