عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّة | حبائس عندي قد أَتَى أن تُسرَّحا |
ولم احتَبِسْهَا إذ حبستَ مثوبتي | لأن مديحاً لم يجد بعدُ مَمْدحا |
ولا أنّ بيتاً في قريضي مثبَّجاً | أخاف لدى الإنشاد أن يُتصفَّحا |
وما كان فيما قلت زيغ علمتُه | فأرجأتُهُ حتى يقامَ ويُصلَحا |
ولكنَّ لي نفس عليك شفيقة | تحاذر وِجدانَ العِدا فيك مَقْدحا |
إذا استشهدتْ ألحاظُهم عند مُنشَدي | شواهدَ وجدٍ إنْ تعاجمتُ أَفْصحا |
فأدِّي إليهم كلَّ ما قد علمته | رُواءً إذا ورَّى لسانيَ صَرّحا |
هنالك يُنْحِي الحاسدون شِفارَهم | لِعرضٍ مُناهم أن يَرَوْا فيه مَجْرحا |
فَتُلْحَى لعمري في ثواب لويتَه | وأنت امرؤ في الجود يلحاك من لحَا |
وكنت متى يُنشَدْ مديحٌ ظلمتَه | يكن لك أهجى كلما كان أَمْدحا |
إذا أحسن المدحَ امرؤ كان حُسْنه | للابِسِه قبحاً إذا هو أقبحا |
ومبتسِمٌ للمدح في ذي مروءة | فلما درى أنْ لم يثوِّبه كلَّحا |
رأى حسناً لاقاهُ جازٍ بسيءٍ | فَهلّل إكباراً لذاك وسبَّحا |
غششتُك إن أنشدتُ مدحِيك عاطلاً | وعرَّضْتُك اللُّوَّم مُمْسى ً ومُصْبَحا |
ولستُ براضٍ أن أراه مطوَّقاً | من العرف طوقاً أو أراه موشَّحا |
لأبهِجَ ذا ودٍّ وأَكبتَ حاسداً | مَسوءاً بما تُسدي وأَهْدي مُترَّحا |
وأدفع لؤماً طالما قد دفعتُه | بجهدي فأمسى عن حَرَاكَ مزحزحا |
مودة ُ نفسٍ شُبتُها بنصيحة ٍ | وأنت حقيقٌ أن تُوَدَّ وتُنْصحا |
وإن كنتُ ألقى ما لديك ممنَّعاً | ويلقاه أقوامٌ سواي ممتَّحا |
فيا أيها الغيثُ الذي امتدّ ظله | رُواقاً على الدنيا وصاب فَسَحْسحا |
ويا أيها المرعى الذي اهتز نبتُه | وَبَكّر فيه خصبُه وتَروَّحا |
عذرتُك لو كانت سماءٌ تقشَّعتْ | سحائبها أو كان روض تَصوَّحا |
ولكنها سُقْيا حُرمتُ رويَّها | وعارضُها مُلقٍ كلاكل جُنَّحا |
وأكلاء معروفٍ حمِيتُ مريعها | وقد عاد منها السهل والحزن مسْرحا |
عَرضتُ لأَذوادي وبحرك زاخر | فلما أردن الوِرْد أَلْقين ضَحْضَحا |
فلو لم تَرد أذوادُ غيري غِمَاره | لقلت سرابٌ بالمتان تَوضَّحَّا |
فيا لك بحراً لم أجد فيه مشرباً | وإن كان غيري واجِداً فيه مَسْبحا |
سأَفخر إذ أعطانيَ اللَّهُ مَفْخراً | وأبجح إذ أعطانيَ اللَّه مَبْجَحا |
مديحي عصا موسى وذلك أنني | ضربتُ به بحر الندى فتضحضحا |
فيا ليت شعري إن ضربتُ به الصَّفا | أيَبعثُ لي منه جَداولَ سُيَّحا |
كتلك التي أبدت ثرى البحر يابساً | وَشَقّت عيوناً في الحجارة سُفَّحا |
سأمدح بعض الباخلين لَعلَّه | إن اطّردَ المقياسُ أن يتَسمّحا |
ملكتَ فأَسْجِح يا أبا الصقر إنه | إذا ملك الأحرارَ مثلُك أَسْجحا |
تقبّلْ مديحي بالندى مُتقبَّلاً | أو اطرحه بالمنع المبيَّن مَطْرحا |
فما حقُّ من أَطراك ألا تُثيبه | إياساً ولا يأساً إذا كان أَروحا |
ألم ترني جُمَّت عليك قريحتي | وكان عجيباً أن أُجِمَّ وتنزحا |
فآونة ً أكسوك وَشْياً محبَّرا | وآونة أكسوك ريْطاً مُسيَّحا |
محضتُك مدحاً أنت أهل لمحضِه | وإن كان أضحى بالعتاب مُضيَّحا |
وهبنيَ لم أبلغ من المدح مَبْلغاً | رضيّاً ألمْ أَكْدَح لذلك مَكْدحا |
بلى واجتهادُ المرءِ يوجب حقَّه | وإن أخطأ القصدَ الذي نحوَه نحا |
أتاك شفيعي واسمه قد علمتَه | لتُرجِعه يدعى به وبأَفْلحا |