ثلاثة جدران لحجرة التعذيب
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
(عند طلوع الفجر ) | ساقاومْ... | ما زالَ في الجدارِ صفحةٌ بيضاءْ | ولم تذبْ أصابعُ الكفينِ بعدُ... | هناكَ من يدَقْ | برقيةٌ عبر الجدارْ | قدْ أصبحتْ أسلاكُنا عروقُنا | عروقُ هذه الجدرانْ... | دماؤنا تصبُّ كلُّها، | تصبُّ في عروقِ هذه الجدرانْ... | برقيةٌ عبرَ الجدارْ | قد أغلقوا زنزانةً جديدهْ | قد قتلوا سجينْ... | قد فَتَحوا زنزانةً جديدهْ | قد أحضروا سجينْ... | ******** | (عندما ينتصف النهار ) | قد وضعُوا أمامي الورقْ، | قد وضعُوا أمامي القلمْ | قد وضعوا مفتاحَ بيتي في يدَي | الورقُ الذي أرادوا أن يُلطِّخوهُ | قال: قاومْ َ | والقلمُ الذي أرادوا أن يُمرِّغوا جبينَهُ في الوحلِ | قالَ: قاومْ | مفتاحَ بيتي قالَ: باسمِ كلِّ حجرٍ | في بيتكَ الصغيرِ قاومْ | ونقرةٌ على الجداره | برقيةٌ عبرَ الجدارِ من يدٍٍ محطّمهْ | تقولُ: قاومْ | والمطرُ الذي يسقطُ | يضربُ سقفَ حجرةِ التعذيبْ | كلُّ قطرةٍ | تصيحُ: قاومْ... | ******** | (بعد غروب الشمس) | لا أحدٌ معي | لا أحدٌ يسمعُ صوتَ ذلك الرجلْ | لا أحدٌ يراهُ | في كلِّ ليلةٍ وحينما الجدرانْ | تُغْلقُ والأبوابْ... | يخرجُ من جِراحَي التي تسيلْ | وفي زنزانتي يسيرْ | كانَ أنا، | وكانَ مثلما كنتُ أنا... | فمرةً أراهُ طفلاً | ومرةً أراهُ في العشرينْ | كانَ عزائيَ الوحيدْ | وحبيَ الوحيدْ | كان رسالتي التي أكتبها في كلِّ ليلةٍ | وكانَ طابعَ البريدْ | للعالم الكبيرْ | للوطنِ الصغيرْ | في هذهِ الليلةِ قد رأيتُهُ | يخرجُ من جراحي، ساهماً معذباً حزينْ | يسيرُ صامتاً ولا يقولْ | شيئاً كأنهُ يقولْ: | لن تراني مرةً ثانيةً لو اعترفتْ | لو كتبتْ... | |