أجيران جيرون مالي مجير
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أجيران جيرون مالي مجير | سوى عطفكم فاعدلوا أو فجوروا |
ومالي سوى طيفكم زائر | فلا تمنعوه إذا لم تزوروا |
يعز علي بأن الفؤاد | لديكم أسير وعنكم أسير |
وما كنت أعلم أني أعيش | بعد التفرق إني صبور |
وفت أدمعي غير أن الكرى | وقلبي وصبري كل غدور |
إلى ناس باناس لي صبوة | لها الوجد داع وذكرى مثير |
يزيد اشتياقي وينموا كما | يزيد يزيد وثوارا يثور |
ومن بردى برد قلبي المشوق | فها أنا من حره مستجير |
وبالمرج مرجو عيشي الذي | على ذكره العذب عيشي مرير |
نأى بي عنكم عدو لدود | ودهر خؤون وحظ عثور |
فقدتكم ففقدت الحياة | ويوم اللقاء يكون النشور |
أيا راكب النضو ينضي الركاب | تسير وخطب سراه يسير |
يؤم دمشق ومن دونها | تجاب سهول الفلا والوعور |
وجلق مقصده المستجار | لقد سعد القاصد المستجير |
إذا ما بلغت فبلغهم | سلاما تأرج منه العبير |
تطاول بسؤلي عند القصير | فمن نيله اليوم باعي قصير |
وكن لي بريدا بباب البريد | فأنت بأخبار شوقي خبير |
أعنون كتبي بشكوى العناء | وفيهن من بث شجوى سطور |
متى تجد الري بالقريتين | خوامس أثر فيها الهجير |
ونحو الجليجل أزجي المطي | لقد جل هذا المرام الخطير |
تراني أنيخ بأدنى ضمير | مطايا براها الوجا والضمور |
وعند القطيفة المشتهاة | قطوف بها للأماني سفور |
ومنها بكوري نحو القصير | ومنية عمري ذاك البكور |
ويا طيب بشراي من جلق | إذا جاءني بالنجاح البشير |
ويستبشر الأصدقاء الكرام | هنالك بي وتوفى النذور |
ترى بالسلامة يوما يكون | بباب السلامة مني عبور |
وأن جوازي بباب الصغير | لعمري من العمر حظ كبير |
وما جنة الخلد إلا دمشق | وفي القلب شوقا إليها سعير |
ميادينها الخضر فيح الرحاب | وسلسالها العذب صاف نمير |
وجامعها الرحب والقبة المنيفة | والفلك المستدير |
وفي قبة النسر لي سادة | بهم للكارم أفق منير |
وباب الفراديس فردوسها | وسكانها أحسن الخلق حور |
والأرزة فالسهم فالنيربان | فجنات مزتها فالكفور |
كأن الجواسق مأهولة | بروج تطلع منه البدور |
بنيربها تتبرا الهموم | بربوتها يتربى السرور |
وما غر في الربو العاشقين | بالحسن إلا الربيب الغرير |
وعند المغارة يوم الخميس | أغار على القلب مني مغير |
وعند المنيبع عين الحياة | مدى الدهر نابعة ما تغور |
بجسر ابن شواش تم السكون | لنفسي بنفسي تلك الجسور |
وما أنس لا أنس أنس العبور | على جسر جسرين إني جسور |
وكم بت ألهو بقرب الحبيب | في بيت لهيا ونام الغيور |
فأين اغتباطي بالغوطتين | وتلك الليالي وتلك القصور |
لمقرئ مقرى كقمريها | غناء فصيح وشدو جهير |
وأشجار سطرى بدت كالسطور | نمقهن البليغ البصير |
وأين تأملت فلك يدور | وعين تقور وبحر يمور |
وأين نظرت نسيم يرق | وزهر يروق وروض نضير |
كأن كمائم نوارها | شنوف تركب فيها شذور |
ومثل اللآلي سقيط الندى | على كل منثور نور نثير |
