يا سهير |
أنا في المنفى أغنّي للقطار |
وأغنّي للمحطّه |
أيّ هزّه |
حينما تومض في عينيّ غزه |
حينما تلمع أصوات الرفاق |
حينما تنمو كغابه |
من بروق ورياح |
حينما يلمع برق الكلمات |
كلمات من حديد |
تطرق الباب الحديد |
اطرقي يا قاهره |
واطرقي يا غزّتي |
واطرقوا يا إخوتي |
ولتضيء كلّ شبابيك القطار |
بعيون كالنّجوم |
بعيون العائدين |
لمتاريس الكفاح |
في بلادي وبلاد الآخرين |
ولتكن كلّ الأيادي عائله |
*** |
أيّ أيام عذاب |
أن يكون الحلم دوري في الكفاح |
وأنا أكتب دوري في الكفاح |
وأنا أخشى الإطاله |
في الرساله |
وأنا أكتب من أجل القناه |
وأنا أحذر من همس القلم |
وخطى السجّان فوق الورقه |
وبقلب القاهره |
قصف رعد المطبعه |
قصف رعد الكلمه |
يا لمجد الكلمه |
حينما تغدو عناقيد ضياء |
في أيادي الشعراء |
*** |
أيّ أيام عذاب |
وهنا ظلّ سماء من حديد |
وظلام في الظّهيره |
وسماء القاهره |
السماء الظّافره |
بنجوم الدّم تزهو في النّهار |
نجمة تومض من كلّ رصاصه |
أطلقتها من يد التلّ الكبير |
يد فلاّح شهيد |
لم تزل تنبض في التلّ الكبير |
نجمة من عرق الفلاّح حفّار القناه |
دمه الأبيض والنازف من نبع الجبين |
دمه الأبيض والنازف أمواه القناه |
نجمة من كلّ فلاّح وعامل |
في العراق |
رغم " نوري " والوثاق |
نجمة من كلّ ثائئر |
في الجزائر |
نجمة من كلّ أبناء السلام |
فوق أسوار بكين |
نجمة من كلّ شغيّل على أرض لينين |
نجمة من قلب عمّال المحطات البعيده |
فردوا الرايات مثل الأجنحه |
لن تمرّ الأسلحه |
نجمة من قلب بكداش الصديق |
نجمة من قلب عمّان المجاهد |
أبو خالد |
نجمة من كلّ جرح لم يضمّد |
في بلادي لمشرّد |
نجمة من ثغرك الزاهي النضير |
يا سهير |
يا سهير |
وخطى المستعمرين |
تفزع الأرض ضجيجا وجنون |
تهدّد |
تتوعّد |
بأساطيل ورق |
عائمات |
في وحول القرصنه |
الأساطيل التي سارت بريح القنبله |
وبريح السلب والنّهب وإعصار السموم |
وإلى السّور العظيم |
تضرب الشعب العظيم |
وبأفيون حشته في القنابل |
تفرض الوحل على الشعب العظيم |
الأساطيل التي حطّت على الهند الرحال |
وكأعاصير جراد |
تنهش الأرض وتمتصّ الحياه |
الأساطيل التي بيضّت السهل الكبير |
بعظام الكادحين الأشقياء |
الأساطيل التي جرّت شعوبا في المياه |
خلفها وهي تسير |
نحو أسواق الرقيق |
وهم أجداد " روبنسون " |
وهمو من يرعشون |
مثل أغصان الشجر |
وهمو من يبصرون |
خلف صلبان اللهيب |
نجمة سبارتاكوس المشتعله |
الأساطيل وما زالت شظايا القنبله |
بدماء الشهداء الأبرياء |
وهجا يلمع في موج ورمل اسكندريّه |
وعلى أمواج بيروت الضحيّه |
وهجا يصرخ لن تلقي الأيادي الهمجيه |
بمراسيها على أرض القناه |
فارفعوا الأيدي عن أرض القناه |
فبحار العالم المصطخبه |
لم تعد أمواجها للقرصنه |
والأيادي العفنه |
ليس هذا عصر توفيق الجبان |
لا ولا عصر ديجول |
مونتجومري والفلول |
ليس هذا عصر نوري مندريس |
عصر صيّادي الرؤوس |
عصر سفّاحي الشعوب القتله |
عصر حرّاس كنوز القرصنه |
ليس ذا عصر دالاس |
الأب الوارث من صدر الوحوش |
ما تبقّى من نفس |
إنه عصر جديد |
عصر إنسان جديد |
ولدته فوق أطلال " دين بين فو " |
الخضاب |
ابتسامات جياب |
