نسيت وما أنسى عتابا على الصد
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ | ولاخَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ |
وَلا لَيْلَةً قَصّرْتُهَا بِقَصِيرَةٍ | أطالتْ يدي في جيدِها صُحبةَ العِقدِ |
وَمَنْ لي بيَوْمٍ مثلِ يَوْمٍ كَرِهتُهُ | قرُبْتُ بهِ عندَ الوَداعِ من البُعْدِ |
وَألاّ يَخُصَّ الفَقْدُ شَيْئاً لأنّني | فقدْتُ فلم أفقِدْ دموعي وَلا وَجْدي |
تَمَنٍّ يَلَذُّ المُسْتَهَامُ بذِكْرِهِ | وإنْ كانَ لا يُغْنِي فَتيلاً وَلا يُجدي |
وَغَيظٌ على الأيّامِ كالنّارِ في الحَشَا | وَلَكِنّهُ غَيظُ الأسيرِ على القِدِّ |
فإمّا تَرَيْني لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ | فآفَةُ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي |
يَحِلُّ القَنَا يَوْمَ الطّعَانِ بعَقْوَتي | فأحرِمُهُ عِرْضِي وَأُطْعِمُهُ جلدي |
تُبَدِّلُ أيّامي وَعَيْشِي وَمَنْزِلي | نجائِبُ لا يَفكُرْنَ في النحسِ وَالسّعدِ |
وَأوْجُهُ فِتْيَانٍ حَيَاءً تَلَثّمُوا | عَلَيْهِنّ لا خَوْفاً منَ الحرّ والبرْدِ |
وَلَيسَ حَيَاءُ الوَجْهِ في الذّئبِ شيمةً | وَلَكِنّهُ مِنْ شيمَةِ الأسَدِ الوَرْدِ |
إذا لم تُجِزْهُمْ دارَ قَوْمٍ مَوَدّةٌ | أجازَ القَنَا وَالخَوْفُ خيرٌ من الوُدِّ |
يَحيدونَ عن هَزْلِ المُلُوكِ إلى الذي | تَوَفّرَ مِن بَينِ المُلُوكِ على الجِدِّ |
وَمَن يَصْحَبِ اسمَ ابنِ العميدِ محَمّدٍ | يَسِرْ بَينَ أنْيابٍ الأساوِدِ وَالأُسْدِ |
يَمُرُّ مِنَ السّمِّ الوَحيِّ بِعَاجِزٍ | وَيَعْبُرُ مِنْ أفواهِهِنّ عَلى دُرْدِ |
كَفَانَا الرّبيعُ العِيسَ من بَرَكاتِهِ | فجاءتْهُ لم تَسمَعْ حُداءً سوَى الرّعدِ |
إذا ما استَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفْسَهُ | كَرِعْنَ بِسِبْتٍ في إنَاءٍ من الوَرْدِ |
كأنّا أرَادَتْ شُكرَنا الأرْضُ عندَهُ | فَلَمْ يُخْلِنا جَوٌّ هَبَطْناهُ من رِفدِ |
لَنَا مَذْهَبُ العُبّادِ في تَرْكِ غَيرِهِ | وَإتْيَانِهِ نَبْغي الرّغائِبَ بالزّهْدِ |
رَجَوْنَا الذي يَرْجُونَ في كلّ جَنّةٍ | بأرْجانَ حتى ما يَئِسنَا من الخُلْدِ |
تَعَرّضُ للزّوّارِ أعْنَاقُ خَيْلِهِ | تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ من الطّرْدِ |
وَتَلْقَى نَوَاصِيهَا المَنَايا مُشيحَةً | وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِرْدِ |
وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا | إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ |
إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ | أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ |
فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه | فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ |
وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً | فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي |
يُغَيّرُ ألْوَانَ اللّيَالي عَلى العِدَى | بمَنشُورَةِ الرّاياتِ مَنصُورَةِ الجُندِ |
إذا ارْتَقَبُوا صُبْحاً رَأوْا قَبلَ ضَوْئِهِ | كتائِبَ لا يَرْدي الصّباحُ كما تَرْدي |
وَمَبْثُوثَةً لا تُتّقَى بطَلِيعَةٍ | وَلا يُحْتَمى مِنْها بِغَوْرٍ وَلا نَجْدِ |
يَغُصْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفَاقِدٍ | من الكُثرِ غَانٍ بالعَبيدِ عن الحَشدِ |
حَثَتْ كلُّ أرْضٍ تُرْبَةً في غُبَارِهِ | فَهُنّ عَلَيْهِ كالطّرَائِقِ في البُرْدِ |
فإنْ يكُنِ المَهديّ مَن بانَ هَدْيُهُ | فهَذا وَإلاّ فالهُدى ذا فَما المَهدي |
يُعَلّلُنَا هَذا الزّمانُ بذا الوَعْدِ | وَيَخْدَعُ عَمّا في يَدَيْهِ من النّقدِ |
هَلِ الخَيرُ شيءٌ لَيسَ بالخَيرِ غائِبٌ | أمِ الرُّشدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشدِ |
أأحزَمَ ذي لُبٍّ وَأكْرَمَ ذي يَدٍ | وَأشجَعَ ذي قَلبٍ وَأرْحمَ ذي كِبْدِ |
وَأحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلُوساً وَرِكْبَةً | على المِنبرِ العالي أوِ الفَرَسِ النّهْدِ |
تَفَضّلَتِ الأيّامُ بالجَمْعِ بَيْنَنَا | فلَمّا حَمِدْنَا لم تُدِمْنَا على الحَمدِ |
جَعَلْنَ وَداعي وَاحِداً لثَلاثَةٍ | جَمَالِكَ وَالعِلْمِ المُبرِّحِ وَالمَجْدِ |
وَقد كنتُ أدرَكْتُ المُنى غَيرَ أنّني | يُعَيّرُني أهْلي بإدراكِهَا وَحْدي |
وكُلُّ شَرِيكٍ في السّرُورِ بمُصْبَحي | أرَى بعدَهُ مَن لا يرَى مثلَهُ بَعدي |
فَجُدْ لي بقَلْبٍ إنْ رَحَلْتُ فإنّني | مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ من فَضْلُه عندِي |
وَلَوْ فَارَقَتْ نَفْسِي إلَيكَ حَيَاتَها | لَقُلْتُ أصَابَتْ غَيرَ مَذمومةِ العهدِ |