( 1 ) |
مازال معتزلاً يموج |
وزنبق في عينه |
يده ملطخة بماء الوقت |
في يده حرير الخيل |
بعد دقيقتين عميقتين يطل في كلماتكم |
للغصن تاريخ ومرآة وقيل نجومكم حبلت |
فلا تتأخروا |
ما زال مشدوهاً ومحترقاً |
وتصحبه القواقع والمحارات التي شهقت |
وسوف . دقيقتان غزيرتان |
وآه آه البحر |
لا تتناثروا |
قد ينهض البحر المسجى في السواحل |
راكضاً فرحاً |
وأحياناً ترافقه . |
ويسمع . قالت الأخبار |
إن بيوتكم ضاقت وإن السجن أوسع ما يكون |
مهيأ ، |
والموج كان يكون فوج الرفقة |
المتطاولين على النخيل |
يطل بعد دقيقتين صغيرتين |
الفتية المستهترون بموتهم |
نهضوا يطالون المدى الرملي في يدهم |
ولا يستسلمون |
الفتية اللاهون بالصلصال يعتمرون ثلج الوقت |
يبنون الذي هدمته عين الليل |
لا تتأخروا |
سيطل ، ما زال اللجام الأخضر المغزول من وبر |
على كتف الصهيل |
يسمعكم ، |
تمر دقيقتان مريرتان |
الشارع العربي يكسر قلب عبد الماء |
والمدن الغياب وسيعة |
ضاقت بمن فيها |
نوافذ هذه الأرض الطرية تستوي حجراً |
فلا تتكسروا |
للأرض ألف طريقة كي تولدوا |
فهنا الدقائق ليس في يدها مفاتيح القصائد |
قلب عبد الماء مائي ورمل مولع |
والأرض تطلع في القصائد مثل وشم |
فاكتبوا عن عشقها السري |
لا ماتت ولا عرف العساكر سرها |
قتلت و ها تمشي فلا تتأخروا |
سيطل تعرفه البحار |
وتعشق الأرض اضطراب يديه |
قبل دقيقتين ثقيلتين ليبدأ التكوين |
تعرفه القواقع والسواحل |
تهجس الأحجار ( سوف يجيء ) |
هذا الواسع المنزوع من شفق |
(يجيء ..) وتهمس الآفاق |
هذا النافر المجبول من قلق |
يغيم الواضح المألوف في العينين |
أحياناً . |
( 2 ) |
معتزل و مندفق العواطف مثل عاصفة |
ولا تثق العواصف |
كل دقيقة سفر |
يغادر حالة البحار |
يحشو فوهةً بالنار |
يعجنها ويكسر كل صارية سترجع |
يمسح الميناء يصمت ينطق الأشياء |
هذا الموج معتزل فلا تتساءلوا |
سيطل بعد دقيقتين صديقتين |
يجيء |
كل دقيقة شجر |
سمعنا قالت الأشعار : |
هذا الشارع العربي |
هذي الخيمة الأوتاد |
هذا الأسود الذهبي |
هذا الموت .. |
سوف يموت . |
قالت : سوف ترتادون . |
لا سفن ولكن موجة كالخيل |
حمحمة صهيل زرقة الصحراء |
جامحة خيول البحر |
لا أحداقه ضاقت |
ولا في الفتية المرحين من يسهو |
عن الشجر الذي يمشي |
وكانت قالت الأشعار : |
هل شجر ويمشي ؟ |
لم نصدق قامت الصحراء . |
( 3 ) |
مازال معتزلاً |
يداعب خرقة في كتفه اهترأت |
طواها مرةً صارت رسائل للمغنين |
استحالت بلبلاً نضراً |
وأحياناً ينشرها مناخاً كالوشيعة |
فتية كالملح فوق الجرح والأرض الوسيعة |
فارس ومغامرون . |
خرقة في كتفه |
خيط من الرايات |
داعبها دنت رسل القبائل |
فاحتذى في عزلة |
صاغ الكواكب وشوش الأخبار |
والصور القديمة والجديدة |
