ألا نَسّيا نفسي حديثَ البلابلِ
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
ألا نَسّيا نفسي حديثَ البلابلِ | بمشمولة صفراءَ من خَمرِ بابلِ |
فما العيش إلا في ندامِ سُلافة ٍ | تنادَمها العصران غير ثَمائِل |
نضا الدهرُ عن أسآرها جُلَّ لونها | فغادرها من لونها في غلائل |
سرابية ً آلية ً تصرع الشذا | وترفع من شخص القذى المتضائل |
ثوت تصطلي شمس الظهائر برهة ً | إلى أن أفادت لونَ شمس الأصائل |
إذا ما تمشت في عظام ابن كبرة ٍ | مشى ليّنَ الأوصال رِخو المفاصل |
ترد له غصنَ الشباب وقد ذوى | رطيباً كغصن البانة المتمايل |
إذا نزلت بالهم في دار أهلهِ | شكى الضيم شكوى أهلٍ ضيم نَازل |
بماءٍ جَلتْ عن جُرّ صفحته القذى | حريقَ لها ذيل كَميش الذلاذل |
إذا اطَّردت أنفاسُها في سَراته | تَسلسل عاريَ المتن جعد السلاسل |
قرتْهُ السواري بين أكناف روضة ٍ | تَراعَى بها عينُ النعاج المطَافل |
به عبَقٌ كالمسك مما تسحَّبت | عليه الصَّبا تَفْلى خُزامى الخمائل |
إذا ساورته الراح في الصحن لألأتْ | وجوهُ الندامى بالبروق العوامل |
كأنهما شوبان ذوبُ سبائكٍ | من التبر معلولٌ بذَوب وذائلِ |
شربتُ على صحو المشيب وطال ما | شربت على سُكرِ الشباب المخايل |
وأعذرُ شُراَّب المُدامة شاربٌ | لتقصير أيام المشيب الأطاول |
وللكأس أخرى أن تكون تعلَّة ً | لذي الشيب عن ذكر الشباب المزايل |
إذا ما تذكرتُ الشباب جعلتها | رقوءاً لأسرابِ الدموع الهوامل |
أدرتُ على لهو الحديث كؤوسها | ونادمتُها الخُلانَ بين الخلائل |
طلبتَ بها سلمَ الهموم وربما | طلبتُ بها جَرَّ الذيول الذوائل |
وحدثتُ نُدماني أحاديثَ مامضى | من العيشِ أقْفُوها بأنَّه ثاكل |
أعاذلتي في الراح أشيهت فارعوِي | لشأنك إني لا أدينُ لعاذل |
فلو أسمحتْ عنها القرينة ُ أسمحت | لشيبٍ كنُوار الثُّغامة شامل |
وقالت دع الشبانَ والكأس إنها | حِمى ً بعد مرّ الأربعين الكوامل |
ألم يكفِها أن المشيبَ أفاتني | نصيبي من وصل الحسانِ العطائل |
إلى أن غدت باللوم لادر درُّها | لتمنعني درَّ الكؤوس الحوافل |
فتشفع لي حرمان حظ بمثله | رماها عن اللَّوماء رامٍ بشاغل |
أأترك عَفْو الكأس حرانَ صادياً | لعلاَّنَ من ريق الكواعب ثامل |
خليٍّ من الأحزان في ظل جنة ٍ | قريبٍ جَناها من يد المتناول |
يروح ويغدو في الغواني مُساعفاً | بحاجات موموقٍ حظي الوسائل |
يميد به مأدُ الشباب فترعوي | إلى جانبيه كالظباء العواطل |
مُسقًّى بأفواهٍ كأنَّ رُضابَها | جَنى النحل شارتْ أرْيَه كفُّ عاسل |
لذاك عن الصهباءِ أبردُ علة ً | وأجدرُ أن يغْنى بتلك المناهل |
إليك فإنا للهوينا وشأنِها | وآلُ زريق للأمورِ الجلائل |
ألم تعلمي أنْ قد كفونا شؤوننا | فلم يطرقوا منهنّ أوْلى لآيلِ |
همُ أهملونا في مُصاب غُيوثِهم | سُدى ً ورعوْنا بالقنا والقنابل |
فأصبحَ شملُ الناسِ شملَ رعية ٍ | وسِربهُم في العيش سربَ الهوامِل |
وهم حملونا مِنة ً بعد منة ٍ | على أننا منها خفافُ الكواهل |
سأنْثُونثا آلائكُم آل مصعب | نثا الروضِ آلاء السحاب الهواطل |
