أبا حسنٍ قد قلتَ لو كان فَعّالٌ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أبا حسنٍ قد قلتَ لو كان فَعّالٌ | فحسبُك قد سارتْ بخَطْبك أمثالُ |
وأصبح ماقد قلتُه وثوابُهُ | عناؤك والحرمانُ والقيل والقالُ |
ظللتَ على شرّ الحجارة ِ عاكفاً | وليستْ لعُبّادِ الحجارة ِ أعمالُ |
ذهبتَ وإسماعيلُ في غير مذهبٍ | وأكثرُ تُبّاعِ المطامِع ضُلالُ |
فمنّاكَ ظنٌّ أن تنالَ نوالَه | ومَنَّاهُ ظنُّ أن تدومَ له الحالُ |
وأنَّى يُرَى للَّهِ إهمالُ مُفسدٍ | وأنى يُرى للفضل في الناس أفضالُ |
تمنيتُما مالا يكونُ فأقصِرا | فقد لاح من غَراءَ كالفجر إقبال |
تجلّتْ سليمانية ٌ عَبدليّة ٌ | يُحقَّقُ فيها للمحقين آمالُ |
فلا يتعاظمْك الدَّعيُّ وحالهُ | وإن للأحلام في النوم أهوالُ |
كأني به في محبسٍ وثيابُهُ | من العُمر والنعماء والعزّ أسمال |
غلائلُهُ الأمساحُ يأكلنَ جلدَهُ | وحليتُهُ أقياد سُخطٍ وأغلالُ |
يُغَنيه بعد المُسمعاتِ إذا مشى | حديدٌ له منه سوارٌ وخلخالُ |
كأني به قد قيلَ بعدَ ذهابِه | ذميماً وقد لفَّتهُ نارٌ وأنكالُ |
تردَّى مُضيعُ الماءِ والمال في لظى | وَغَالتهُ من أفعالِه الشنعِ أغوال |
فلا ذاقَ عفوَ اللَّه عرة ُ دولة | نبيهُ المخاري للخبائثِ أكَّالُ |
وضيعُ المباني شامخُ الأنفِ طامحٌ | قصيرُ المساعي للكبائر حَمَّال |
أضاع وخان الفيء واستضعف الورى | وأصبح يغتال الملوك ويحتال |
كتضييعه ماءَ الرجالِ وخونِه | وليست لأرحام المخانيثِ أحمالُ |
ولو أن فحلاً كان يحبلُ مرة ً | إذن ناله مما تَجلّل إحبال |
فأزهق مكرُ اللَّهِ ذي الحَوْلِ مكرَهُ | عقاباً ومكرُ اللهِ للمكر قتّالُ |
وأصبحَ يبكيهِ نساءٌ وصبية ٌ | تَساندَ أيتامٌ عليهم وأرمالُ |
وماعجبٌ أن خانتِ الماء رَملة ٌ | ولا مُنكَرٌ أن ضَيّع الماءَ غِربالُ |
وقد كان رَجَّى غلطة ً من أميرنا | وهل يملك الدنيا مَسيحٌ ودجال |
وكنا نراه كاتباً أو مؤاجراً | فواثَبنا منه الوليدُ وبَلاَّل |
وما كان إلا ثعلباً كان حَينُهُ | فأودى به عَبْلُ الذراعين رِئبال |
فأصبحَ مطوياً لمثواهُ أربعٌ | تباعٌ ومشروباً لمثواه أرطال |
صيامٌ شُرْبٌ يستحثُّ كؤوسَه | أراعدُ بالخابور نوقٌ وأجمال |
لقد خُلّطتْ فيه البذورُ بحقِها | إذا خلّطَ التدبير أهوجُ بطال |
ولاتبتئس بالعسر فاليسرُ بعده | وهل دونَ ماترجوه باللَّه أقفال |
لعلك واللَّهُ المبلّغُ أن تُرى | وآمالك الممطولة الوعدِ أموال |
بأيدي بني وهبٍ فإنَّ سحابَهَمْ | سَحابٌ يعمُّ الناسَ بالغيث هَطّالُ |
أوليتك تنقادُ الأماديحُ فيهمُ | وليست على الأفكارِ منهن أثقالُ |
لكل بديلٍ حين يخلو مكانُهُ | وما لبني وهب من الناس أبدال |
هُمُ جبلُ اللهِ الذي لو أزالَهُ | وحاشاهُمُ مازال للأرضِ زلزال |
وهم آمناتُ اللَّهِ بين عباده | فلو فُورِقوا مافارق الناسَ بلبال |
ولم يُخلَقوا أبطالَ عَسفٍ وشدة ٍ | ولكنَّهُمُ بالرفِق واللينِ أبطالُ |
وليسوا بأجذالِ الطعانِ ذوي القنا | ولكنهم للطعن بالرأي أجذالُ |
وبالرأي لا بالرمحِ والسيفِ مُصلتاً | تَواصلُ أوصالٌ وتنبتُّ أوصالُ |
يسوسونَ أقلاماً خماصاً بطونُها | وهم وهْي أشباه من الخمص أشكالُ |
خِماصٌ بأيديهم خِماصٌ عَفائفٌ | عن الغَيّ لم يخبث لهاقطُّ آكالُ |
