لا تُكثرنَّ ملامَة العشاقِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
لا تُكثرنَّ ملامَة العشاقِ | فكفاهُمُ بالوجْد والأشواقِ |
إن البلاءَ يطاقُ غيرَ مضاعفٍ | فإذا تضاعف كان غير مُطاقِ |
أتلومُهم للنَّفعِ أم لتزيدَهُم | باللوم إقلاقاً على إقلاقِ |
ما للذي أضحى يلومُ ذوي الهوى | أمسى صريعَ مواقع الأحداق |
أنَّى يُعنِّف كل معنوفٍ به | يَثني يديه على حشا خفَّاقِ |
تهدِي الحمامة ُ والغراب لقلبه | شَجواً بساقٍ تارة ً وبغاق |
ويشوقُهُ برقُ السحاب وإنما | يُعنى ببرق المبسم البرَّاق |
متصعِّداً زفراتُهُ متحدِّراً | عبراتُهُ أبداً قريحَ مآقي |
لم يُسقَ فوه من الثغور شفاءَهُ | فلوجنتَيه من المدامع ساقي |
يبكي الشَجيُّ بعبرة ٍ مُهراقة ٍ | بل بالدماء على دم مُهراق |
تُضحي أحِبتُهُ تولَّى سَفْحه | عند الفراقِ وعند كلِّ تلاقي |
يجزُونَه طولَ الجفاءِ بأنه | لم يخْلُ من شغفٍ مَدَرِّ فُواق |
شهدَ الوفاءُ وكل شيءٍ صادقٍ | أن الجزاء هناك غيرُ وفاقِ |
أصغتْ إلى العشّاقِ أُذني مرة ً | ومن الجميل تعاطفُ العُشاق |
فشكا الشَجِيُّ من الخَلِّي ملامة ً | وشكى الوفيُّ تَلوُّنَ المذاق |
فَدع المحبَّ من الملامة ِ إنها | بئس الدواءُ لموجعٍ مِقلاق |
لاتُطفئن جوى ً بلومٍ إنه | كالريحِ تُغرِي النارَ بالإِحراق |
وأَرى رُقَى العُذال غير نوافعٍ | لاسيما لمتيم مشتاق |
ما للمحب إذا تفاقَم داؤُهُ | غيرُ الحبيب يَزورُهُ من راقي |
أخذ الإله لنا بثأرٍ قُلوبنا | من مصمياتٍ للقلوب رِشاقِ |
رقَّتْ مياهُ وجوههنَّ لناظرٍ | وقلوبُهنَّ عليه غيرُ رِقاقِ |
هِيفُ القدودِ إذا نَهضَن لملعبٍ | وإذا مَشيْنَ ثوادقُ الإيناق |
حَرنتْ بهن روادفٌ ممكورة ٌ | ومتونُهنَّ الغيدُ في إعناق |
يهززنَ أغصاناً تَباعُد بالجَنى | وتروق بالإِثمار والإِيراق |
ومن البلية ِ منظرٌ ذو فتنة ٍ | نائي المنافع شاعفُ الإيناق |
ومن العجائب أنْ سمحنا للهوى | بدمائنا وبخلنَ بالأرياق |
مُزنٌ يُمطن الرَّيّ عن أفواهنا | ويُجدْنَ للأبصارِ بالإبراقِ |
صَيدٌ حُرمناه على إغراقنا | في النَّزعِ والحرمانُ في الإِغراق |
وأما ومن لو شاءَ ما خلق الهوى | ولما ابتلى أصحابَهُ بفراق |
مامنْ مزيدٍ من بليَّة ِ عاشقٍ | وندى وخيرٍ في أبي إسحاق |
للَّه إبراهيمُ واحدُ عصره | ما أشبه الأخلاقَ بالأعراق |
أضحتْ فضائلهُ تؤمُّ به العُلا | وكأنهنَّ إلى السماءِ مَراقي |
لَصفحتُ عن دهري به وذنوبُه | قد أوبَقَتْهُ أشدَّما إيباقِ |
