كن عارفا بوحدة الوجود
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كن عارفا بوحدة الوجود | وقاطعا بكثرة الموجود |
وميز الحادث من قديم | وخلص الثابت من مفقود |
واحذر من التباس من تجلي | بغيره في حالة الشهود |
فوحدة الوجود في اصطلاحنا | كناية عن رؤية الودود |
بالحس والذوق الصحيح الطاهر الطهور | من شك ومن جحود |
لا بخيال العقل والفكر وما | تأتي به طبائع الجلود |
منزها مقدسا مسبحا | عن كل والد وعن مولود |
وعن دخول وخروج في سوى | وعن جميع مقتضى الحدود |
وعن كمال نحن ندريه وعن | نقص وعن زوال أو نفود |
وإنما كماله بمقتضى | ما قاله عن نفسه بالجود |
نعلمه نحن بما علمنا | به من الوفاء بالعهود |
والصدق والقيام بالحق له | على سبيل الركع السجود |
من زاد عجزا عنه زاد علمه | به مدى الصدور والورود |
يا أيها الناظر بالعقل احترز | أن تفهم المطلق بالقيود |
واصبر إلى أن يفتح الله ولا | تهجم على مرابض الأسود |
ودع علوم الله عند أهلها | واردع حجا جاهلك الكنود |
وإن أردت فاترك الدنيا وغب | عن علمك المزخرف المرصود |
وعد عن جاه ومنصب وعن | أهل وعن أصل عن جدود |
واقنع بمن تطلبه دون الورى | واخرج عن القيام والقعود |
واخلص له الني واصبر واصطبر | على مراده بك المقصود |
ولا تظن وحدة الوجود ما | تفهم من وحدة ذا الوجود |
تفهم معنى وتقول أنه | هو مراد الأكملين القود |
وليس ذا مرادهم لأنهم | فاتوك في منابر الصعود |
وأنت في الحضيض مأسور الهوى | بشهوة كالنار في الوقود |
اسلك سبيلهم وقل بقولهم | تدرى الذي دروا بلا صدود |
فإن تقوى الله من يخلص بها | حلت عقال عقله المعقود |
هيهات هيهات لفرد واحد | يدخل في مراتب المعدود |
ومطلق حتى عن الإطلاق لا | يفهم في عقد من العقود |
وأين نور الحق ممن عقله | في ظلمات من سواه سود |
إن المعاني كلها حوادث | منفية عن ربنا المشهود |
لأنه مسبح عنها بها | في سيلان هي أو جمود |
وإنما الأمر الذي نريده | بوحدة الوجود في المعهود |
أمر عظيم خارج عن كل ما | تدري ذوو الشقوة والسعود |
حقيقة تفني الجميع إن بدت | للعقل عنها العقل في رقود |
ومن أتى بها عليه في الورى | بغى بسوء وافترى وعودي |
لأنها السر الذي جاء به | نبينا رغما عن الحسود |
وهو الذي في آدم لما بدا | خرت له الأملاك بالسجود |
وقد أبى إبليس عن سجوده | له فلا يزال بالمطرود |
فيه النصارى بالحلول كفرهم | والكفر بالتجسيم في اليهود |
وعنه زاغت عصبة وألحدوا | حتى بهم آل إلى اللحود |
وقد مضت نبوة به وقد | أتت خلافة بلا جنود |
في كل عصر واحد فواحد | إلى قيام الساعة الموعود |
هذا المراد عندنا بوحدة الوجود | نتلوه على الشهود |
ليشهدوا لنا به في موقف | يفي به الكريم في الوعود |
وتظهر الحج بالشاهد أن | قد بلغ الغائب ذا الهجود |
نحن بهذا قائلون دائما | ونوره فينا بلا خمود |
لا أننا نقول بالمعنى الذي | تقول أهل المذهب المردود |
فالله من ضلالهم يعصمنا | بفتح باب دونهم مسدود |
ومن علينا يفتري بغير ما | قلنا رخهين يومه المشهود |