لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهر
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهر | وما هذه الأكوان إلا مظاهر |
تقيدت والإطلاق وصفي لأنني | على كل شيء حين لا حين قادر |
ومرتبة التقييد أظهرت رحمة | ومرتبة الإطلاق أني ساتر |
وتلك بمخلوق وهدي بخالق | تسمت وفي التحقيق أين التغاير |
وأحببت بالتكليف إظهار حكمة الظهور | وحكمي ما أنا فيه جائر |
وصوني لأفعالي عن العبث اقتضى | خطابي ومن لم يتمثل فهو كافر |
جسوم وأعراض تلوح وتختفي | وما هي للمحبوب إلا ستائر |
وخلف حجاب الكون ما أنت طالب | ومن لفظه المقهور يلزم قاهر |
تأمل حروف الكائنات فإنها | تشير إلى معنى به أنت حائر |
وبرق الحمى هذا الوجود وميضه | ولكن بما تجنيه تعمى البصائر |
فيا ظاهرا في خلقه وهو باطن | ويا باطنا في أمره وهو ظاهر |
تجليت لي في كل شيء ولم أكن | سواك فمنظور كما أنت ناظر |
وللقلب مني قد ظهرت بكل ما | ظهرت ولم تنكرك مني الخواطر |
بكل مليح بل بكل مليحة | تراءيت حتى حققتك الضمائر |
وما مذهبي حب المظاهر إنما | أحب الذي دلت عليه المظاهر |
أما ومقام البيت والحجر الذي | عهدناه قد دارت عليه الخناصر |
لأنت المنى والقصد يا غاية المنى | وإن لامني فيك القنا والبواتر |
وما ملت يوما عنك للغير سلوة | وكيف ويا نوري معي أنت حاضر |
وأنت رفيقي لا رفيق سواك لي | وإن أنا عن إيفاء حقك قاصر |
أحبك لا بي بل بك الحب منه | علي كما أني بك الآن شاكر |
يقول عذولي لا تخاطر بقربه | وهل يدرك المأمول إلا المخاطر |
وإني لأدري أن طرق وصاله | تدور على الأقوام فيه الدوائر |
ولكن له سلمت نفسي فإن يرد | هداها وإن يضلل فما هو جائر |
وماذا عسى نفسي تعادل في الورى | فمن أجلها عن مالكي أنا نافر |
فررت به مني إليه لأنني | تحققت أن لا غير والأمر ظاهر |
فكان اضطرارا كون قلبي موحدا | له وبه لأبي أنا اليوم ذاكر |
أهيم بأنفاس النسيم وإنني | بطيب الحمى لا بالنسائم عاطر |
وأظهر أني قد ظفرت بعلمهم | وقلبي بذات الخال لا العلم ظافر |
ودونك شرعي إن هويت طريقتي | فإني مدى عمري إلى الحب سائر |
وكن هكذا مثلي فقيرا من السوى | ومن نفسه تأتيك منك الذخائر |
وغب عنك وامح نقطة الغين ثابتا | وغص في بحار الجمع تبد الجواهر |
ولأنك من قوم أماتت ذنوبهم | نفوسا لها الأجسام منهم مقابر |
فإن طريق الحق سهل سلوكه | وأوضح منه ليس يدرك ناظر |
وليس بذكر أو بفكر تناله | سوى بالصفا والمحو عما يغاير |
وهذا حجاب النفس يصعب خرقه | وعقلك منه وهو للحق ساتر |
فمت في الهوى تحيى وأغمض عن السوى | تقر بذاك الوجه منك النواظر |
طلبت مقاما بذل روحك شرطه | وأنت على ما أنت ناه وآمر |
وما هكذا شرط الهوى إن ترد فرد | فناء الفنا وانس الذي أنت ذاكر |
ووطن على الإنكار نفسك والأذى | فمن عسلا يجني على النحل صابر |
وقد كثرت فيه العواذل غيره | وقل لطلاب الحقيقة ناصر |
فإن شت فاقدم هكذا الشرط بيننا | وإلا فلا تقدم لأنك آخر |