يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يدعو الحمامُ بها الهديلَ تأسِّياً | وتبارياً فوق الغصونِ المُيَّسِ |
فَمُفَجَّعٌ خلجَ الفراقُ قرينَه | وممتَّعٌ بقرينه لم يَبْأسِ |
متهزِّجٌ بَهجاً بألفة ِ شَملِه | هَزَجاً يخفُّ له الوقورُ المجلِس |
وشجٍ أماويتُ الشجى في صوته | لأياً تنالُ مسامعَ المتوجِّس |
فكأن لذة صوته ودَبِيبها | سِنة ٌ تمشَّى في مفاصل نُعَّس |
بان الشبابُ وأيُّ جار مَضِنَّة ٍ | ودَّعت منه وأيُّ عِلقٍ مُنْفِس |
لله دَرُّ العيش إذ أوطارُهُ | طُرَفٌ وإذ لذَّاته لم تُعْنَس |
عُذراتُهُ مَختومة ٌ وثمارُهُ | مكهُومة ٌ وجديدُه لم يُلْبس |
وتصيبُ بَعضَهمُ المصيبة ُ مرة ً | فتنوب نَوبتُها أخاه فَيَأتسي |
حتى كأن كلومهم مأْسوَّة ً | بكلوم إخوتهم تَعادِي أنفس |
فَبِع الأنيس من الأنيس فبيعُهم | وأبيك أكيسُ للأريب الأكيس |
هل ما ترى من منظر أو مَسمعٍ | أو مطعمٍ أو منكحٍ أو مَلْبس |
إلاّ وهم شركاءُ في مُتعاته | فمَن السليمُ من الشريك الأشْكَس |
لا بدّ للشركاء أن يتشاكسوا | في هذه الخمس التي لم تُسْدَس |
فَتَوقَّل النجواتِ من لمم الأذى | واحللْ لكل مَحِلَّة ٍ لم تُؤنس |
إن الحياة نفيسة ٌ مَوقوتة ٌ | فانفَس بها عمّا يُريبُك وانفس |
لو أن هذا الموتَ لم يَعْمُمْهُمُ | لَتَغاير الموتى سَجيسَ الأَوجَس |
فَلْينجُ من طَلبَ السلامة منهُمُ | وحبالُهُ بحبالهم لم تُمرس |
يسطو بسيف في المخاطبِ ناطقٍ | شَفعٍ بآخر من الضرائب أخرس |
هذا يُصمِّم في الفُصُوصِ وذاكُمُ | في أيما فصٍّ أصاب وأَبؤس |
ماضي القضاء يكاد يسبق عَضُّهُ | ظهرَ القَطاة صَليله في القَوْنَس |
أرواحُها الأرواحُ تَمَعج بينها | فترى بها منفُوسة ً لم تُنفَسَ |
فإذا أعارتْها الصَّبا حركاتِها | أنستْ كأُنس الناطق المتنفس |
ولقد أديرُ عيونهن كأنني | شمسٌ تدير ضُحًى عيون النرجس |
إحدى محابسكَ القديمة ِ فاحبس | واسأل معاهدها وإن لم تنبس |
دلت معالمُها على أغفالها | فعرفتُ دارسَها بما لم يدرس |
حتى إذا حسرتْ ظلالُ عمايتي | أعرضتُ عنه بصفحة ِ المستيئس |
لَضَلَلتُ إن أمَّلتُ مرجع ما مضى | أو منطق الرَّبع الأصم الأخرس |