وما نفحاتُ الروض تثنِي على الحيا | بأطيبَ من ذكراكمُ في المحافلِ |
أكفُّكُم في الأرضِ أعينُ مائِها | وأقدامُكم فيها مِراس الزلازل |
أقولُ عليماً لا محيطاً بفضلكم | ولاخابطاً في القول عشوة جاهلِ |
إذا شئتُ جاريتُ القوافيَ فيكمُ | مداها وما كثَّرتُ حقاً بباطلِ |
وما يتناهى القولُ فيكم لغاية ٍ | تناهيَ ذاتٍ بل تناهِيَ قائلِ |
ألا أيها المُجري ليدركَ شأوهم | لهنَّك أيمُ اللهِ أنصبُ عاملِ |
إذا القول أعيا القائلين بُلوغُه | فكيف به لا كيف ذاك لفاعلِ |
فقِفْ خاسِئاً عنهم حسيراً فإنما | طلبتَ منيعاً من حَويل المحاولِ |
اصمُّ عن الفحشاءِ والعذلِ في الندى | طويلُ التمادي في شقاقِ العواذلِ |
يجودُ فيعطي ماله في حقوقه | على منهجٍ بين السبيلين عادلِ |
وإن هاجَه هيجٌ من العذلِ أصبحتْ | فواضلهُ مشفوعة ً بفواضل |
كدجلة َ يجري ماؤُها في سبيله | فلا ينتحي عن قصده للمعادل |
فإن كفكفتْه الريحُ من شطرِ وجهه | طما فاغتدى آذيُّه في السواحلِ |
ولو عدَّهم قِرناً كفِيَّاً لبأسهِ | إذن ما أتاهم من وجوه المخاتِل |
طويل أبا حسن حمدي متى ما بغيتُه | رخيصّ وغن أعرضتَ عنه فغالِ |
لك الفضلُ لا تلقاء آخرَ ناقصٍ | ولكنه تلقاءُ آخر فاضل |
فلو شئتَ إشرافاً عليها وقدرة ً | قبضتَ على اطرافها بالأنامل |
تدانتْ لك الأقطارُ ضبطاً وخبرة ً | فأصبحتْ لَدَيْكَ الأرضُ كِفّة حابلِ |
ولو أنهم ساموا مخايل جِدة ٍ | غذن لنجوا منها نجاءَ الموائلِ |
فغرتُهم منه الغرورُ فأصبحتْ | مقاتلُهم نُصْبَ المنايا القواتل |
أراهم هوينا المستخفّ بشأنهم | وربَ مجدّ في الأمور كهازِل |
وما نزل الإصحارَ غلا كقانصٍ | اريب توارى عند بثّ الحبائلِ |
ولكنه كالليثِ يختلّ صيده | ويبرز للأقرانِ غيرَ مخاتلِ |
فلا ترتهنْ ذمَي بمطلك إنني | بمَنْ لا يبالي الذمَّ غيرُ مبالي |
حلفتُ لئنْ سفَّتَ حلمي لتقطعنْ | إليك قوافي الشعرِ كلَّ عقالِ |
ولا ذنبَ للمظلومِ إن باتَ مُرصِداً | لسوءِ فعال منكَ سوءَ مقال |
إذا كاتبٌ لم يمتثلْ رأى صاحب | طريقتُه المثلى فيُّ مثال |
علوتَ علواً لم تكن قطُّ أهله | وأنت جديرٌ بعده بسَفالِ |
كذاك يرى من حانَ حينُ سُقوطِه | ومن آذنتْ نَعماؤه بزوالِ |
فقل لي وقد خالفتَ واحدَ عصرهِ | أرأيك عن آرائه مُتعال |
جوادٌ رأى مَنحاً لم ترَ ما يرى | وما زالتَ مذؤوماً ذَميمَ فَعالِ |
لعمري لقد خالفتَ فيَّ مُسدَّداً | له في مضيق الرأي رحبُ مجالَ |
ونكّبْ سبيلاً أنت فيه فقد غدتْ | سبيلك في أمري سبيلَ ضلال |
أفق صاغراً من نومه لجهل إنها | تعودُ على نُوّالها بوبالِ |
أيزخرُ لي بحرُ النوالِ بفضله | وتمطلني في غير حين مِطال |
وكم قد أهان الشعر الشعرَ قبلَك معشرٌ | فلاقى مُهينوه هوانَ سِبالِ |
وما زال في عُرضِ الأناة ِ وكيدُهُ | بكل سبيل مُرصدٌ بالغوائل |
فضم إليه جأُشه ثم راعها | بشدة ِ مكروه الفجاءة باسل |
يشيعه بروق الموت من صفحاته | وفي حدّة ِ مصداقُ تلك المخايل |
وصولُ الخُطى بالسيف والسيف بالخطى | إذا الطعن حُشَّتْ نارهُ بالسوافل |
