يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا طالب الجود لا تتعب أمانيكا | فقد تغيب نجمٌ كان يهديكا |
ويا فتى القصد يروي عن غمام يدٍ | فلك الذي كان ترويه ويرويكا |
إنا الى الله من دهياء قد جعلت | معنى التصبر بين الناس متروكا |
و حسرة ثنت الأجفان جارية | والقلب تحت أسار الحزن مملوكا |
آهاً لفقدك نجم الدين من رجلٍ | لو أن آهاً تروي غلتي فيكا |
أرعى النجوم لعلي أن أراك بها | لا بالثراء وقبل أن أراعيكا |
و أسكب الدمع محمراً كأني قد | أجريت ذائب ما أعطيت مسبوكا |
من لي بنفس يكون الخطب قابلها | فكنت أفدي حمى العليا وأفديكا |
مالي اناديك والنعماء صامتة | وما عهدتك تلقى من يناديكا |
هذا الغياب الذي قد كنت أحسبه | حتى أكاد قبيل الفقد أبكيكا |
لهفي عليك لفضل ماتركت به | في القول فضلا ولا في الخلق صعلوكا |
لهفي عليك لبيت قد تحيّفه | عروض دهر فأضحى البيت منهوكا |
لهفي عليك لأحكام مسددة | تدني إلى الغرض الاقصى مراميكا |
لهفي عليك لآداب مهذبة | لحظاً يراعيك أو لفظاً يناجيكا |
إن يفقد المستفيد العلم من كلم | ملكاً فقد فقد الصوفيّ تسليكا |
من للفضائل تحلوها لهاك لنا | وللفواصل تجلوها مساعيكا |
من للقصائد يستوفي موازنها | فيض الندى وهو من جدوى معانيكا |
من للمعاني التي صيرت غايتها | للأسر عتقاً وللأحرار تمليكا |
فمن يجاريك يعرف قدر ما فقدت | منك الأنام وقل لي من يجاريكا |
قالوا السراة كثير حين تخبرهم | الآن يبصر من يسري مساريكا |
ماكان ضر المنايا في تقبلها | لو تستبيح بني الدنيا وتخطيكا |
يا غائباً ولهى كفيه حاضرة | مهما سلوت فلا والله أسلوكا |
اني لأذكر للاحسان مرّ يدٍ | فكيف أنسى وقد حلّت أياديكا |
واخجلتا لمقام قد حضرت به | وما سقاني بكاس الموت ساقيكا |
و في لك الجود لما صح ذينكما | نعم ومالخل إلا من يوافيكا |
و أصبحت قضب الاسلام ناكسة | شعثاً محاسنها تحكي مساويكا |
كانت عواليَ يستكفي الزمان بها | ثم انقضت فروينا عن عواليكا |
ما كنت إلا غماماً زال عن أفق | من بعد ما كفت الدنيا غواديكا |
وطود حلم هوى من بعد ما زحمت | وكرُ السما ونسريها معاليكا |
تلقى أعاديك بالإحسان مبتسماً | حتى يكاد وليٌ أن يعاديكا |
وتحمل الأمر قد أنضت فوادحه | صمّ الجبال ولكن ليس ينضيكا |
لو شكّ طرف امريء في الشمس طالعة | لم يبق في فضلك الوضاح تشكيكا |
ولو حمى المرء من موت صنائعه | لأقبلت من فجاج الأرض تحميكا |
هذي وفودك قد أمت ثراك كما | أمت بعين الندى قدماً معانيكا |
قاموا يعزون فيك اليوم أنفسهم | وقمتُ في الجود والعليا أعزيكا |
أمرّ بالربع والأجفان تنشده | بليت ياربع حتى كدت أبكيكا |
كأنّ بابك لم تحفل مواكبه | وبرق بشرك لم يحلب عزاليكا |
بعدا ليومك ما أبكى نواك وما | أحلى لمطلب النعمى مجانيكا |
حسّت دمشق وفاضت نفسها أسفا | أما ترى محلها بالمحل مسفوكا |
كانت أياديك من بين البلاد بها | ستراً فأصبح ذاك الستر مهتوكا |
اذا شدا الطير شقّ الزهر من أسفٍ | ثيابه فكأن الطير يرثيكا |
لا تبعدن فلا لاقيت مغربة ً | ولا سلكت طريقاً ليس مسلوكا |
ولا انثنيت قصيّ الدار محتجناً | إلا وشخص بنيك الطهر يدنيكا |
جادت ضريحك أخلاف الغمام ولا | زالت تجرّ ذيولاً فوق ناديكا |
ما أنت ميت وهذا الذكر منتشرٌ | وانما نحن موتى من تناسيكا |