أشدْ بأيامنا لتَشهرَها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أشدْ بأيامنا لتَشهرَها | وقلْ بها معلناً لتُظهرَها |
وابغ ازدياداً بنشْر أنعُمها | لا تخف إحسانها فتكفُرها |
مِنْ حَلَبِ الصُّنعِ أن تبادر بالنْ | نِعمة مُوليكها فتشكرها |
إنّا غدونا على خلال فتى ً | كرَّمها رَبُّنا وطهَّرها |
باكَرنا بالصَّبوح مُدَّلجاً | لنشوة ٍ شاءها فبكَّرها |
عاج بنا مائلاً إلى حِلَلٍ | قصورِ مُلكٍ له تخيرها |
من إرثه عن أبي مُحمَّده | يا لك مأوى العلا ومفخرَها |
أحكمَ إتقانها بحكمته | وشاد بنيانها وقدرها |
وسْط رياض دنا الربيع لها | فحاك أبرادها ونشَّرها |
وجادها من سحابه دِيَمٌ | ورَّد أنوارها وعَصْفَرها |
وساق ما حولها جداولُها | فشق أنهارها وفجّرها |
فارتوتِ الماء من جوانبها | فزانها ربُّنا ونضّرها |
فهْي لفرط اهتزاز رونقها | تُخيلُ نطقاً لمن تبصّرها |
كأنها في ابتهاج زهرتها | وجهُ فتى للسرور يَسَّرها |
إذا بدا وجهُهُ لزهرتها | حار لها تارة ً وحيرها |
واختار من أحسن السقوف لها | أفضلها قيمة ً وعَرْعرها |
مُشْعَرة ً بالشموس من ذهب | بين عيون تنير مُشْعرَها |
كأنها في احمرارها شُمُسٌ | يعشَى لها من دنا فأبصرها |
أمامها بركة مرخَّمة ُ | ترضى إذا ما رأيت مرمرها |
أعارها البحر من جداوله | لُجًّا غزير المياه أخضرَها |
كأنما الناظر المُطيفُ بها | فوق سماءٍ حنَى لينظرها |
رِباعُ مُلك يريك منظرُها | أنبلَ ذي بهجة وأكبرها |
لو قابلتْها نُبُلاً خلائقنا | لم نكُ في حسنها لنَعشِرها |
ثم أتى مُبدعاً بمائدة ٍ | عظَّمها جاهداً وكبرها |
محفوفة ً شهوة َ النفوسِ على | أحسنِ نَضْدٍ تروق مُبْصرها |
تخالها في الرُّواء من سعة ٍ | كدارة ِ البدر حين دوَّرها |
ثم انثنينا إلى الشراب وقد | جاء بآلاته فأَحضرها |
من تُحَفٍ ما تُغِبُّ فائدة ً | لم تكُ في وهمنا ولم نرها |
وَقينة ٍ إن مُنِحْتَ رؤيتَها | رَضِيتَ مسموعَها ومنظرها |
إذا بدَتْ لِلعيون طلعَتُها | أبدتْ لها سرَّها ومُضْمَرها |
شمسٌ من الحسن في مُعَصفرة ٍ | ضاهتْ بلونٍ لها مُعصفرها |
في وجناتٍ تحْمَرُّ من خجلٍ | كأن ورد الربيع حمَّرها |
يسعَى إليها بكأسه رشأٌ | أنَّثَهُ الله حينَ ذكَّرها |
تُشْبه أعلاهُ لا تُغادِرهُ | وينْثني مشْيها مؤزَّرَها |
يقول من رآهُ وعاينَها | سبحان من صاغه وصورها |
في كفّه كالشِّهاب لاح على | ظلماء ليلٍ دجتْ فنوَّرها |
كأن زُرْقَ الدَّبا جوانبها | تاحَ لها تائحٌ فنفَّرها |
إن برزتْ للهواء غيَّرها | أو قُرِعَتْ بالمزاج كدَّرها |
فليسَ لِلشَّارب الحصيف سوى | أن تتراءى له فَيَبْدُرها |
ثم أتت سرّعاً مجامرُهُ | تمنحها نَدَّها وعنبرها |
يا لذة ً للعيون قد عَلِمتْ | بأنها جُمِّعت لتبهرها |
أو شهوة ً للنفوس ما برحت | تُبدي لنا حسنها لنشهرها |
يا حسرتي كيف غاب وهب ولم | يكن لنا حاضراً فيحضُرها |
إذا أتى سالماً كمُنيتنا | أعادها محسناً وكررها |
أحسنُ من كل ما بَدأتْ | به أخلاقُهُ إذْ بدا وأظهرَها |
من كرمٍ يستبي مُعاشِرَهُ | وعشرة ٍ لا نذُمُّ مَخبرها |
وخدمة ٍ للصديق دائمة ً | تَجشَّمها النفسُ كي يوقرها |
تواضعٌ لا تشوبُهُ ضَعة ٌ | وشيمة ٌ لا يرى تفترها |
أيا خلال كَمُلْنَ فيه لقد | حسَّنها الله ثم كثَّرها |
ويا أبا القاسم اغتنِمْ مِدَحي | تغنمْ من المكرُمات أفخرَها |
واعلم بأني امرُؤٌ إذا سنحتْ | للفظه المأثُراتُ حبَّرها |
ثم حدا نطقَها بفطنته | فساقها مُوشكاً وسيَّرها |
ها إنها مِدحة ٌ مبالغة ٌ | إن امرُؤٌ منصِفٌ تدبَّرها |