ملكٌ له فِطنٌ دقاقٌ في العلا | تركتْهُ والأخلاقُ غيرُ دقاقِ |
يستعبدُ الأحرارَ إلا أنه | يستعبدُ الأحرارَ بالإعتاق |
ومتى أصابكَ منه رِقُّ صنيعة ٍ | فكطوقِ زَيْنٍ لاكغُلِّ وثاقِ |
ياربَّ أسرَى للخطوب أصابَهُم | منه بإعتاقٍ وباسترقاقِ |
ولما تعمَّد رقَّهم لكنه | لابدّ للمعروفِ من أرباق |
والرقُّ في الإعتاق حكمٌ للعلا | حكمتْ به والأسر في الإطلاق |
رقُّ الصنائع في الرِّقاب وأسرُها | مامنهما وأبيكَ إلا باقي |
يامن يُقبِّل كفَّ كل ممخرقٍ | هذا ابن أحمد غيرُ ذي مخراق |
قَبِّل أنامله فلسن أناملاً | لكنهنَّ مفاتحُ الأرزاق |
حظيتْ وفازتْ من أناملِ سيدٍ | نفع المسودَ فساد باستحقاق |
نفخاته مُلكٌ وفي تأميله | رَوْحُ القلوبِ ومُسكَة ُ الأرماق |
وإلى ابن أحمدَ أرقلتْ بي ناقتي | في كل أغبرَ قاتمِ الأعماق |
جُبتُ الخروقَ بكل خِرقٍ ماجدٍ | إن الخروق مسالك الأخراق |
نأْتمُّ أروعَ نهتدي بجبينه | واللَّهُ ضاربُ قُبة ٍ ورواق |
كالبدر تم وكَلَّلته سُعُودُه | لازال شانئه هلالَ مُحاق |
قالتْ سعودي يوم فزتُ بقربه | قسماً لفزتَ بأنفس الأعلاق |
حُرٌّ تُذكرهُ الخطوبُ خلاقة ً | في الحال تُنسي الحر كلَّ خلاق |
يلقي الرجالَ ثناؤه وعطاؤُهُ | بذكاء رائحة ٍ وطيب مذاق |
خِرقٌ يعمُّ ولا يخصُّ بفضله | لكنه كالغيثِ في الإطباق |
عَفَّتْ مدائحهُ وعفَّ فما ترى | منكوحة ً إلا بخير صداق |
ألفيتُ عاذله يروضُ سماحهُ | ليعوقَ منه وليس بالمُنعاقِ |
شكراً بني حوَّاءَ إنَّ أخاكُمُ | من خير ما رزقتْ يدُ الرزَّاق |
أضحى ابن أحمد ساح ماءُ سماحه | فيه وماءُ شبابه الغيداق |
وأمدَّ من ماءِ الحياء بثالثٍ | صافي القرارة ِ رائق الرقراق |
للَّه أمواهٌ هناك ثلاثة ٌ | تُغذَى بهن مكارمُ الأخلاق |
أوفَى بأعلى رتبة ٍ وتواضعتْ | آلاؤُه فأحطن بالأعناقِ |
كالشمس في كبدِ السماءِ محلُّها | وشعاعُها في سائرِ الآفاقِ |
بل كالسماء وكلِّ مازِينتْ به | وكأرضها في قُربه من لاقي |
يامن يُسائل من له بكفائه | من للسماء وأرضها بطباق |
آسى هناتٍ مستشار خليفة ٍ | كافي شآمٍ مستماح عِراق |
مازال مشتركَ القِرى في دَهره | بين الطوارق منه والطُّراق |
فقرى لطارِقه يُحَلُّ نَطاقُها | من بعد ماشُدَّتْ أشد نطاق |
وقِرى ً يليه لطارقٍ طَلَب القرى | فجرى له بالعين والأوراق |
قسم الزمانَ على ضياء ساطعٍ | وندى كمعروف السماءِ بُعاق |
من لمحة ٍ بمشورة ٍ لمُملك | أو نفحة ٍ بجدى ً لذي إملاق |
