مقسّم الخاطر ولهانه
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مقسّم الخاطر ولهانه | مخبرٌ عن شانه شانه |
تكلمت مهجته بالأسى | وعبرت بالحال أجفانه |
بالروح أفدي أغيداً قد بدا | يخطّ فوق الخدّ ريحانه |
عادٍ على نوم الورى ناهبٌ | وهو ثقيل الجفن وسنانه |
يحمي شقيق الروض في خده | وبالقنا يحجب نعمانه |
واهاً له خداً حكى جنة | وخاله الأسود جناته |
أضحى معاذاً من سلوي فما | يزال يضني القلب فتاته |
يا واعداً من بعده بالردى | يكفي من الواعد هجرانه |
تجنى بساتين البرايا وقد | جتى على رآئيك بستانه |
و عاذل مقلته لا ترى | والصبّ لا تسمع آذانه |
يجهل جهل الثور في عذله | فخله يطلق فدانه |
ما أكتم القلب لتبريحه | وقد توارت منه نيرانه |
قلمبت يا قلبي زنداً فما | يضره للنار كتمانه |
ان كان حزني من رضاها جرى | فمن سرور القلب أحزانه |
و جيرة في القلب أسكنتهم | فارتحل البيت وسكانه |
و أصبح المغرم قد فاته | مكانه منهم وإمكانه |
اذا دعا خادم شجو إلى | دمعٍ جرى في الحال مرجانه |
فقلبه في مصر مستودعٌ | وفي أقاصي الشام جثمانه |
أغصه النيل بدمع الأسى | ومررت ذكراه حلوانه |
و شيبت أيدي النوى شعره | وشاقه الدير وشعرانه |
حيث الصبا تركض أفراسه | وتقنص الآرام فرسانه |
من كل ريم قد تشوقته | من قبل أن تشتاق أوطانه |
أبداه بالذكر فأعجب لمن | يبدأ بالساكن بنيانه |
لمنطق من ذكره حسنه | ومن علاء الدين إحسانه |
أنا أمير الشعر في وصف ذا | ومدح ذا رتب ديوانه |
فازت يدا من بعلي الندى | تعلق يمناه وأيمانه |
ذو السر والبر فيا حبذا | أسراره الطهر وإعلانه |
و المرتقي علياء يعشو إلى | كتابه في الأوج كيوانه |
و رتبة في الافق قد رجحت | من قبل أن يرصد ميزانه |
للدين والدنيا عليه سناً | يعرب عن فحواه عنوانه |
فحبذا لمادحيه الندى | وأنعمُ الله ورضوانه |
الشعر فيه ملك قابل | وقابل في الغير شيطانه |
لوعده من كرم ذكره | حتى اذا وفى فنسيانه |
كأنما البحر له راحة | وهذه الأنهر خلجانه |
كأنما ألفاظه روضة ٌ | وهذه الأطراس غدرانه |
زهت رياض الملك من حين ما | هزّت من الأقلام أغصانه |
و طوق الخلق بإنعامه | فرجعت بالحمد ألحانه |
لطائف البيت الذي لم يزل | لطائف الآمال أركانه |
كل امرئ سلمانه بالولا | وكل مهدي المدح حسانه |
من معشرٍ هم في الندى سحبه | وفي ظلام الخطب شهبانه |
إلى فتى الخطاب ساميهم | تفننُ الفضل وأفنانه |
من عمر نور التقى والعلى | إلى عليّ آل برهانه |
فأنت ذو النورين من ذا وذا | عليه أم أنت عثمانه |
يا شائد البيت النظيم الذي | على التقى أسس بنيانه |
يا صاحب اللفظ فريداً به | فهو على الحالين سحبانه |
يا راشق الرأي السديد الذي | أنفذه بالسعد سلطانه |
ياذا اليراع المجتلي بارقاً | وفي فجاج الأرض هتانه |
مجانس يحيى العلى والردى | خطابه الحلو وخطبانه |
في يدك البيضاء يوم الوغى | يلتقم الأهوال ثعبانه |
و في الندى يا نوح عمر العلى | يلتهم الأموال طوفانه |
كالذابل الخطي لكنه | في البر أو في الخصب ريانه |
ما لبس من لاقاه يوم الوغى | دروعه بل هي أكفانه |
لو لم ينبه جفنه كالئاً | ما غمضت للسيف أجفانه |
لو لم يحرر قوله مفصحاً | ما صممت في الروع خرسانه |
لو لم يصغ جوهر إدراجه | ما أزهرت بالمدح تيجانه |
يا صاحب الهيبة ألية | حيث الرجا تفهق غدرانه |
يا صاحب الرأفة والعطف لا | نسيم نعمانٍ ولا بانه |
يا سيدي دعوة ذي حالة | أحالها الدهر وعدوانه |
تفليسه في الشام بعد الغنى | يقضي بأن القلب حرّانه |
فارق أولاداً وأهلاً وما | تحملت للبين أظعانه |
ذو الفقر في أوطانه نأيه | وذو الغنى في النأي أوطانه |
ضاق به إلا اليك الفضا | وحثه حاشاك حرمانه |
فالدهر لونٌ واحدٌ عنده | طراً وعند الناس ألوانه |
سقياك يا من في يدي فضله | سيحان داعيه وجيحانه |
و دونك الأجر الذي قبله | سريع هذا الفضل عجلانه |
هذا وذا البحر أتى دره | وجاء للمعدن عقبانه |