عصر باندونج وأعراس الأمل |
عصر خبز وعسل |
عصر أطفال الجزائر |
عصر أطفال أمّ صابر |
عصر رايات عرابي العائده |
فوق أكتاف حمامه |
عصر غابات الملايو اللامعه |
وبومضات الرصاص |
وبأنوار الخلاص |
*** |
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير |
وينادي يا سهير |
أنت لن تلعب أيامك في ظلّ المدافع |
أنت لن تطغى على شدوك رنّات السلاسل |
وانفجارات القنابل |
فستنمين تحبين ةتغدين عروس |
وستنمو زهرة الحبّ وتكبر |
عمرها تسعة أشهر |
وستهدين إلى العالم طفله |
أيّ طفله |
هي لن تدرج في ظلمة خيمه |
لا ولن يجرحها سلك معسكر |
فستنمو وعلى درب ربيع ومسير |
وفلسطين ربيع ومصير |
رسمته بالجناحين حمامه |
حلم تحرسه كلّ الأيادي عائله |
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير |
وينادي يا سهير |
إنّه عصر يسير |
وأنا أيضا أسير |
ومع العصر الكبير |
رغم عجزي وأنا أبني المصير |
وأنادي يا سهير |
وتنادين أخي |
وبصوت كحفيف الأجنحه |
وذراعاي أخي مفتوحان |
منذ عام وشهور |
وهما تنتظران |
وهما تشتعلان |
كلّما صفّر في الليل قطار |
كلّما صاح مشرّد |
وهو يلقي وعلى منزلنا المطفأ نظره |
أيّ ثغره |
في متاريس الكفاح |
وكفى دقّا بكعب البندقيه |
لشبابيك بيوت الأصدقاء |
وأنا مثلك أغلي كلّما مرّ قطار |
وأنا ألعن عجزي كلّما طار خبر |
عن أياد صادقات كالشراشر |
طاردوها لتهاجر |
ولكي تعرق في أرض غريبه |
ولها أرض خصيبه |
ورحيبه |
وأنا ألعن عجزي |
كلّما طار خبر |
عن يد خلف الحدود |
أثقلت صدر المدينه |
بدخان المحرقه |
عن يد خلف الحدود |
لم تزل تنهش في كنز عرق |
لم تزل تنهش في كنز دماء |
لرجال ونساء |
في معسكر |
ضربت قبضة أيّار المعسكر |
وأنا ألعن عجزي كلّما هبّ ضياء |
عن رجال شرفاء |
وعلى أبواب غزّه |
و يد خلف الحدود |
ورنين القيد في كلّ رصاصه |
أثقلت أصداؤه أرض العراق |
وهي لم تثقل أمواه القناه |
*** |
أهنا معركتي خلف اللهب |
أهنا أقتات خبزا وغضب |
ودروب المعركه |
رحبه تحضن كلّ الخطوات |
رحبة ليست تضيق |
بصديق أو رفيق |
بأيادينا التي تبني الصداقه |
وعلى أنقاض أسلاك غريبه |
بين شعبين على أرض خضيبه |
وعدو يرتعش |
وهو في رعشته يطلق أنفاسا أخيره |
لرصاصات أخيره |
لم يعد يملك زادا أو ذخيره |
لم يعد يملك من أمر الحياه |
غير أشلاء مياه |
وهو يرميها على أرض القناه |
وعلى كلّ مكان |
قد غدا أرض القناه |
وبلادي قد غدت أرض القناه |
أوتدرين عذابي يا سهير |
وأنا أنهض في كلّ صباح |
ويدي أيّ يد جرداء من غير سلاح |
وهي لن تخضرّ إلاّ بالكفاح |
وهي لن تخضرّ إلاّ فوق أرض المعركه |
حينما تضرب جذرا من دماء |
في تراب المعركع |
أوتدرين عذابي يا سهير |
وأنا أنهض في كلّ صباح |
وبعينيّ شذى حلم الكفاح |
أنا أمشي في دروب القاهره |
تحت أقواس ربيع الكبرياء |
بين أغراس الدماء |
أحضن الأيدي التي تبني الضياء |
أحضن الأيدي التي تحرس أمواه القناه |
بالظلال الراعشات الساطعات |
ولحفّاري القناه |
وهمو يستقبلون |
وهمو يحتضنون |
كلّ بحّار على ظهر سفينه |
لم يخن مجد العرق |
وهو وضّاء على صدر القناه |
صوته يلمع كالبرق بإصرار الحياه |
إرفعوا الأيدي عن أرض القناه |