مبيتي من دمشق على فراش
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مَبيتي مِنْ دِمَشقَ على فِراشِ | حَشاهُ لي بحَرّ حَشايَ حَاشِ |
لَقَى لَيلٍ كعَينِ الظّبيِ لَوْناً | وهَمٍّ كالحُمَيّا في المُشاشِ |
وشَوْقٍ كالتّوَقّدِ في فُؤادٍ | كجَمرٍ في جَوانحَ كالمُحاشِ |
سَقَى الدّمُ كلَّ نَصْلٍ غيرِ نابٍ | ورَوّى كلَّ رُمحٍ غيرِ راشِ |
فإنّ الفارِسَ المَنعوتَ خَفّتْ | لمُنصُلِهِ الفَوارِسُ كالرّياشِ |
فقد أضحَى أبا الغَمراتِ يُكنى | كأنّ أبا العَشائِرِ غيرُ فَاشِ |
وقد نُسِيَ الحُسينُ بما يُسَمّى | رَدى الأبطالِ أوْ غَيثَ العِطاشِ |
لَقُوهُ حاسِراً في دِرْعِ ضَرْبٍ | دَقيقِ النّسجِ مُلتَهِبِ الحواشي |
كأنّ على الجَماجمِ منهُ ناراً | وأيدي القَوْمِ أجنحَةُ الفَراشِ |
كأنّ جَواريَ المُهَجاتِ ماءٌ | يُعاوِدُها المُهَنّدُ مِنْ عُطاشِ |
فَوَلّوْا بَينَ ذي رُوحٍ مُفاتٍ | وذي رَمَقٍ وذي عَقلٍ مُطاشِ |
ومُنعَفِرٍ لنَصلِ السّيفِ فيهِ | تَواري الضّبّ خافَ من احتراشِ |
يُدمّي بعضُ أيدي الخيلِ بَعضاً | وما بِعُجايَةٍ أثَرُ ارْتِهاشِ |
ورائِعُها وحيدٌ لم يَرُعْهُ | تَباعُدُ جَيْشِهِ والمُستَجاشِ |
كأنّ تَلَوّيَ النُّشّابِ فيهِ | تلوّي الخوصِ في سَعَفِ العِشاشِ |
ونَهبُ نُفوسِ أهلِ النّهبِ أوْلى | بأهلِ المجدِ من نَهبِ القُماشِ |
تُشارِكُ في النِّدامِ إذا نَزَلْنَا | بِطانٌ لا تُشارِكُ في الجِحاشِ |
ومن قَبلِ النّطاحِ وقَبلِ يأني | تَبينُ لكَ النّعاجُ منَ الكِباشِ |
فَيا بَحرَ البُحورِ ولا أُوَرّي | ويا مَلِكَ المُلوكِ ولا أُحاشي |
كأنّكَ ناظِرٌ في كلّ قَلْبٍ | فما يخفَى عَلَيكَ مَحلُّ غاشِ |
أأصْبِرُ عنَكَ لم تَبخُلْ بشيءٍ | ولم تَقبَلْ عليّ كَلامَ واشِ |
وكيفَ وأنتَ في الرّؤساءِ عِندي | عَتيقُ الطّيرِ ما بينَ الخِشاشِ |
فَما خاشيكَ للتّكذيبِ راجٍ | ولا راجيكَ للتّخييبِ خاشِ |
تُطاعِنُ كلُّ خيلٍ كُنْتَ فيها | ولوْ كانوا النّبيطَ على الجِحاشِ |
أرَى النّاسَ الظّلامَ وأنتَ نُورٌ | وإنّي مِنهُمُ لإلَيكَ عاشِ |
بُليتُ بهِمْ بَلاءَ الوَرْدِ يَلْقَى | أُنُوفاً هُنّ أولى بالخِشاشِ |
عَلَيكَ إذا هُزِلْتَ معَ اللّيالي | وحَوْلك حينَ تَسمنُ في هراشِ |
أتَى خَبَرُ الأميرِ فَقيلَ كَرّوا | فقلتُ نَعَمْ ولوْ لحقُوا بشاشِ |
يَقودُهُمُ إلى الهَيجَا لَجُوجٌ | يَسِنُّ قِتالُهُ والكَرُّ نَاشِي |
وأسرَجْتُ الكُمَيتَ فناقَلَتْ بي | على إعقاقِها وعلى غِشاشِي |
مِنَ المُتَمَرّداتِ تُذَبُّ عَنها | برُمحي كُلُّ طائرةِ الرَّشاشِ |
ولَوْ عُقِرَتْ لَبَلّغَني إلَيْهِ | حَديثٌ عَنهُ يحمِلُ كلَّ ماشِ |
إذا ذُكِرَتْ مَواقِفُهُ لِحَافٍ | وَشيكَ فَما يُنكِّسُ لانتِقاشِ |
تُزيلُ مَخافَةَ المَصْبورِ عَنهُ | وتُلْهي ذا الفِياشِ عنِ الفِياشِ |
وما وُجدَ اشتِياقٌ كاشْتِياقي | ولا عُرِفَ انكِماشٌ كانكماشِي |
فسِرْتُ إليكَ في طَلَبِ المَعالي | وسارَ سِوايَ في طَلَبِ المَعاشِ |