فز قلب الفتية اللاهين في وله |
دنوا فانداحت الواحات |
داعب فتيةً قذرين من شبق الصحارى |
عفرت أطرافهم في الرمل |
كان الرمل يلبسهم |
وكانوا مهرةً شقراء |
داعبها . |
أمعتزل؟ |
ويخرج من سرير الساحل الشرقي |
خرقته انتظارات |
وعزلته انتشار وامتزاج |
يجمع الشطآن |
داعب فتيةً ليجيء فيهم |
آه لا تتأخروا |
فالعمر محض دقيقتين دقيقتين |
الغصن صارية وتاريخ له |
ويقوم من ومض الرماد |
الدفة المعجونة الكتفين بالنيران |
والموج احتمال الغامض المألوف |
في العينين زنبقتان أحياناً . |
( 4 ) |
بكى من لوعة في قاع حسرته |
ولم تسمعه |
غير الدفة المكسورة الودجين |
لم تسمعه شقراء الجدائل وردة العينين |
لم تسمعه غير الريح مسرعةً |
بكى من زرقة في القلب |
لا تعب ولا خذلان |
لكن |
ربما شهقت شجيرات البنفسج |
في دم الإنسان أحياناً . |
( 5 ) |
أمعتذر ؟ |
يد في حمحمات الخيل |
سوف يطل بعد دقيقتين غريبتين |
الشعر مندفق وموج لا ينام |
ولا نوارس في عيون الأفق |
إلا واسمها في دفتر الصحراء |
معتذر؟ |
بنفسجتان في خديه |
هذا البحر هل يبكي ؟ |
سمعنا جاء في الأخبار |
والصور القديمة والجديدة |
موغل عار مضى |
مازال مرتدياً رسائلكم ويسهر عند باب الماء |
لا تتأخروا |
فدقيقتان جريحتان ويفتح القتلى دفاترهم |
وينتشرون |
يهدي البحر زرقته |
فتبدو هذه الصحراء عاشقة ونرجستين |
لا تستوحشوا |
ما كان مختضبا بماء كان في دمه |
ويلبس صخب هذا الموج |
مختلجاً |
كأن دقيقتين دقيقتين |
وسوف يدخل |
فاتركوا أثراً على ماء الصحارى |
قالت الأشعار : إن الأرض من ماء هنا |
والموج سيدها |
اتركوا أثراً |
فهذا الشارع العربي سوف يعود |
في خشب من السفن الكريهة |
فارقبوا الميناء |
والشجر الذي يمشي ويكمن خلف هذي الأرض |
لا تثقوا |
فكل مدينة بعثت رسائلها إلى الصحراء |
لسنا وحدنا |
( ما ضيعونا |
إنما ضاعوا بلا ماء على الصحراء ) . |
( 6 ) |
للغصن تاريخ ونافذتان |
للمتناقضين رسائل |
خجلٌ بنفسجتان |
سوف يطل |
لا متوحد في عزلة |
هل مات ؟ |
أو كسرت قوادمه الشموس ؟ |
يداه في غبش |
ونافذة تطل على شمال القلب |
نافذةً فلا تتكسروا كالعطر |
لا تتوزعوا مثل الزجاج الأزرق البحري |
فوق الرمل |
فالأعداء يختلسون نرجسةً |
ويختبئون في شجر |
وتكمن في السواحل آخر الأسماك |
لا تتكابروا |
للأرض ألف طريقة والبحر درب واحد |
هل مات ؟ |
بعد دقيقتين غريقتين يطل من غسق الليالي |
آه نافذتان نافذتان |
أوسع ما يكون الأزرق القلبي |
نصغي هسهسات؟ |
ربما يبكي |
فللبحر احتمال |
ربما يبكي |
فموج شاهق ترك احتراف الركض |
خلف الأفق |
موج هاجر الأعماق والظلمات |
موج مات |
لو يبكي |
لكي ينثال رمل الأرض |
في يده شجيرات من الخجل الإلهي |
افتحوا كفيه متعبتان |
فيه الشهق فيه البرق |
فيها الأزرق المقتول |
في يده |
