رقدْتُ وما ليلُ الغريب براقدِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
رقدْتُ وما ليلُ الغريب براقدِ | وما راقدٌ لم يرْعَ نجماً كساهدِ |
وكيف رُقاد الصَّبِّ ما بين سائقٍ | من الشوْق يُقريه النزاعَ وقائدِ |
إذا ما تدانيْنا مُنعتُ وإن تَبِنْ | جَزِعْتُ وما في المنْع عذرٌ لواجِدِ |
تبيتُ ذراعى لي وساداً ومُنْصُلي | ضجيعاً إذا ما بتُّ فوق الوسائدِ |
أحنُّ إلى بغداذ والبيدُ دونها | حنينَ عميدِ القلب حَرَّانَ فاقِدِ |
وأتركها قصْداً لآمِدَ طائعاً | وقلبي إليها بالهوى جِدُّ قاصِدِ |
ألا هلْ لأيامٍ تعلَّلْتُ عيشها | بها عودة ٌ أم ليس دهر بعائدِ |
بلى ربما عاد الزمان بمثل ما | بدا فحمدنا فعلَه غير عامدِ |
فما مثلُها للمُلْك دار خلافة | أجَلْ لا ولا للطيب مرتاد رائدِ |
وما خِلْتُنا مستبدِلِي بقعة ٍ بها | من الأرض لولا شؤْمُ صاحبِ آمِدِ |
أظنَّ أميرَ المؤمنين كغيره | من الناس تَبَّاً للغَويِّ المعانِدِ |
ألم ير أن الأمر في الأرض أَمره | وأن الذي يعصيه ليس بخالدِ |
وماعذر من ضلَّ الهدى وأمامَهُ | ضياءُ شهاب في دُجى الليل واقِدِ |
لقد رأبَ الله الثَّأى وجلا العمى | بمعْتَضِدٍ بالله للدين عاضد |
حليمٍ عليمٍ للرَّعية ناظرٍ | رؤوفٍ بهم يحنو عليهم كوالدِ |
يريحُهُمُ إتعابُهُ نفسَه لهم | ويُسْهِرُهُ إصلاحُ أحوال هاجدِ |
إذا ما العِدا لم يستجيروا بعفْوه | ويُلْقوا إليه خُضَّعاً بالمقالدِ |
سرى جَحْفَلٌ من بأْسه قاصداً لهم | فساقهمُ قهراً كسوْق الطَّرائِدِ |
وإن أرْصدوا منه لإدراك غرَّة ٍ | لقُوا دونها أسْيافه بالمراصدِ |
وما غَرَّهم لا يُبْعَد اللَّهُ غيرَهُمْ | بليْثٍ على لجْبِ المحجَّة صائدِ |
إذا ما انتضى للعزم صارمَ رأْيه | رأيتَ جميع الناس في مَسْك واحدِ |
ويكشف أعقابَ الأمور صدورُها | له فيراها غائباً كمشاهدِ |
ألست الذي ساد الورى وحَوى العلا | على رغم أنفٍ من عدو وحاسدِ |
منعتَ حِمى الإسلام ممن يكيدُه | وضاربتَ عنه قائماً غير قاعدِ |
وباشرتَ فيه كل لينٍ وشدة ٍ | وجاهدتَ عنه فوق جَهْد المجاهدِ |
غلاماً أميراً ثم كهلاً خليفة ً | بهمَّة ماضي العزم يقظانَ ماجدِ |
وكم مارقٍ من ربقة الدين خائن | لنعمى الإله عنده فيك جاحد |
دَلَفْتَ إليه فاستبحتَ حَرِيَمَهُ | بجيشٍ لُهامٍ كالمُدُود الزَّوائدِ |
وأسلفتَ إنذاراً وقدّمت عِذْرَة ً | لتقويم مُعَوَجٍ وإصلاح فاسدِ |
ولو شئتَ أطعمتَ المنية رُوحه | بأدنى غلامٍ أو بأصغر قائدِ |
وقد فَغرتْ فاهاً له غير أنها | تراقب إذناً منكَ غير مساعدِ |
وأنت تراعي الله فيمن تضمُّه | مدينتُه من مسلم ومُعاهدِ |
فلم يعصم ابن الشيخ تَشْييدُ سُوره | على رأس نيقٍ بالصَّفا والجلامدِ |
بل اغترَّ بالإحْصار منه وسوَّلتْ | له النفس غَيّاً ليس غاوٍ كراشدِ |
وما الحازمُ النِّحريرُ إلا الذي يرى | مصادرَ ما يأتيه قبل الموارِدِ |
وقد كان في الغيثِ المُواصل غوْثُهُ | يدافعنا عنه دفاعَ المُكايدِ |
فلما تقضَّى حيْنُه وتفرَّغتْ | عَزاليه ثُرنا كالليوث اللوابد |
فجادتْهُ من وُبل السهام سحابة ٌ | تسح ذُعافاً من سمام الأوسادِ |
وأمطرَهُ جذْبُ المجانيق جنْدلاً | وناراً تلظَّى كانقضاض الفراقدِ |
ودبَّ إليه الموتُ غضبانَ مسرعاً | باباته من محكمات المصائدِ |
ثلاثَة ُ أيامٍ فَقَطٍّ عُددتها | به ساهراً في ليله غيرَ راقدِ |
فأخرَجْتهُ مستخزياً راجلاً بما | بَثَثْتُ عليه من صنوف المكايدِ |
ولو لم يَعُدْ بالعفو منك لأرْقلَتْ | إليه المنايا في رؤوس المَطاردِ |
فأثبتَّهُ لما استقاد وقد دنت | ظباتُ السيوف من مَناط القلائدِ |
وأصبحتَ تحوي أرضه ودياره | وكلَّ طريف من حماه وتالدِ |
أباح وما قامتْ عليه لسفكه | شهادة ُ قاضٍ فهو أعدلُ شاهدِ |
بنقض شروط كان أحمقَ ناقصٍ | عُراها ولكن كنتَ أحزم عاقدِ |
فآب ذميمَ الفعل خزيانَ نادماً | وأُبْتَ كريم العفو جمِّ المحامدِ |
وأُبنا عِزازَ النصر تشكو ركابُنا | وَجاهاً ونشكو طولَ هجر الخرائدِ |
بأية ملأ مغنماً وسلامة ً | حواها رفيعَ العيش خوضُ الشدائدِ |
وليس كإِغْذاذ المسير وحثَّه | لتقريب لُقْيان الصديق الأباعدِ |
ولم أر مثل الشعر يَنْظم للعُلا | فنون الحُلى لو أنه غيرُ كاسدِ |