فَلَهُ إذا الأيامُ أشبه خيرُها | يوم الضعيفة ِ صُبِّحت بطلاقِ |
يومٌ كيوم الصحو في إشراقه | وغدٌ كيوم الغيثِ في الإغداقِ |
لابل كِلاَ يوميه يُصبحُ فائزاً | بمحامدِ الإغداق والإشراق |
ياقُربَ مُستقَياته لوروده | يابُعد أغوارٍ هناك عماق |
قل للإمام إذ اجتباه لأمره | ظَفرتْ يداك بفاتقٍ رتّاق |
مِفتاحُ رأي حين يُغلقَ بابه | مِغلاقُ شر أيما مغلاق |
متوقِّد الحركاتِ تحسبُ أمرَهُ | لمعانَ برقٍ أو حفيف بُراق |
فإذا تفرَّد للخطوب بفكره | فله سكينة ُ حية ٍ مِطراق |
وإذا التقى أمرُ الوزيرِ وأمرُهُ | سدَّا طريق الحادث المُنباق |
شهدَ الخليفة إذ أعانا بأسَهُ | أن النِّصالَ تُعان بالأفواق |
إنِّي رأيتُك يابن أحمد سيدا | فينا بحق واجبٍ وحقاق |
لاحظتُ رِفدك عند إرفاد الورى | فرأيتهُ كاليمِّ عند سواقي |
جادُوا وُجدْت فأحدقتْ بثمادهم | غمراتُ بحرك أيما إحداق |
فتزاجروا عن غَيِّهم وتصارحوا | نُصحاً جلا الشُبهات بعد مِلاق |
ورأيتُ رأيكَ بين آراء العدا | كالسيف بين جماجمٍ أفلاق |
كادوا وكدتَ فأزهقْت مادبَّروا | إحدى هَناتكَ أيما إزهاق |
أرهَقتهمْ قدر البوارِ بقوة ٍ | وُهبت لرأيكَ أوشك الإرهاقِ |
ما للدهاة لدى محالك مَوْئلُ | لافي سلالمِهم ولا الأنفاقِ |
أنت الذي كبح المكائدَ كيدُهُ | حتى ركضْن دَوَامِيَ الأشداقِ |
للَّه دَرُّكَ من مضرٍّ مُرفقٍ | متألِّهِ الإضرار والإرفاق |
كم ظِلِّ يومٍ مُمطرٍ لك مُصعقٍ | متحمد الإمطار والإصعاق |
لَبستْ محاسِنُك المحامد إنها | نظرتْ فلم ترَ غيرها من واقي |
خُذها شَروداً في البلاد مقيمة ً | سمراً لذي سمرٍ وزاد رفاق |
أنت الذي ماقال فيه مُقرِّظٌ | قولاً فأسلَمَهُ بلا مصداق |
أنت الذي للوعد منه وعنده | سَبقٌ وللإنجاز وشكُ لحاق |
من ذا يعدُّ الحمد غيرك مغنماً | ويرى المواهب أفضلَ الإِنفاق |
من ذا يعدُّ النَّفل فرضاً واجباً | أو يجعلُ الميعادَ كالميثاق |
يَفديك من يُثني عليه صديقُهُ | بعبوسِ كبرٍ وابتسام نفاق |
يامن يجودُ لدى السؤالِ بطرفهِ | ولدى النَّوالِ بأحسنِ الإِطراق |
يامن صفتْ لي في ذَراهُ شرائعي | حتى تركتُ تتبُّع الأرزاق |
أضحى المديحُ يُساق نحوكَ إنه | يُلفى ببابك نافقَ الأسواق |
فالْبَسْه مالَبِسَ الحمامُ حُلْبهُ | في الأيك من وشحٍ ومن أطواق |
وعمِرتَ ماعمرت مكارِمُكَ التي | تَبلى ثياب الدهر وهي بواقي |
واسلمْ أبا إسحاق لابسَ غبطة ٍ | وعِداكَ للإبعاد والإِسحاق |