وقائع حبّ حاد في كرها فكري
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
وقائع حبّ حاد في كرها فكري | فمن حسدٍ تمشي ومن أدمعٍ تجري |
ولاحٍ ثقيلٍ في مليحٍ ممنعٍ | فيا لكَ من أحدٍ لديّ ومن بدر |
يظلّ أبا جهلٍ عليّ بجهله | وأمسي بأوصاف السقام أبا ذرّ |
وأغيد في فيه المدام ولحظه | وفيّ وفي أعطافه نشوة السكر |
تداويت من ألحاظه برضا به | كما يتداوى شاربُ الخمر بالخمرِ |
ونزهت فكري في بدائع حسنه | وفي عقلِ عذالي على أنها تغري |
تبارك من أنشا بخديه زخرفاً | وسبحان من أنشى عذولي بلا حجر |
لعمري لقد قاس الهوى نحو صبوتي | مقاييسَ لم تعبأ بزيدٍ ولا عمرو |
وأنفقت عمري في المليح محبة | فان يسلني عذل فيا ضيعة العمر |
واني لعذري الصبابة ان روت | حديث الاسى عني الدموع فمن عذري |
تسابق بيض المزن حمرُ مدامعي | فتسبقها والسبق من عادة الحمر |
ويسهرني ومضُ البروق كأنما | تبسم في لعس السحائب عن ثغر |
أما ومليح العصر انك بالبكى | و بالسهد يا إنسان عيني لفي خسر |
معنى بوسنان اللواحظ سارق | كرى مقلني من حيث أدري ولا أدري |
يجرّ بنون الصدغ قلبي للأسى | و ما خلت أن النون من أحرف الجر |
يقابل دمعي باسماً فكأنما | ينظم ما أملت جفوني من النثر |
وما لي لا أبكي على درّ مبسم | كما بكت الخنساء قبلي على صخر |
وأجري عيون الدمع فائضة على | عيون المها بين الجزيرة والجسر |
ظباء بشطي نيل مصر لأجلها | يقول حنين الشوق آهاً على مصر |
خليليَ شابت في النواظر لمتي | و شب الأسى نار التذكر في صدري |
فلا تنكرا تعبيس وجهي فانما | تنقل ذاك الابتسام إلى شعري |
وزالت بصبح الشيب عني خلني | فكان زوال الشمس للصبح لا الظهر |
ويارب ليلٍ كان لي بكؤوسه | و مبسمه سلك ينظم بالدر |
تولى ووافى بالهموم كدملٍ | أكابده في الحالتين بلا فجر |
كأن النجوم المائلاتِ بأفقه | مفارق شيب لا تسرّ ولا تسري |
سقى الله أيام الشباب التي خلت | من السحب أحلى ما يسيل من القطر |
رأيت شباب المرءعوناً على الهوى | وجود ابن فضل الله عوناعلى الدهر |
إذا ذكرت أهل السيادة والعلى | فعد ابن فضل الله فاتحة الذكر |
إذا شمت منه طلعة ً علوية ً | فغال الثنا وارفض سنا لأنجم الزهر |
إذا ما علاء الدين حام فخاره | فسل ثم عن نسر الكواكب لا النسر |
وزيرٌ بلا وزرِ وقاضٍ بلا هوى ً | و غيث بلا عيب وبحرٌ بلا ضر |
يسابقني لفظي لوصف زمانه | و بالطبع تشدو الورق في الورق الخضر |
و يخدعه مثلي فيخدع للندى | سريعاً ولا والله ما هو بالغمر |
فسيح مجال الصدر بالبر للورى | فيا لك من بحرٍ ويا لك من بر |
و يالك من لفظٍ وفضلٍ لطالبٍ | يحقق أن الصدرَ والكف من بحر |
و يالك مجداً جل رائيه عن عمى | ويا لك بحراً جلّ عافيه عن نهر |
يسر به ملك ويحمي ثغوره | فليس يزال الملك مبتسم الثغر |
و مازال شفعاً بأسه ونواله | لدى الملك حتى ما ينام على وتر |
فما الشمس في ظهر مثيلة وصفه | ولا مثله فيما تقدم من عصر |
و مافيه من عيب يعد لناقدٍ | سوى أنه بالجود مستعبد الحرّ |
و أن ثناه فاضحٌ حصر الورى | وأنَّ نداه لا يحاول بالحصر |
من القوم في بطحاء مكة أصلهم | وأفناؤهم في الخلق فواحة الزهر |
إذا فرَّق الفاروق في الخلق ذكرهم | فيا حبذا الاطهارُ تعزى إلى الطهر |
إذا ذكرت أقلامهم وسيوفهم | فناهيك بالحمر الرَّواعف والسمر |
طوى شخصهم دهرٌ وقام بمجدهم | يفوح ثناً يستقبل الطيَّ بالنشر |
له قلمٌ يدعو الدواة كتابة | ويغزى به عيش الملوك إلى النضر |
حفيّ غداة المكرمات أو الوغى | ببيض أياديها وأعلامها الصفر |
و نظم ونثر يخرجان ذوي النهى | لعمرك من أرض التثبت بالسحر |
لأجيادنا منه وللطرس حلية ٌ | فأجيادنا بالجود والطرس بالشذر |
و للحرب صف من سطورٍ كأنها | حديدٌ يسوق الناكثين إلى الحشر |
بكف كريم الإرث والكسب في العلى | فمن خبرٍ نامي الفخار ومن خبر |
همام إذ الآراء حثت لغارة | كريمٌ إذا حثت على الكلم الغرّ |
له منزل في القلب من كل جحفلٍ | وفي المحفل السامي محلٌّ من الصدر |
بزهرٍ من الآراء والقول واللهى | روينا صحيحَ الحمد منها عن الزهري |
فيا حبذا عبد الرحيم توسلاً | ويا حبذا الطائي في الجود والشعر |
ألم ترني أني نهضت بمدحه | وألقيت أمداح البرية عن فكري |
أمولاي قد غنى بمدحي لك الورى | وسارت به الركبان في السهل والوعر |
و قصّر عن نظمي الأنامُ وشيدت | عليك مباني بيته فهو كالقصر |
اذا رفعت قدري بمدحك ليلة | تيقَّن قصدي انها ليلة ُ القدر |
وقضيتها والنيرات تمدني | سلاماً وتسليماً إلى مطلعِ الفجر |
على أن عندي كأس شكوى أديرها | على السمع ممزوجاً بمدمعي الغمر |
أيكسر حالي بالجفاء وطالما | تعودت من نعماك عاطفة الجبر |
و يدفعني عن قوت يومي معشرٌ | وأنت عليهم نافذُ النهي والأمر |
و لو كان ذنب لاعترفت به ولا | تحيَّلت في عذرٍ ولا جئت من غفر |
أحاشيك أن يدجو زماني بعدما | أضاءت بشعري في المدائح من شعري |
بنيت على ضمٍّ ولاءك في الحشا | فلا تبن بيت القلب مني على كسر |
وان تخف ياذا السر عنك محبتي | فشاهدَ حبي عالم السرّ والجهر |