يمكن الكلام عن الماندولين ، إلاّ بلغة الماندولــين . أعني أن اللغةَ المعروفة ( أي التي نعرفُــها ) |
ليست أداةً للكلام عن الــماندولــين . والسبب بسيطٌ ( جداً ؟ ) … السبب أن ألـ ـ مـا ـ |
نْــ ـ دو ـ لِــيْـ ـ نْ ، هي موســيقى . خشــبٌ يُــنْــبِــتُ مــوسـيقى . |
لا تَـقُـلْ لي رأسـاً إننــي مرتبكٌ أو مُتَـلـبِّــكٌ … No , no, please ! . أنا بكامل هدوئي. |
كنتُ في عدنٍ … |
كنتُ خلّـفتُ أرواحَ نجدٍ إلى يَــمَــنٍ |
كنتُ في عدنٍ |
دَندَنَ العودُ : دانَــى ودانَــى … |
ومِـن حَـضرموتَ الأغاني |
وقد كنتُ في عدنٍ ! |
غريبٌ أمْــرُكَ معي ! أقولُ لكَ إن قصّــتي مع الـماندولين حَـقٌّ . بمعنى أنها ليست كما تفهمُ أنتَ الشِعرَ . |
أي أنني أتحدّثُ عن ماندولين حقيقيّــة ، من لوحٍ ودمٍ . ماندولين نائمة بارتخاءٍ في صــندوقٍ مبطّـنٍ بمخملٍ أزرق. أتستزيدني؟ حســناً ! أقولُ لكَ إنني ابتعتُها من شـابٍّ كان تدرَّبَ عليها ، في ألـمانيا الديمقراطيّـة ، ثمّ هجرَها ، هنا ، إلى العود ( لا مشكلَ |
أَمّـا أنا فـطعامي أنتَ تعرفُــهُ : |
قلبُ الشِـفَـلِّـحِ |
والـحَـلْـفاءِ |
أو ، تَـرَفـاً ، رحيقُ ما أنبَتَ الـبُـرديُّ والقصبُ … |
كأننا ، الشعراءَ ، النَّـــوءُ والسُّـحُـبُ ! |
الهـامُّ ( مَـن يدري ؟ ) ، أن الشابّ قبِــلَ ، بعد ترددٍ هيِّــنٍ ، أن يدرِّسَــني الماندولينَ التي ابتعتُـها منه . الأجرُ على قَــدْرِ المشَــقّــة ( لم يقُلْ هو ذلك … ) . كان يأتي في الضحى العدنيّ الرطبِ مبتسماً |
دائماً . يفتح الصندوقَ ، ويُخرجُ الماندولين من نعاسها في المخمل الأزرق . ويقول لي : نبدأ … |
نتدرّب على : |
آه ، يا زين ، آه يا زين … |
آه ، يا زين العابدين |
يا وردْ ! |
يا ورد مفتّح بين البساتين .. |
يعلِّــمني كيف أُمسِكُ بمثلّث البلاستيك الدقيق الذي يصل بيني وبين أوتار الماندولين ، مثل ما يصلُ الراهبُ بين الـمرءِ والله . أمضي معه ( طبعاً هي قصّــةُ أســابيعَ ، وإلاّ كيف ؟ ) … |
أبلُــغُ : يا ورد … |
يا أُمَّ الله المقدّســة ! |
وبعدَها كيف أمضي ؟ |
يا ورد / مْـفَـتْ / تَـحْ / بين / ال / بسا/ تين … |
لكننــي سـأفِـرُّ من عدنٍ إلى البحر المهدَّدِ بالرصاصِ |
سأتركُ البيتَ المعرَّضَ للقذائفِ ، حيثُ أوراقي تَـطايَـرُ |
في هواءِ السُّــمِّ والبارودِ … |
خلَّـفتُ الحقائبَ كلَّها ؛ وهــي الخفيفةُ . وارتقيتُ |
الســُّورَ مرتبكاً : |
تركتُ الــمـــانـــدولــيــــــن ! |