علي أنهم جوداً بحارٌ زَواخرٌ | وإن طولبوا بالحلمِ يوماً فأَجبال |
ميامينُ يُضحَى من تولَّوا أمورَهُ | مَلياً بأن يُجبى له الحمدُ والمالُ |
عليك وليَّ العهدِ بالقوم إنهم | إذا وُكّلوا بالملك لم يكُ إخلالُ |
ولم يكُ في تلك الظهارة ِ سُبْهٌ | ولم يكن في تلك البطانة ِ إدغال |
ويَهنيك أن أصبحتَ دنيا وجنة ً | فأصبحتِ الدنيا بدنياك تختال |
ولازلتَ جارَ المجد في رأس هضبة ٍ | تفوتُ الردى ما حَلَّت الهضبَ أوعال |
حياتك تخليدٌ وعيشُك نعمة ٌ | وبُرداك إعظامٌ وتاجُك إجلالُ |
وفيك منَ الخيراتِ ما رام رائمٌ | وما ارتاد مُرتادٌ وما اقتال مُقتال |
وإن رفرفتْ يوماً عليك مُلمَّة ٌ | فرفرف جبريل عليك وميكال |
وياطالبَ المعروفِ من غيرِ وجهه | إليهم فثَمّ النيْلُ لاشك والنالُ |
إليهم فما بدءُ الوفادة ِ غُمَّة ٌ | عليهم ولاعودُ الزيادة إملالُ |
هنالك أعراقٌ كرامٌ وأوجهٌ | وِسامٌ وأخلاقٌ جسامٌ وأفعالُ |
أناسٌ إذا علُّوا رأوا أن علَّهم | عُفاتَهمُ تلك الفواضلَ إنهالُ |
وما القومُ بالجهّال بل أهل سؤددٍ | تغابوا ولاحوهم على ذاك جهل جهالُ |
كرام إذا همُّوا بتشييد سؤددٍ | نسوا عنده ما شيَّد العم والخالُ |
كأنهمُ ما ورّثوا ما كفاهُمُ | وقد شاد أعمام بُناهم وأخوالُ |
تبارى لهم مدح ومنح كلاهما | وإنْ رغِم الحسادُ في الأرض جوَّالُ |
وإمَّا عَراهم مادحوهم تحاشدوا | لتصديقهم فالقول للفعل مُنثال |
إذا استُنْطِقُوا قالوا وإن سئلوا سالوا | وإن ساوروا نالوا وإن طاولوا طالوا |
تُصاغُ بنعمَى آلِ وهبٍ أجِنَّة ٌ | ويُغذى بها من بعد ذلك أطفالُ |
ويكتهلُ الشبانُ تحت ظلالها | وتهرَم أجيالٌ عليها وأجيال |
وإنَّ عبيدَ اللَّه للرَّأْسُ منهمُ | ولولا مكان الرأْسِ لم تك أوصال |
تلافي عبيدُ اللَّه دينَ محمدٍ | فداوتْهُ كفَّاهُ وفي الدينِ إعضالُ |
وردَّ بناء الملكِ سوراً مشيَّداً | وقد بقيت منه رسومٌ وأطلالُ |
أبو القاسم المقسومُ في الناس عَوْنُهُ | إذا اقتسم الآفاقَ خوفٌ وإمحالُ |
فتى ً لم يزلْ يسعَى لدُنْ كان ناشئاً | لتنجَزَ آمال وتمطل آجال |
وتبذل كفَّاهُ عقائلَ ماله | ليسكتَ سُؤَالُ وينطقَ عذّالِ |
إذا حالتِ الأفعالُ ألفيْتَ فعلَهُ | وأُولاهُ إحسان وأُخراه إجمالُ |
كسا المجدَ من أبرادهِ بعدَ عُرْبِهِ | وحلَّى العلا من حَلْيه وهي أعْطالُ |
وأيُّ ابنِ تدبيرٍ وراعي رعية ً | ووالي رُعاة ٍ حين تنهال أجوالُ |
أخو الرأي والعزم اللذين كلاهما | شهابٌ سماويٌّ وأبيضُ قصَّال |
له عزماتٌ لاتُفاتُ بفرصة ٍ | وفيه أناة قبل ذاك وإمهالُ |
يبادرُ إلا أنّه غيرُ مرهَقٍ | ويملي فلا الإمهال إذ ذاك إهمالَ |
فلا في تأنّيه المبادىء إِغفالٌ | ولافي تلافيه العواقبَ إعجالُ |
مدحتُ به مَنْ لامعاناة ُ مدحه | عناءٌ ولاتقويلُ راجيه إعوالٌ |
وقاهُ وقاءٌ مَنْ يدُ اللَّهِ محصِنٌ | لنعماه أَنْ يغتالها الدهرَ مغتالُ |
ومُتّعَ بابنْيهِ وبالسُّؤْلِ فيهما | لتكرمَ أفعالٌ وتحسُنَ أقوالُ |
ولاخُلّيُوا من ثروة ٍ وسماحة ٍ | لِتُقْسَمَ أنفالٌ وتُصْلَح أحوالُ |
ولا عُرّيا من نجدة ٍ وسلامة ٍ | لِتْنَجَابَ أهوالٌ وتؤمنَ أوجالُ |
يروْنَ العطايا في المكارمِ والعلا | فرائضَ محكوماً بها وَهْيَ أنفالُ |
غيوثٌ لها ضوءُ الشموسِ وإنها | شُموسٌ لها صوْبٌ مِلثٌّ وأظلالُ |