مدار الحياة حياها المدر | مطار الثراء ثراها المطير |
وموعدها رعدها المستطيل | وواعدها برقها المستطير |
إلام القساوة يا قاسيون | وبين السنا يتجلى سنير |
لديك حبيبي ومنك الحبا | وعندك حبي وفيك الحبور |
فيا حسرتا غبت عن بلدة | بها حظيت بالحظوظ الحضور |
ومنذ ثوى نور دين الإله | لم يبق للشام والدين نور |
وإني لأرجو من الله أن | يقدر بعد الأمور الأمور |
وللناس بالملك الناصر الصلاح | صلاح ونصر وخير |
لأجل تلافيه لم يتلفوا | لأجل حيا بره لم يبوروا |
بفيض أياديه غيث النجاح | لأهل الرجاء سموح درور |
مليك بجدواه يقوى الضعيف | ويثرى المقل ويغنى الفقير |
أرى الصدق في ملكه المستقيم | وملك سواه ازورار وزور |
لعز الولي وذل العدو | نوال مبر وبأس مبير |
بنعمته للعفاة الحبور | بسطوته للعداة الثبور |
هو الشمس أفلاكه في البلاد | ومطلعه سرجه والسرير |
إذا ما سطا أو حبا واحتبى | فما الليث من حاتم ما ثبير |
إياب أبن أيوب نحو الشآم | على كل ما ترتجيه ظهور |
بيوسف مصر وأيامه | تقر العيون وتشفى الصدور |
رأت منك حمص لها كافيا | فواتاك منها القوي العسير |
مليك ينادي رجائي نداه | ومولى جداه بحمدي جدير |
وكم قد فللت جموع الفرنج | بحد اعتزام شاه طرير |
بضرب تحذف منه الرؤوس | وطعن تخسف منه النحور |
وغادرت غادرهم بالعراء | ومن دمه كل قطر غدير |
بجرد عليها رجا الهياج | كأن صقورا عليها صقور |
من الترك عند دبابيسها | صحاح الطلى والهوادي كسور |
سهام كنائنها الطائرات | لهن قلوب الأعادي وكور |
وعندهم مثل صيد الصوار | إذا حاولوا الفتح صيدا وصور |
بحيشك أزعجت جأش العدو | فما نضر منه إلا نفور |
تركت مصارع للمشركين | بطون القشاعم فيها قبور |
تزاحم فرسانها الضاريات | فتصدم فيها النسور النسور |
وإن تولد بكر الفتوح | إذا ضربت بالذكور الذكور |
إلي شكا الفضل نقص الزمان | وهل فاضل في زماني شكور |
حذارك من سطوة الجاهلين | وذو العلم من كل جهل حذور |
وهل يلد الخير أو يستقيم | زمان عقيم وفضل عقير |
شكت بكر فضلي تعنيسها | فما يجلب الود كفء كفور |
فقلت لفضلي أفاق الزمان | ودر المراد ودار الأثير |
وعاش الرجاء ومات الإياس | وسر الحجا وأنار الضمير |
ووافى المليك الذي عدله | لذي الفضل من كل ضيم يجير |
فلست أبالي بعيث الذئاب | إذا ما انتحى لي ليث هصور |
ملكت فأسجح فما للبلاد | سواك مجير ومولى نصير |
وفي معصم الملك للعز منك | سوار ومنك على الدين سور |
لك والله في كل ما تبتغيه | بحق ظهير ونعم الظهير |
أما المفسدون بمصر عصوك | وهذي ديارهم اليوم قور |
أما الأدعياء بها إذ نشطت | لإبعادهم زال منك الفتور |
ويوم الفرنج إذا ما لقوك | عبوس برغمهم قمطرير |
نهوضا إلى القدس يشفى الغليل | بفتح الفتوح وماذا عسير |
سل الله تسهيل صعب الخطوب | فهو على كل شيء قدير |
إليك هجرت ملوك الزمان | فمالك والله فيهم نظير |
وفجرك فيه القرى والقران | جميعا وفجر الجميع الفجور |
وأنت تريق دماء الفرنج | وعندهم لا تراق الخمور |