أرشيف الشعر العربي

ياضارب المَثَلِ المزخرفِ مُطْرِياً

ياضارب المَثَلِ المزخرفِ مُطْرِياً

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
ياضارب المَثَلِ المزخرفِ مُطْرِياً للحقد لم تَقْدح بزَنْدٍ وارِي
أصبحتَ خصم الحق تهدم مابنى والحقُّ محتجٌّ وأنت تُمارِي
أطريت غثَّك لاسمينك ضلَّة ً واخترت من خُلقَيْكَ غيرَ خيارِ
شبَّهتَ نفسك والأُلى يولونها آلاءهم بالأرض والعُمَّارِ
ورأيتَ حفظك ما أتوا من صالحٍ أو سيءٍ كرماً وعتق نِجارِ
وزعمتَ فيك طبيعة ً أرضية ً ياسابق التقرير بالإقرارِ
ولقد صدقتَ وماكذبتَ فإنهُ لايُدفَع المعروف بالإنكارِ
لكن هاتيك الطبيعة َ في الفتى مما تُلِط عليه بالأستارِ
ولَصمتُهُ عن ذكرها أولى به من عدِّها في الفخر عند فخارِ
فينا وفيك طبيعة ٌ أرضية ٌ تهوي بنا أبداً لِشرّ قرارِ
هبطت بآدمَ قبلنا وبزوجهِ من جنّة الفردوس أفضل دارِ
فتعوَّضا الدنيا الدنيّة كاسمها من تلكمُ الجنَّاتِ والأنهارِ
بئستْ لَعمرُ الله تلك طبيعة ً حَرمتْ أبانا قرب أكرم جارِ
واستأسرتْ ضِعفيْ بنيه بعدهُ فهُمُ لها أسرى بغير إسارِ
لكنها مأسورة ٌ مقسورة ٌ مقهورة السلطان في الأحرارِ
فجسومهم من أجلها تهوي بهم ونفوسهم تسمو سموّ النارّ
لولا منازعة ُ الجسوم نفوسهم نفذوا بسَوْرتها من الأقطارِ
أو قصّروا فتناولوا بأكفهم قمرَ السماء وكلّ نجم ساري
عَرفوا لروح الله فيهم فضلَ ما قد أثَّرتْ من صالح الآثارِ
فتنزَّهوا وتعظّموا وتكرموا عن لؤم طبع الطين والأحجار
نزعوا إلى النَّجد الذي منه أتت أرواحهم وسموا عن الأغوار
هذا عبيد الله منهم واحد لكنه هو واحد المِضمار
ملك له هِممٌ تُنيف على العلا ويدٌ تطول مواقع الأقدار
وإذا عطا للمجدِ نال بكفه ما لا ينال الناس بالأبصار
ولقد رأيت معاشراً جمحتْ بهم تلك الطبيعة نحو كل تَبار
تهوي نفوسُهُم هُوِيَّ جسومهم سِفلاً لكل دناءة ٍ وصَغار
تبعوا الهوى فهوى بهم وكذا الهوى منه الهُويُّ بأهله فحذار
لاترضَ بالمثل الذي مثلْتَهُ مثلاً ففيه مقالة ٌ للزاري
وانظر بعين العقل لاعين الهوى فالحق للعين الجليَّة عاري
الأرضُ في أفعالها مضطرة ٌ والحيُّ فيه تصرّفُ المختار
فمتى جريتَ على طباعك مثلَها فكأن طِرْفك بعدُ من فخّار
أخرجت من باب المشيئة مثل ما خرجتْ فأنت على الطبيعة جاري
أنَّى تكون كذا وأنت مُخَيَّرٌ مُتَصرف في النقض والإمرار
أين اصطراف الحيّ في أنحائه وحويلهُ فيما سوى المقدار
أين اختيار مخيَّر حسناته إن كنت لست تقول بالإجبار
شهد اتفاقُ الناس طرّاً في الهوى و تفاوتُ الأبرار والفجار
أن الجميع على طباعٍ واحد وبما يرونْ تفاضلُ الأطوارِ
فمتى رأيت حميدهم وذميمهم فبفضل إيثار على إيثار
قاد الهوى الفجارَ فانقادوا له وأبتْ عليه مقادة ُ الأبرار
لولا صروف الإختيار لأعنَقُوا لهوًى كما استقت جمال قِطار
ورأيتَهم مثل النجوم فإنها متتابعاتٌ كلها لمدار
مُتيمِّمات سَمْتَ وجهٍ واحد ولها مطالع جمَّة ٌ ومَجاري
فانسَ الحُقود فإنها منسية ٌ إلا لدى اللؤماء والأشرار
واعصِ الطباع إذا أطبَاك لحفظها واختر عليهتَكُنْ من الأخيار
مازال طبع الأرض يقهر لؤمَهُ مَنْ فيه رُوح الواحد القهار
لا تنسَ روحَ الله فيك وأنها جُعِلت لتصلِح منك كل عُوَار
إن الحُقود إذا تذكرها الفتى تحيا حياة الجمر بالمِسعار
ولعلها إن لا تضرّ عدوهُ وهو المسلِّف عاجل الإضرار
تَصلَى جوانحَ صدره من حقده بلهيب جمرٍ ثاقبٍ وأُوار
فلصدرِهِ من ذاك شرُّ بِطانة ولقلبه من ذاك شر سُعار
ذاك الذي نقد المكيدة نفسه نقداً وكاد عدوه بِضمار
ما نال منه مناله من نفسه وِترُ الأُلى وَتَروه بالأوتار
ردّت يداه كَيْدَه في نحرهِ وكذا تكون مَكايد الأغمار
وكفى الحقود مهانة ً وغضاضة ً أن لست تلقاه عدوّ جهار
لكنه يمشي الضَّراء بحقده ليلاً ويَلبد تحت كل نهارِ
يلقى أعاديه بصفحة ذلة ٍ سِلمَ اللسان مُحارب الإضمار
لكن أهل الطّوْل من متجاوِزٍ ومُعاقبٍ جهراً بغير تواري
طرحوا الضغائن إذ رأوا لنفوسهم خطراً ينيف بها على الأخطار
فانظر بعين الرأي لا بعينِ الهوى فالحق للعين الجليّة عاري
النفسُ خيرك إنها علوية والجسم شرُّك ليس فيه تماري
فانْقد لخيرك لا لشرك واتبِعْ أولاهما بالقادرِ الغفار
كن مثل نفسك في السمو إلى العلى لا مثل طينة جسمِك الغدار
فالنفس تسمو نحو علو مليكها والجسم نحو السفل هاوٍ هاري
فأعِنْ أحقَّهما بعونك واقتسِر طبع السِّفال بطبعك السَّوَّارِ
إياك واستضعافَ حقٍّ إنه في كل حينٍ حاضرُ الأنصارِ
والحق والشُّبَهُ التي بإزائه كالشمس جاوَرها هلالُ سِرارِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) .

الحزنُ منحلٌّ ومنعَقِدُ

عدلتُ عن الصّبا صَعَري وَمَيْلي

تُعنِّتُ بالمسواكِ أبيضَ صافياً

وزهَّدني في الناس معرفتي بهم

ليعاقب وسْمِيَّ جُودٍ وَليُّهْ


ساهم - قرآن ١