حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حُشاشةُ نَفسٍ وَدّعتْ يوْمَ وَدّعوا | فَلَمْ أدرِ أيّ الظّاعِنَينِ أُشَيِّعُ |
أشاروا بتَسْليمٍ فَجُدْنَا بأنْفُسٍ | تَسيلُ مِنَ الآماقِ وَالسَّمُّ أدْمُعُ |
حَشَايَ على جَمْرٍ ذَكيٍّ مِنَ الهَوَى | وَعَيْنايَ في رَوْضٍ من الحسنِ تَرْتَعُ |
وَلَوْ حُمّلَتْ صُمُّ الجِبالِ الذي بِنَا | غداةَ افترَقْنا أوْشكَتْ تَتَصَدّعُ |
بمَا بينَ جَنبيّ التي خاضَ طيْفُهَا | إليّ الدّياجي وَالخَلِيّونَ هُجّعُ |
أتَتْ زائِراً ما خامَرَ الطّيبُ ثَوْبَها | وكالمِسْكِ مِن أرْدانِها يَتَضَوّعُ |
فما جلَسَتْ حتى انثَنَتْ توسعُ الخُطى | كَفاطِمَةٍ عن دَرّها قَبلَ تُرْضِعُ |
فَشَرّدَ إعظامي لَها ما أتَى بهَا | مِنَ النّوْمِ والْتَاعَ الفُؤادُ المُفَجَّعُ |
فَيَا لَيْلَةً ما كانَ أطْوَلَ بِتُّهَا | وَسُمُّ الأفاعي عَذْبُ ما أتَجَرّعُ |
تذلّلْ لها وَاخضَعْ على القرْبِ والنّوَى | فَما عاشِقٌ مَن لا يَذِلّ وَيَخْضَعُ |
وَلا ثَوْبُ مَجدٍ غيرَ ثوبِ ابنِ أحمدٍ | عَلى أحَدٍ إلاّ بلُؤمٍ مُرَقَّعُ |
وَإنّ الذي حابَى جَديلَةَ طَيِّىءٍ | بهِ الله يُعطي مَنْ يَشاءُ وَيَمْنَعُ |
بذي كَرَمٍ مَا مَرّ يَوْمٌ وشَمْسُهُ | على رَأسِ أوْفى ذِمّةً منه تَطْلُعُ |
فأرْحامُ شِعْرٍ يتّصِلْنَ لَدُنّهُ | وَأرْحامُ مالٍ ما تَني تتقطّعُ |
فتًى ألْفُ جُزْءٍ رَأيُهُ في زَمَانِهِ | أقلُّ جُزَيْءٍ بعضُهُ الرّأيُ أجمَعُ |
غَمامٌ عَلَيْنا مُمْطِرٌ لَيْسَ يُقشِعُ | وَلا البَرْقُ فيهِ خُلَّباً حينَ يَلْمَعُ |
إذا عُرِضَتْ حَاجٌ إلَيْهِ فَنَفْسُهُ | إلى نَفْسِهِ فِيها شَفيعٌ مُشَفَّعُ |
خَبَتْ نارُ حَرْبٍ لم تَهِجْها بَنانُهُ | وَأسْمَرُ عُرْيانٌ مِنَ القِشرِ أصْلَعُ |
نَحيفُ الشَّوَى يَعدو على أُمّ رَأسِهِ | وَيحفى فيَقوَى عَدْوُهُ حينَ يُقطَعُ |
يَمُجُّ ظَلاماً في نَهارٍ لِسانُهُ | وَيُفْهِمُ عمّن قالَ ما ليسَ يُسمَعُ |
ذُبابُ حُسامٍ منهُ أنجَى ضَرِيبَةً | وَأعْصَى لمَوْلاهُ وذا منهُ أطْوَعُ |
فَصيحٌ متى يَنطِقْ تجدْ كلّ لَفظَةٍ | أُصُولَ البَرَاعاتِ التي تَتَفَرّعُ |
بكَفّ جَوَادٍ لَوْ حَكَتْها سَحابَةٌ | لما فاتها في الشّرْقِ والغَرْبِ موْضِعُ |
ولَيسَ كبَحرِ الماءِ يَشتَقُّ قعرَهُ | إلى حَيثُ يَفنى الماءُ حوتٌ وَضِفدعُ |
أبَحْرٌ يَضُرّ المُعْتَفينَ وطَعْمُهُ | زُعاقٌ كبَحرٍ لا يَضُرّ وَيَنْفَعُ |
يَتيهُ الدّقيقُ الفِكْرِ في بُعدِ غَوْرِهِ | وَيَغْرَقُ في تَيّارِهِ وَهْوَ مِصْقَعُ |
ألا أيّها القَيْلُ المُقيمُ بمَنْبِجٍ | وهِمّتُهُ فوقَ السِّماكَينِ تُوضَعُ |
ألَيْسَ عَجيباً أنّ وَصْفَكَ مُعْجِزٌ | وَأنّ ظُنُوني في مَعاليكَ تَظْلَعُ |
وَأنّكَ في ثَوْبٍ وَصَدْرُكَ فيكُما | على أنّه من ساحةِ الأرْضِ أوْسَعُ |
وقَلْبُكَ في الدّنْيا ولوْ دَخلَتْ بنَا | وبالجنّ فيهِ ما درَتْ كيفَ ترْجعُ |
ألا كُلّ سَمْحٍ غيرَكَ اليَوْمَ باطِلٌ | وكلّ مَديحٍ في سِواكَ مُضَيَّعُ |