دعوا يده فسوف تقول . |
( 7 ) |
- من أي البحار أتيت يا خيلاً يموج |
كأنه وطني ؟ |
- من البحر الذي سجنوه في وهم |
من الأسفار والسفن . |
( 8 ) |
بعد دقيقتين حريقتين يجيء بالنيران |
للسفن الرماديات |
ها موج يهاجر شرفة الميناء |
يفتح ثغرةً في الرمل |
ها موج إلى الصحراء |
بعد دقيقتين بعيدتين |
الفتية الغاوون يرتاحون في تعب |
هناك قبيلة ضربت خيام الرجع في الإسفلت |
فوق الشارع العربي |
مقتول ومعتزل |
يهيئ في يديه الأفق والجمرات |
يمعن يحرق الميناء والسفن التي تغري |
استديروا ها بريد البحر منطلق |
ويمرق في عروق الفتية اللاهين |
هذي النار توقظهم |
أطلوا . |
قالت الأشجار : بعد البحر تمتدون تجتاحون |
تبنون الكواكب في جذور الرمل |
معتزل |
يد في فتية عشقوا |
يد في فتية شهقوا |
يد في حلم بحارين يعتزلون |
قد تركوا سفين البحر |
لا ابتلوا ولا غرقوا |
يداعب |
كان عبد الماء . |
( 9 ) |
مات أو قتلوه |
أو ماتوا على أشلائه |
سيطل متكئاً على أضلاعه المتآكلات |
رموه في جب |
مشت عنه القوافل |
آه عبد الماء |
قبل دقيقتين طويلتين |
نسوك ممتزجا بأقواس البدايات |
انتضوا وطناً وسموه |
وأنت مغامر في الحلم |
ممتزج يصير الحب نافذةً على الأسماء |
هل قتلوه ؟ |
عبد الماء سوف يموت أحياناً . |
( 10 ) |
- أي معتزل سيفتح مغلق الصحراء ؟ |
- عبد الماء |
- وأي مقتول سيفضح لعبة الأسماء ؟ |
- عبد الماء |
عبد الماء منتشر تضيق به الفضاءات |
وعبد الماء محتمل تناقضه القناعات |
وعبد الماء مكسور القوادم |
يصبغ الطرقات من دمه |
وعبد الماء يجري الماء في دمه |
فلا تتمهلوا الراحات |
من جب |
ومن حجر شجاع يخرج البحر الذي غسل المدينة |
آه عبد الماء من وجع المدينة |
مغلق الصحراء منذور |
فلا تستمهلوا أفقاً تضج به السموات . |
( 11 ) |
تأمل في سراب الأفق مأخوداً |
- هي الأشجار |
حدق في رمال الشارع العربي |
في الأسفلت |
في . لكنها تمشي تدب |
فمن يصدق ؟ |
كانت الأشجار |
تمشي نحو عاصمة مضيعة |
وكان الفتية اللاهون منذهلين |
فالأشجار قادمة |
وبحر خارج في راية زرقاء . |
مأخوذ |
وكان الشارع العربي مسفوحاً |
مدائنه محاصرة بأشجار العدو |
الكامن المكشوف أحياناً . |
فلا تتكاسروا |
ردوا الوشيعة في رسائل خيله |
والبحر أعماق وأعشاب ونافذتان : |
واحدة تؤسس للمرايا غرفةً للعرس |
واحدة تهاجر في احتمال الشمس |
للمتناقضين رسائل وجـل |
و زنبقتان |
لا تتأثروا بعواطف القرصان |
كل سفينة ستعود في هزم |
ستحرقنا |
احرقوها |
من رماد الدفة المكسورة الودجين |
بعد دقيقتين جريئتين يغادر الإسفلت |
شارعه |
يصير الأسود الذهبي عوسجة وذكرى |
يغسل البحر الصحارى |
شارع عربي |
لا رَجْعٌ ولا مستسلمون ولا حيارى |
كل مرآة من التاريخ |
موج حوَّلَ الرملَ احتفالاً |
خرقة في كتف عبد الماء |
