في الركب بين هوادج الآرام
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
في الركب بين هوادج الآرام | قمر يسايرهن تحت لثام |
تلك الركائب سار قلبي خلفها | متتبعاً لمواطىء الأقدام |
يوم وقفت به كئيباً حائراً | للبين أسأل رحمة الأنعام |
ساروا وقد قطع النسيج كلامهم | وجداً وخطت عبرتاي كلامي |
من كل أصفر شاحب قد راعه | جزعي فاورثه الشحوب سقامي |
وبدأ مقلده بعقدي لؤلؤ | من در أجفان ودر نظام |
يا جيرة الحي الألي قضت النوى | ببعادهم فقضت بقرب حمامي |
فارقتم طرفي القريح وحلتم | بالسهد ما بيني وبين منامي |
وتركتم لي مهجة مسلوبه | في كف كل مغرب نسام |
وجوانحاً حرى تذوب من الأسى | وجوارحاً أمست رميم عظام |
نزل الفراق بنا فما لك موضع | يا صبر عندي فارتحل بسلام |
وتعهدي يا نفس ما لم تعهدي | تركا له من صبوة وهيام |
وإذا خشيت على الصبابة سلوة | فتعوذي بجمالهم وغرامي |
وإذا رمتك يد الزمان بنكبة | فاستنجدي بوزيرنا المقدام |
ذي الدولة العظمى الذي من أمه | فجواره حرم على الأيام |
الراشد الهادي الأمين المقتدى | بسداد أمر الواحد العلام |
قد ساس أطراف البلاد بحكمة | غمضت سرائرها عن الأوهام |
بادي الحصافة أصغراه كلاهما | بحر كبير بالحقائق طام |
في جفنه قمر ينير إذا دجا | ليل المشاكل في سما الأحكام |
متقلد الصمصام فوق عزيمة | هي في الوغى أمضى من الصمصام |
بأس تمازجه خلائق رقة | كالماء مازج قرقفاً في الجام |
أمنت بهيبته النفوس فلم تكد | تؤذي النيام روائع الأحلام |
جرار خيل بالحديد تموجت | في كل جيش كالغظم لهام |
تجري على آثار أروع همه | إظماء مكحلة وري حسام |
فسل البداوة أين أمسى جمعها | بازاء سطوة ذلك الضرغام |
هبت ضخام طلائع في وجهه | حتى أنهزمت فبؤن غير ضخام |
خفقت قلوبهم ارتياعاً عندما | وأفاهم بخوافق الأعلام |
ما كان حين لقوه إلا صدمة | علموا بها في الكر صدق صدام |
فتناثروا فوق الصعيد وقد رأوا | نثر المفاصل حولهم والهام |
وغدوا كأن الأرض تطرد فلهم | وكأنهم يسعون فوق ضرام |
يتعجلون إلى الإكام فرارهم | وإليه تسلمهم ذري الآكام |
تركوا لوحش القفر قتلاهم وقد | تخذوا مقام الوحش في الآجام |
وغدا جريئهم الذي ثبتت له | نفس بمنها بالاستسلام |
ملأ البقاع أنينهم حتى لقد | أمسى بئن لهم صدى الأهضام |
وبكت بماء جسومهم أسيافه | حتى انثنت وجفونهن دوام |
الله أكبر تلك عقبى من بغى | وجزى بكفر صنيعة وذمام |
يا معشر الأعراب ذاك محمد | وأفاكم بالقسط والأحكام |
عهدت لحكمته الأمور فساسها | بظني النصال وأرؤسص الأقلام |
رأي كما سفر الضحى وبديهة | ملكت سداد النقض والأبرام |
السيد السند الذي أضحى به | نهج العدالة واضح الأعلام |
نشر الأمان على المسالك فانبرى | بثناه يحدو كل رب خطام |
وشدت بمنته البلاد ومن ثوى | فيها من الأعراب والأعجام |
ولمنطق التأريخ ختم بالدعا | لعلاه أرخ وهو خير ختام |