أسْمَى الذي تصبو به العشاق
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أسْمَى الذي تصبو به العشاق | ويحن نحو حسانه المشتاق |
ويبيت كل أبي نفس ساهراً | سعياً إليه ودمعه مهراق |
والغاية القصوى التي ما فوقها | شرف تحاول نيله السباق |
هو منصب العلم المنيع المعتلي | في الخافقين لواؤه الخفاق |
فبه يسود المستوي في عرشه | ويجله المخلوق والخلاق |
وعلى ذويه لنشره وبيانه | أخذت عهود الله والميثاق |
إن العلوم على اختلاف فنونها | لذوي البصائر والنهى رستاق |
فبها الفضائل تُقْتَنَى وبدرسها | تزكو النفوس وتحسن الأخلاق |
وأجلّها بين العلوم مزية | ما نحوه تتطاول الأعناق |
عِلْمَاً أصول الدين والفقه اللذَيْنِ | لنور الشمس هداهما إشراق |
عِلْمٌ صفات الله من موضوعه | وبه فحسب من اللظى الإعتاق |
وكذا المنوط بدركه التحليل والتحريم | والإحقاق والإزهاق |
ناهيك من علمين من يدركهما | يختصه ذو القوة الرزاق |
بهما النجاة وفيهما يتنافس | المتنافسون ويحفد الحذاق |
هَيْنٌ على باغيهما الأغوار والأنجاد | والأشْئَام والأعراق |
فعن المشائخ خذهما واعكف على الكتب | التي ملئت بها الآفاق |
واستسقها العذب الزلال فإنما | يروي الأوام معينها الدفاق |
وإذا أردت أرقَّهَا معنى وارقاها | فذاك وربك الترياق |
سَفْرٌ يروق الناظرين كأنه | روض سقاه الوابل الغيداق |
تقضي المعاطس من شذاه لبانه | وبحسنه تتنزّه الأحداق |
عن غيره في فنه يغني وإن | يخبر فذاك جهينة المصداق |
هذا مغاص اللؤلؤ الرطب الذي أوراقه لنفيسه أسواق | |
لو قلت ليس كمثله ما كان في | قولي مبالغة ولا إغراق |
أضحى به جمع الجوامع مسفراً | من بعد أن قتمت به الأعماق |
حسن البيان به لكل خريدة | رتقاء من تغبيره فتاق |
قد أطرب الأسماع من تحبيره | وبديعه ما استحلت الأذواق |
فألزمه واعن به فإنك للأولى | سبقوا إذا لازمته لحاق |
هذا ولما تم قام بنشره | قدم العون المتاح وساق |
وكسته أيدي الطبع قشب مطارف | خضراً وفاح عبيره العباق |
والفال أفصح معلناً تاريخه | راقي السموم بطبعه الترياق |