لا تستغربوا |
قتلوه . |
أو ماتوا على أشلائه |
للبحر أضلاع تآكلت اهتراء |
فاستوت للوقت متكأ |
له كتف قديم خرقة |
يتدفأ العارون والغرباء يكتشف الحيارى |
يرتخي في خيطها المتطاولون على النخيل |
يداعب خرقة فتصير خلقاً . |
( 12 ) |
آه عبد الماء |
يجهلك القراصنة المعارون |
( التهوا بالليل) |
تعرفك الصبايا الموغلات بعطرهن |
الدافق البحري |
بحار سلا البحر القديم |
عساكر الميناء تسأل عنك |
هل بحر ويحرق في اندفاق الحلم |
كل سفينة كي يهجر الشطآن ؟ |
مروا فتية مروا |
وكانت آخر الأخبار |
والصور القديمة والجديدة في معاطفهم |
(قديماً رمموا كهفاً وسموه سماء) |
قالت الأخبار |
فانداحوا تدافع بعضهم |
- ماذا تسمون السواحل دونما بحر ؟ |
( 13 ) |
مشى في الشارع العربي مختلجاً |
يجرجر ساعدين تكسرا |
والصدر مفتوح لحرب ساومت أعداءها |
في الشارع العربي : ( مقتول وأعرف قاتلي ) |
هل مات ؟ |
سوف يموت أحياناً . |
( 14 ) |
سلاماً زرقة الصحراء |
داعب خرقة في كتفه اهترأت |
فصار الماء والصبوات |
معتذر |
يد في غرة شقراء في كتف |
يد تنداح في دعة |
على الجسد المموج |
والحرير السارح الممراح |
يد ترتاح في حلم من الوبر المطيع |
معتزل ومتعذر ومقتول |
ويهلع حين ترتعش الخيول كأنها ألق |
ويلهج مثل أجنحة وينبثق |
أمعتذر |
وصهل المهرة الشقراء يشعل في خيوط |
الخرقة التاريخ نيراناً من الشهوات |
داعبها تضرج خصرها خجلاً |
سلاماً زرقة الصحراء |
يلهج أي موجة موغل في اللج لا يبتل ؟ |
( 15 ) |
ما زال يخرج من هزائمه الكثيرة |
بعض أشلاء وبعض رفاة |
لا حي ولا أمواته المرحون قد ذهبوا |
وما زالت هزائمه الكثيرة تصبغ الإسفلت بالأزرق |
يلملم بعض أشلاء وينهض . |
سوف يلقاه العساكر عندما يأتون |
هذا البحر معتزل ومقتول |
ولكن حارب الصحراء أحياناً . |
( 16 ) |
وقت |
وبعد دقيقتين شقيقتين |
يرافق صافنات الخيل |
( لا وحدي ولا سفن سترجع بي ولا ميناء ) |
بعد دقيقتين شريدتين يشف هذا الأفق |
إن عادت فسوف تعود أخشاباً بلا أسماء |
لا تتحيروا فالفتية اختضبوا مشوا في راحة |
ما زال معتزلاً |
وقد تعبوا |
وكل نوارس الميناء فوق نوافذ الصحراء |
ترتادون |
لا عطش فعبد الماء مندفق |
وليست شهوة سفراً إلى خشب |
دموع الشارع العربي في الأهداب |
معتذر وزند في صرير الباب |
لا رمل بلا لغة |
ولا اقتعد العشيق الدار |
لم يتأخروا مروا على رمل على حجر |
فباب الماء أوسع ما يكون |
الفتية المرحون يعتمرون جمر الوقت |
أغنية النوارس |
إنه كالدم منبثق |
ونافذة على البحر الذي احترقت أصابعه |
ونافذة على الصحراء |
عبد الماء هل موج ولا يبتل ؟ |
مختلج كأن الخلق بعد دقيقتين رهيفتين |
سيبدأ افتتحوا |
وكان الشارع العربي يكتب اسم عبد الماء |
هذا الوقت مائي |
سيمحوا . |
يونيو 1979 |