سهرت عليكِ لواحظُ الرقباء
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سهرت عليكِ لواحظُ الرقباء | سهرا ألذّ لها من الاغفاء |
فمتى أحاول غفلة ً ومرادهم | بيعُ الرقاد بلذة استحلاء |
ومتى يقصر عاذلي ورجاؤه | في مرّ ذكرك دائماً ورجائي |
قسما بسورة عارضيك فانها | كالنمل عند بصائر الشعراء |
وجفونك اللاتي تبرحُ بالورى | وتقول لا حرجٌ على الضعفاء |
اني ليعجبني بلفظ عواذلي | مني ومنك تجمع الأسماء |
وتلذ لي البرحاء أعلم أنه | يرضيكِ ما ألقى من البرحاء |
ويشوقني مغنى الوصال فكلما | ذكر العقيق بكيتهُ بدمائي |
أيام لا أهوى لقاك بقدر ما | تهوي لإفراط الوداد لقائي |
متمازجان من التعانق والوفا | في الحبّ مزجَ الماءِ بالصهباء |
لو رامت الأيامُ سلوة َ بعضنا | لم تدرمن فينا أخو الاهواء |
وصلٌ سهرتُ زمانه لتنعم | وسهرتُ بعد زمانه بشقاء |
يا جفن لست أراك تعرف ماالكرى | فعلام تشكو منه مرّ جفاء |
كانت لياليَ لذة ٍ فتقلصت | بيد الفراق تقلص الأفياء |
ومنازل بالسفح غُير رسمها | بمدامعِ العشاقِ والأنواء |
لم يبقَ لي غيرُ انتشاقِ نسيمها | ياطولَ خيبة ِ قانعٍ بهواء |
كمؤمل يبغي براحة ِ واهبٍ | كرماً ويتركُ أكرمَ الوزراء |
الصاحب الشرف الرفيعِ على السها | قدراً برغمِ الحاسدِ العواء |
ندبٌ بدا كالشمس في أفق العلا | فتفرقت أهلُ العلا كهباء |
عالي المكانة حيث حلَّ مقامه | كالنجمِ حيث بدا رفيعَ سناء |
ما السحبُ خافقة ٌ ذوائبُ برقها | بأبرّ من جدواه في اللأواء |
لا والذي أعلا وأعلن مجدهُ | حتى تجاوز هامة َ الجوزاء |
لا عيبَ في نعماهُ إلا أنها | تسلي عن الأوطان والقرباء |
مغرى على رغم العواذل والعدى | بشتاتِ أموالٍ وجمعِ ثناء |
لا تستقر يداه في أمواله | فكأنما هو سابحٌ في ماء |
جمعت شمائله المديحَ كمثل ما | جمعت أبي جادٍ حروفَ هجاء |
وتفردت كرماً وان قال العدى | انَّ الغمامَ لها من النظراء |
وتقدمت في كل محفل سؤددٍ | تقديمَ بسم اللهِ في الأسماء |
أكرمْ بهنَّ شمائلا معروفة | يوم العلى بتحملِ الأعباء |
يلوي بقول اللائمينَ نوالها | كالسيل يلوي جريهُ بغثاء |
ومراتباً غاظ السماء علوها | فتلقبت للغيظ بالجرباء |
ومناقباً تمشي المدائح خلفها | لوفور سؤددها على استحياء |
وفضائلاً كالروض غنى ذكرها | يا حبذا من روضة ٍ غناء |
ويراعة ً تسطو فيقرع سنها | خجلاً قوامَ الصعدة السمراء |
هرقت دم المحل المروع والعدى | حتى بدت في أهبة ٍ حمراء |
عجباً لإبقاء المهارق تحتها | ونوالها كالديمة الوطفاء |
كم عمرت بحسابها من دولة | وبلا حساب كم سخت بعطاء |
ولكم جلا تدبيرها عن موطن | دهماءَ واسأل ساحة َ الشهباء |
لولاك في حلبٍ لأحدرِ ضرعها | وقرى ضيوفَ جنابها بعناء |
يا من به تكفى الخطوبُ وترتمي | بكر الثناء لسيدِ الأكفاء |
أنت الذي أحيا القريض وطالما | أمسى رهين عناً طريدَ فناء |
في معشر منعوا اجابة َ سائل | ولقد يجيبُ الصخرُ بالأصداء |
أسفي على الشعراء أنهمو على | حال تثير شماتة الأعداء |
خاضوا بحور الشعر إلا أنها | مما تريق وجوههم من ماء |
حتى اذا لجأوا اليكَ كفيتهم | شجناً وقلت أذلة ُ العلياء |
ظنوا السؤال خديعة وأنا الذي | خدعت يداه بصائر العلماء |
أعطوا أجورهم وأعطيتَ اللهى | شتانَ بين فناً وبينَ بقاء |
شكراً لفضلكَ فهو ناعشُ عيشتي | ونداك فهو مجيبُ صوتَ ندائي |
من بعد ما ولع الزمان بمهجتي | فردعته وحبوتني حوبائي |
وبلغتَ ما بلغ السحابُ براحة ٍ | عرفتْ أصابعُ بحرها بوفاء |
فانعم بما شادت يداك ودمْ على | مرّ الزمان ممدحَ الآلاء |
واحكِ الكواكب في البقاء كمثلِ ما | حاكيتها في بهجة ٍ وعلاء |