على ثراك غوادي الصبح تنهمر
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
على ثراك غوادي الصبح تنهمر | يا راحلاً تحت ظل الله يستتر |
جرحت بعدك أكباداً بسهم أسى | في كل جفن لماضي نصله أثر |
مناحة تحت جنح الليل قائمة | بها الأصيل خضيب الذيل والسحر |
ومأتم بطباق السحب متصل | حق على عبرات السحب تنفجر |
استودع الله عصناً مال منكسراً | فمال كل فؤاد وهو منكسر |
هبت عليه من الأقدار عاصفة | راحت بها جمرات الحزن تستعر |
كأن ما جف من أمواه نضرته | أمسى عليه من الأجفان ينحدر |
قد ساروا اسفا عنا بلا ثمر | فليس إلا الأسى من بعده ثمر |
طال النواح له من كل ذي كبد | حرى تذوب التياعاً حين يذكر |
وكل باك هشيم الوجه بعد فتى | بالدود بات هشيماً وجهه النضر |
يا رحمة الله حلى في ثرى قمر | قد ارتدى بالدجى من أجله القمر |
ويا غمائم زوريه محييه | وجهاً له كان يستسقى به المطر |
ريان ضمن منه اللحد جوهرة | لاقت بأمثالها من دمعنا الدرر |
يا قبر جرجس من ترب ومن حجر | ما أنصف البدر ذاك الترب والحجر |
ولا قضيب النقا تذوي معاطفه | في قفرة بمياه الدمع تزدهر |
ويلاه من سطوات البين فاتكة | بكل نفس فلا تبقي ولا تذر |
بات الشباب رخيصاً في نواظره | ولم يوقر لديه الشيب والكبر |
يا من صبرت لطول السقم عن جلد | من أين صبر قلوب فيك تنفطر |
ما كان أعظم ما قاسيت من ألم | وأنت في الشكر تمسى حيث تبتكر |
طابت به منك نفس برة علمت | بأن عقباه في دار البقاء الظفر |
كفيت فيها بلا الدنيا وشدتها | ممتعاً بنعيم ما به كدر |
تصبروا يا بني فياض بعد فتى | أمضى به وبنا أحكامه القدر |
يعز والله عندي أن أعزيكم | عنه ودمع جفوني فيه منتثر |
أولى الخطوب بأن تدمى القلوب به | لو كان يقضى بأن تدمى لنا وطر |
وإنما نحن في أرض إذا اعتبرت | ليست سوى مأتم ناحت به البشر |
في كل يوم أناس فوقها فجعوا | على أناس طوتهم تحتها الحفر |
بئس الحياة التي ما زال واردها | يمازج الورد في كاساته الصدر |
حالان إحداهما مملوءة خطراً | مما يليها وأخرى فاتها الحذر |