إثلث فإنا أيها الطلل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إثْلِثْ! فإنّا أيّهَا الطّلَلُ | نبْكي وَتُرْزِمُ تَحْتَنَا الإبِلُ |
أوْ لا فَلا عَتْبٌ عَلى طَلَلٍ | إنّ الطّلُولَ لمِثْلِهَا فُعُلُ |
لَوْ كُنْتَ تَنْطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً | بي غَيرُ ما بكَ أيّهَا الرّجُلُ |
أبكاكَ أنّكَ بَعضُ مَن شَغَفُوا | لم أبكِ أنّي بَعضُ مَن قَتَلُوا |
إنّ الذينَ أقَمْتَ وَارْتَحَلُوا | أيّامُهُمْ لِدِيَارِهِمْ دُوَلُ |
الحُسْنُ يَرْحَلُ كُلّمَا رَحلوا | مَعَهُمْ وَيَنْزِلُ حَيثُمَا نَزَلُوا |
في مُقْلَتيْ رَشَإٍ تُديرُهُمَا | بَدَوِيّةٌ فُتِنَتْ بهَا الحِلَلُ |
تَشكُو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها | وَصُدودَها وَمَنِ الذي تَصِلُ |
ما أسْأرَتْ في القَعْبِ مِن لَبَنٍ | تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ |
قالَتْ ألا تَصْحُو فَقُلتُ لَهَا | أعْلَمْتِني أنّ الهَوَى ثَمَلُ |
لَوْ أنّ فَنّاخُسْرَ صَبّحَكُمْ | وَبَرَزْتِ وَحْدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ |
وَتَفَرّقَتْ عَنكُمْ كَتَائِبُهُ | إنّ المِلاحَ خَوَادِعٌ قُتُلُ |
مَا كُنتِ فَاعِلَةً وَضَيْفُكُمُ | مَلِكُ المُلُوكِ وَشأنُكِ البَخَلُ |
أتُمَنّعِينَ قِرىً فتَفْتَضِحي | أمْ تَبْذِلينَ لَهُ الذي يَسَلُ |
بَلْ لا يَحِلّ بحَيْثُ حَلّ بِهِ | بُخْلٌ وَلا خَوَرٌ وَلا وَجَلُ |
مَلِكٌ إذا مَا الرُّمحُ أدرَكَهُ | طَنَبٌ ذَكَرْنَاهُ فَيَعْتَدِلُ |
إنْ لم يَكُنْ مَن قَبلَهُ عَجَزُوا | عَمّا يَسُوسُ بهِ فَقد غَفَلُوا |
حتى أتَى الدّنْيَا ابنُ بَجدَتِهَا | فَشكَا إلَيْه السّهلُ وَالجَبَلُ |
شكوَى العَليلِ إلى الكَفيلِ لَهُ | أنْ لا تَمُرَّ بجِسْمِهِ العِلَلُ |
قالَتْ فَلا كَذَبَتْ شَجاعَتُهُ | أقْدِمْ فنَفْسُكَ مَا لهَا أجَلُ |
فَهُوَ النّهَايَةُ إنْ جَرَى مَثَلٌ | أوْ قيلَ يَوْمَ وَغىً منِ البَطَلُ |
عُدَدُ الوُفُودِ العَامِدينَ لَهُ | دونَ السّلاحِ الشُّكلُ وَالعُقُلُ |
فَلِشُكْلِهِمْ في خَيْلِهِ عَمَلٌ | وَلِعُقْلِهِمْ في بُخْتِهِ شُغُلُ |
تُمْسِي على أيْدي مَوَاهِبِهِ | هِيَ أوْ بَقِيّتُهَا أوِ البَدَلُ |
يُشْتَاقُ مِنْ يَدِهِ إلى سَبَلٍ | شَوْقاً إلَيْهِ يَنْبُتُ الأسَلُ |
سَبَلٌ تَطُولُ المَكْرُماتُ بِهِ | وَالمَجْدُ لا الحَوْذانُ وَالنَّفَلُ |
وَإلى حَصَى أرْضٍ أقَامَ بهَا | بالنّاسِ مِنْ تَقبيلِهِ يَلَلُ |
إنْ لم تُخَالِطْهُ ضَوَاحِكُهُمْ | فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ |
في وَجْهِهِ مِنْ نُورِ خَالِقِهِ | غُرَرٌ هيَ الآيَاتُ وَالرّسُلُ |
فإذا الخَميسُ أبَى السّجودَ لهُ | سَجَدَتْ لَهُ فيهِ القَنَا الذُّبُلُ |
وَإذا القُلُوبُ أبَتْ حُكُومَتَهُ | رَضِيَتْ بحُكمِ سُيُوفِهِ القُلَلُ |
أرَضِيتَ وَهشُوذانُ ما حكَمَتْ | أمْ تَسْتَزِيدَ لاُِمّكَ الهَبَلُ |
وَرَدَتْ بِلادَكَ غيرَ مُغْمَدَةٍ | وَكَأنّهَا بَينَ القَنَا شُعَلُ |
وَالقَوْمُ في أعيانِهِمْ خَزَرٌ | وَالخَيْلُ في أعيانِهَا قَبَلُ |
فأتَوْكَ لَيسَ بمَنْ أتَوْا قِبَلٌ | بهِمِ وَلَيسَ بمَنْ نَأوْا خَلَلُ |
لم يَدْرِ مَنْ بالرّيّ أنّهُمُ | فَصَلُوا وَلا يَدري إذا قَفَلُوا |
وَأتَيْتَ مُعْتَزِماً وَلا أسَدٌ | وَمَضَيْتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ |
تُعْطي سِلاحَهُمُ وَرَاحَهُمُ | مَا لمْ تَكُنْ لِتَنَالَهُ المُقَلُ |
أسخَى المُلُوكِ بِنَقْلِ مَملَكَةٍ | مَنْ كادَ عَنْهُ الرّأسُ يَنتَقِلُ |
لَوْلا الجَهَالَةُ مَا دَلَفْتَ إلى | قَوْمٍ غَرِقْتَ وَإنّمَا تَفَلُوا |
لا أقْبَلُوا سِرّاً وَلا ظَفِرُوا | غَدْراً وَلا نَصَرَتْهُمُ الغِيَلُ |
لا تَلْقَ أفرَسَ منكَ تَعْرِفُهُ | إلاّ إذا ما ضاقَتِ الحِيَلُ |
لا يَسْتَحي أحَدٌ يُقَالُ لَهُ | نَضَلُوكَ آلُ بُوَيْهِ أوْ فَضَلُوا |
قَدَرُوا عَفَوْا وَعدوا وَفَوْا سُئلوا | أغنَوْا عَلَوْا أعْلَوْا وَلُوا عَدَلوا |
فَوْقَ السّمَاءِ وَفَوْقَ ما طلَبوا | فإذا أرادوا غايَةً نَزَلُوا |
قَطَعَتْ مكارِمُهُمْ صَوَارِمَهمْ | فإذا تَعَذّرَ كاذِبٌ قَبِلُوا |
لا يَشْهَرُونَ عَلى مُخالِفِهِمْ | سَيْفاً يَقُومُ مَقَامَهُ العَذَلُ |
فأبُو عَليٍّ مَنْ بهِ قَهَرُوا | أبُو شُجَاعٍ مَنْ بِهِ كمَلُوا |
حَلَفَتْ لِذا بَرَكاتُ غُرّةِ ذا | في المَهْدِ أنْ لا فَاتَهُ أمَلُ |