أهدى النسيم لنا ريا الرياحين
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أهدى النسيم لنا ريا الرياحين | أم طيب أخلاق جيراني بجيرون |
هبت لنا نفحة في جلق سحرا | باحت بسر من الفردوس مكنون |
وفاح بالعرف من أرجائها أرج | نال المسرة منه كل محزون |
هبت تنبه أطرافي وتبعثها | مني وتوجب للتهويم تهويني |
وما درينا أداريا لنا أرجت | أم دار في دارنا عطار دارين |
نسري ونرتاح الاستنشاء رائحة | هبت سحيرا على ورد ونسرين |
ورب هم فقدناه بربوتها | ورب قلب أصبناه بقلبين |
لولا جسارة قلبي ما ثبت على العبور | من طرب من جسر جسرين |
دمشق عندي لا تحصى فضائلها | عدا وحصرا ويحصى رمل يبرين |
وما أرى بلدة أخرى تماثلها | في الحسن من مصر حتى منتهى الصين |
في كل قطر بها وكر لمنكسر | ومسكن غير مملول لمسكين |
وإن من باع كل العمر مقتنعا | بساعة في ذراها غير مغبون |
لما علت همتي صيرتها وطني | وليس يقنع غير الدون بالدون |
يصيبك ميطورها طورا ونيربها | طورا وتوليك إحسانا بتحسين |
ترى جواسقها في الجو شاهقة | كأنهن قصور للسلاطين |
دار النعيم ومن أدنى محاسنها | ثمار تموز في أيام كانون |
نعيمها غير ممنوع لساكنها | كالخلد والمن فيها غير ممنون |
كأنما هي للأبرار قد فتحت | من الفراديس أبواب البساتين |
أزهارها أبدا في الروض مونقة | فحسن نسيان موصول بتشرين |
وأي عين إليها غير ناظرة | وأي قلب عليها غير مفتون |
أهوى مقري بمقرى والرياض بها | للزهر ما بين تفويف وتزيين |
هاجت بلابل قلبي المستهام بها | بلابل اليك غنتنا بتلحين |
تتلو بسطرى أساطير الغرام على | صوامع الدوح ورق كالرهابين |
قمريها مقريء يشدو بنغمته | آيا تعلمها من غير تلقين |
وللحمائم في الأسحار أدعية | مرفوعة شفعت منا بتأمين |
خافت على الروض من عين مطوقة | أضحت تعوذه منها بياسين |
من كل مطرب صوت غير مضطرب | وكل معرب لفظ غير ملحون |
وللبساتين أنهار جداولها | تستن في الجري أمثال الثعابين |
وقد تراءت بها الأشجار تحسبها | صفوف خيل صفون في الميادين |
كأنها شجر الرمان ذو نشب | مثر دنانيره ملء الهمابين |
وللخلاف لإظهار الخلاف على | أترابه ورق شبه السكاكين |
وكل غصن بعصف الريح ممتحن | كأنه عاقل مبلى بمجنون |
للأقحوان ثغور الغانيات كما | للنرجس الغض الحاظ المها العين |
وللبنفسج خال للعذار إذا | ما الخط بالخال حاكى عطفة النون |
والورد خد من التوريد في خجل | والغصن قد تثنيه من اللين |
وللنسيم ولوع بالغدير فما | يزال ما بين تفريك وتغضين |
والماء من نكبة النكباء في زرد | مضاعف السرد ضافي النسج موضون |
لكل جارية في كل ساقية | على التواء بها إسراع تنين |
إن القلوب وألحاظ الحسان بها | لكالعصافير في أيدي الشواهين |
من كل خاطفة للقلب مخطفة | بالخصر تمطلني ديني وتكويني |
من شاذن متثني العطف معتدل القوام | مستعذب الأخلاق موزون |
يا صاحبي أفيقا فالزمان صحا | ولان من بعد تشديد وتخشين |
حرستما في حرستا العيش من شظف | دوما بدوما على حفظ القوانين |
دار المقامة قد أضحت محلكما | ونلتما العز في أمن من الهون |
وبالمنيبع ربع للولي غدا | تأسيس بنيانه العالي على الدين |