دَعْوتُ بَيانِي أن يفَيضَ فَأَسْعدَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
دَعْوتُ بَيانِي أن يفَيضَ فَأَسْعدَا | وَنادَيْتُ شِعري أن يُجيبَ فغَرَّدا |
وأبْدعْتُ نَظْماً كالرَّبيع مفوَّفاً | يُجَمِّلُ عَصْراً كالشبَّابِ مُجدَّدا |
وما الشِّعرُ إلاّ تَرْجُمانٌ مُخلَّدٌ | يَقُصُّ على الأجيْالِ مَجداً مُخَلَّدا |
فَلَولا السَّجَايا الغُرُّ ما قال قَائِلٌ | ولولا فؤادٌ ما غَدَا النِّيلُ مُنْشِدَا |
فَسَلْسَالهُ أَضْحَى بِنُعْمَاهُ كَوْثَرا | وقِيعَانُه أمستْ بِمَسْعاه عَسْجَدا |
مَليكٌ حَبَتْه مِصرُ مَحْضَ وَلاَئِها | صَمِيماً وأوْلَى مِصرَ عِزّاً وسُؤدَدا |
أصاَلة ُ عَزْمٍ أَخْجَلَتْ كلَّ صَارِمٍ | مِنَ البيضِ حَتَّى خاف أنْ يَتَجَرَّدا |
وَرَأْيٌ كَوَجْهِ الصُّبْحِ ما ذَرَّ نُوره | على مُدْلَهِمِّ الْخَطْبِ حتَّى تَبَدَّدا |
ووّجْهٌ كأنوارِ اليَقِينِ رَأيْتُه | فأبْصَرَتُ فيه المجْدَ والنُّبْلَ والنَّدَى |
أَلمْ يُعْلِ صَرْحَ العِلْمِ شُمّاً قِبَابُه | تُطَالِعُهَا زُهْرُ الكواكِبِ حُسَّدَا |
فَمِنْ مَعْهَدٍ يُبْنَى على إِثْرِ مَعْهَدٍ | إلى أنْ غَدَتْ أرضُ الكنَانة ِ مَعْهَداً |
زُهِينَا على الدُّنْيا بِجَامِعَة ٍ غَدَت | حَدِيثاً بأُذْنِ الشَّرْقِ حُلْواً مُرَدَّدا |
تَرُدَّ الشَّبَابَ الغَضَّ حَزْماً وَحِكْمَة ً | وتَصْقُلُه صَقْلَ القُيونِ المُهَنَّدا |
تُزَوِّدُهُ التَّوفيقَ في كلِّ مَطْلَبٍ | وَمَنْ طَلَبَ العِلْمَ الجلِيلَ تَزَوَّدا |
غَدَتْ دَوْحَة ً فَيْنَانَة ً حُلْوَة َ الْجَنَى | بَعيدَة َ مَدِّ الظِّلِّ فَيَّاحَة َ المَدَى |
غَرَسْتَ وهذا فضلُ ما قد غَرَسْتَه | وهذا هوَ الغُصْنُ الذي كان أَمْلَدا |
تَعَهَّدْتَه كالزَّارعِ الطَّب نَوْمُه | غِرَارٌ إلى أن يُبْصِرَ الزَّرْعَ أَحْصَدا |
بِكَفِّ من الإِحْسانِ وَالرِّفقِ صُوِّرَتْ | وعَيْنٍ تَرَى في يَوْمها ما تَرَى غَدَا |
كَذاكَ ابنُ اسماعيلَ يَنْتَهِبُ المُنَى | دِرَاكاً ويَمْضِي لِلْمَحَامِدِ مُصْعِدَا |
وَيُدْرِكُ ما يُعْيِى الْجَحَافِلَ وَحْدَهُ | وَيَبْلُغُ شَأْوًا يُعْجِزُ الْجْمعُ مَفْرَدا |
وَيَسعى إلى أنْ يُذْهِلَ النَّجْمَ سَعْيُه | ويَبذُلُ حَتى يُدْهِشَ الْجُودَ وَالْجَدا |
ويَرْقب رَبَّ العَرْشِ فِما يُريدُه | ويَنْصُرُ دِينَ الْحَقِّ والنُّورِ والهُدَى |
إذا مَا انْتَهَى مِنْ مَقْصِدٍ لانَ صَعْبُه | دعاهُ هَوى مِصرٍ فجدَّدَ مَقْصِدا |
رُوَيْدَكَ أجهَدْتَ المؤَرِّخَ ما وَنَى | ولا فَارَقْتَ يَوْماً يَرَاعَتُه اليَدَا |
هَزَزْتَ إلى التَّأْلِيفِ كُلَّ مُبَرِّزٍ | أَدِيبٍ إِذَا مَا أَرْسَلَ الفِكْرَ سدَّدا |
فَفَاضتْ بجَدْواكَ العقولُ وَبلَّلَتْ | بمصْرَ ظِماءً كان حَرَّقهَا الصَّدَى |
ففي كلَّ يومٍ لِلْعُلُومِ مُجَلَّدٌ | حَقيقٌ بما أسْدَيْتَ يَتْلُو مُجلَّدا |
سلوا مكْتَباتِ الْعِلْمِ تنْطِقُ كُتْبُهَا | بآثارِ مَجْدٍ يَنْتَمِينَ لأَحْمَدَا |
وَمَنْ يَبْنِ فَوْقَ العِلمِ وَالعدلِ مُلكَه | رَفيعاً فَقَدْ أَرسَى الأساسَ ووطَّدا |
بَهرْتَ رجالَ العلم في الغَرْبِ فَانْثَنَوْا | إليكَ يَسوقونَ الثنَاءَ المنَضَّدا |
وأَوْلَوْكَ أَلْقَاباً نَواصعَ كالضُّحَا | ضِخاماً على آثارِ فَضْلِكَ شُهَّدا |
وأَصْبَحتَ رَمْزاً عالَمِيًّا سَعتْ له | جِهابِذُ أهلِ الأرضِ مَثْنَى وَمَوْحَدا |
فِخاراً أبا الفارُوقِ لم يَبْقَ مَنهَجٌ | إلى العلمِ إلاَّ صار سَهْلاً مُعَبَّدا |
تَطَلَعتِ الآمالُ شرْقاً وَمَغْرِباً | فَلم تَجدِ الآمالُ إلاّكَ مَعقِدا |
وحامًتْ قُلوبُ الشَّعبِ حَولكَ مِثْلمَا | تَحومُ عِطَاشُ الطَيْرِ أَبْصَرنَ مَوْرِدا |
فَعِشْ لِبني مِصرٍ غِياثاًوَرحمة ً | فآمالهم في أن تَعيشَ وَتَسْعَدا |
وَعَاشَ وَليُّ العهدِ قَرَّة َ أَعْيُنٍ | وَدامَ مِنَ اللّهِ العزيزِ مُؤَيَّدا |