فإنْ طاعَنوه كان أولَ طاعنٍ | وإنْ نازلوه كان أولَ نازلِ |
تهاتفت البطالُهَدَّك فارساً | شهدْنا لقد صدَّقت بشرى القوابل |
وقد شمّرتْ عن ساقها غير أنها | تركّضُ في ذيلٍ من النقعِ ذائلِ |
إذا ما جلتْه الحربُ عارضَ رُمْحَهُ | على لاحقِ الآطالِ نهدِ المآكلِ |
يُمرّ العطايا والمنايا لأهلها | بأخفضِ بالَيْه مُجدّاً كهازل |
وحيدٌ فريدٌ في المكارم آنسٌ | بوحدتِه مستأثرٌ بالفضائلِ |
ولا بِدْعَ منه بدؤه أريحية ٌ | تحطّ الولايا عن ظهور الرواحل |
إذا حالَ بدءٌ دون عُرفٍ فبدؤهولا بِدْعَ منه بدؤه أريحية ٌتحطّ الولايا عن ظهور الرواحل وحيدٌ فريدٌ في المكارم آنسٌبوحدتِه مستأثرٌ بالفضائلِ يُمرّ العطايا والمنايا لأهلهابأخفضِ بالَيْه مُجدّاً كهازلإذا ما جلتْه الحربُ عارضَ رُمْحَهُعلى لاحقِ الآطالِ نهدِ ال | إلى عودِه المأمولِ أحظى الوسائل |
إذا كان سلماً فالمقاتلُ كالشَّوى | وإن كان حرباً فالشوى كالمقاتل |
ويومٍ عصيب ظلُّه مثلُ ضِحّه | بل الضحُّ أعفى من ظلالِ المناصلِ |
تباذلَ أعلاقَ المضنّة ِ تحتَهُ | رجالٌ عِدى يا للعدو المباذلِ |
وحوشٌ رعاها حَيْنها حول غابة ٍ | أسامة ُ فيها مُلبدٌ بالكلاكل |
فليس ابنُ الله عنهم بنائمٍ | ولا الله عما يعملونَ بغافلِ |
دعوا الحربَ تستكملُ لهم أدواتها | ولا تُعجلوها أن تَعضّ ببازل |
هو المرءُ ذو الوعد المعجَّل نجْحُه | كما قد عهدتم والوعيد المماطلِ |
فلا تحسبوا تعجيله نقماتِه | لأعدائه تعجيله رفدَ سائلِ |
ولا فاته طولُ الأناة ِ بفرصة ٍ | إذا ضاع أمر العاجز المتخاذلِ |
وما اعجلْته الحربُ غبرامَ أمرهِ | إذا أعجل المنخوبَ حولُ الجوائلِ |
ألا هَبَلتْ أمُّ المعادِيه نفسهُ | وأين امرؤ عاداه إلا ابن هابل |
قضى بين جمعيْة وكم من كريهة ٍ | قضى بين جميعها بإحدى الفواصل |
إلى أن تظل المضرحياتُ بينهم | تدفّ بطاناً دُلَّحاً بالحواصل |
وأنت جديرٌ بعده بسَفالِ | إذا كاتبٌ لم يمتثلْ رأي صاحب |
طريقتُه المثلى فأيُّ مثال | أإيايَ تستدعي نوائَر شِرة ٍ |
مللتَ صفاءَ العيشِ كلَّ ملالِ | متى أنت صاليت العتاة مَساخطي |
فليس يُصاليك الجحيمَ مُصالي | إذا كنتَ لم تلبس لَبوسَ تَجملٍ |
بعرفٍ فلم تلبسْ لبوسَ جمالِ | فهل أنت إلا لُعنة ٌ لمُعاين |
ومختبَرٌ نَصبٌ لكل نضالِ | أتبغي إلى الشُنع التي فيك سادساً |
وفيك من السؤاتِ خمسُ خصال | بُغاءٌ وتشوية ٌ ونُوكٌ ولكنة ٌ |
وشؤمٌ كملتَ الشؤمَ كلّ كمالِ | وماصلحَ الرأسُ الذي أنت حامِلٌ |
أبا حسنٍ إلا لقفد قَذالِ | أَضيفَ بني عبدونَ أَحسن تزوداً |
ولاتهتم فيهم بطعن مَبَالِ | فليس الزنا في دينهم بمحرَّم |
وليس القِرى في حُكمهم بحلالِ | وما حرمة ٌ يؤْوونُها بمصونة ٍ |
ولا درهمٌ يوعونُه بمُذالِ | حلفتُ على استخفافِه بي أنَّهُ |
مُنيخٌ بأثقالٍ عليه ثِقالِ | أتُدعَمُ بالعُرجِ المشائيمِ دولة ٌ |
يراها مليكُ الناسِ ذاتَ جلالِ | أبى اللَّهُ إسنادَ الهضابِ وحملَها |
بغير هضابٍ مِثلَها وجبالِ | إذا ارتضعَ الدنيا أخو اللؤم وحْدَهُ |
فذاك رضاعٌ مؤذِنٌ بفِصالِ | ن |