تَهاوَنْ بالظّنونِ وما حدَسْنَهْ،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تَهاوَنْ بالظّنونِ وما حدَسْنَهْ، | ولا تخشَ الظّباءَ متى كنسنَهْ |
وأوقاتُ الصِّبا، في كلّ عصْرٍ، | أراقمُ، والمَنيّةُ ما قلسنَه |
يُجِدْنَ بهَيّنٍ ويَعِدْنَ فيهِ، | أليسَ، بعلم ربّكَ، قد ألَسْنَه؟ |
يَلُسنَ شخوصَ أهلِ الأرض، حتى | يُسِخنَ، وراء ذلك، ما يَلُسنه |
وما أنا والظّعائنُ سائراتٍ، | أغُرْنَ، معَ الغوائرِ، أو جلَسنَه |
ضَرَبتَ لجاهلٍ مَثَلَ الغَواني، | قَلَبنَ، وما رأبنَ، غداةَ رُسْنَه |
هيَ النّيرانُ، تُحسِنُ من بَعيدٍ، | وتُحرِقْنَ الأكفَّ، إذا لمَسنَه |
أخذنَ اللُّبَّ أجمعَ، ظاعناتٍ، | فعُدْنَ وما رَبَعْنَ وما خمَسنَه |
إذا مَدّتْ روامِقَها إلَيها | قوابسَ، لم يَعُجْنَ بما قبَسنَه |
ولولا أنّهنّ أذًى وكيدٌ، | لَمَا أصبَحنَ في كِلَلٍ حُبِسنَه |
ثُغُورُ مُحارِبٍ مَنعَتْ هُجوعاً، | ثُغوراً، في مَضاحكِها، غُرِسنَه |
تَشابَهَتِ الخَلائِقُ والبَرايا، | وإن مازَتهمُ صوَرٌ رُكِسنَه |
وجُرمٌ، في الحقيقةِ، مثلُ جَمرٍ، | ولكنّ الحروفَ بهِ عُكِسنَه |
غِنى زيدٍ يكونُ لفَقرِ عمرٍو، | وأحكامُ الحوادِثِ لا يُقَسْنَه |
كأنّكَ، إنْ بَقيتَ على اللّيالي، | بأعلامِ الوُلاةِ، وقد نُكِسنَه |
وخَيرُ الرّزقِ ما وافاكَ عَفواً، | فخلِّ فُضولَ أموالٍ مُكِسنَه |
ولْيتَ نُفوسَنا، والحَقُّ آتٍ، | ذهبْنَ كما أتَينَ وما أحَسْنَه |
قَدِمنا، والقَوابلُ ضاحِكاتٌ؛ | وسِرْنا، والمَدامعُ يَنبَجِسنَه |
عَناصِرُنا طَواهرُ غَيرَ شَكٍّ؛ | فَيا أسَفا لأجسام نَجِسنَه! |
ويَرجو أن يُزيلَ الغُلَّ صادٍ، | إذا سَمِعَ الرّواعِدَ يَرتَجِسْنَه |
وقد زَعَمَ الزّواعمُ، وافتكَرْنا؛ | فوَيْحٌ للخَواطِرِ ما هَجَسنَه |
ومن يتأمّلِ الأيّامَ تَسهُلْ | عليهِ النّائباتُ، وإنْ بَخسنَه |
ولو صُرِفَ الهُدَى بجَميلِ فعلٍ | إلى مُهَجٍ نَفِسنَ، لما نَفِسنَه |
ومَن يَحْمَدْ، لعيشتِهِ، لِياناً، | يَذُمَّ الغِبَّ أخلاقاً شَرِسْنَه |
وما الأحراسُ إلاّ أُمّهاتٌ، | أكَسنَ النّاجياتِ، وما أكَسنَه |
تَحاسَدتِ العُيونُ على مَنامٍ، | عَرَفنَ كِذابَهُ، وأردنَ حُسنَه |
فصَبراً، إنْ سَمعتَ لسانَ سُوءٍ | من ابن مَودّةٍ، وتَوَقّ لِسنَه |
فإنّ الوِرْدَ من مِلْحٍ أُجاجٍ، | أجِئتَ لشُربهِ، وعَرفتَ أسنَه |
ولولا ضعفُ أرواحٍ أُعِرنْا | سَفاهاً، ما ابتَهَجنَ ولا ابتأسنَه |
وإنّ ملوكَ غَسّانٍ تَقَضَّوا، | ولم يُترَكْ لهمْ، في الملكِ، غُسنَه |
وفارسُ عزَّ منها، كلَّ راعٍ، | أُسُودٌ للمَقادِرِ يَفترِسنَه |
وهَدّ جِبالَها أقيالُ فِهرٍ، | فتلكَ رُبُوعُها آياً طُمِسنَه |
يُذيبونَ النُّضارَ بكلّ مشتى، | إذا الأمواهُ من قَرٍّ جَمَسنَه |
وقد حَرَسَ المَمالكَ حيُّ لخمٍ، | فغالَتهمْ نوائبُ يَحترِسْنَه |
شكا الرّكبُ السُّهادَ، فلمْ يُعيجوا | بأشباحٍ، على قلَقٍ، ينُسنَه |
وكم قطعتْ سواري الشُّهبِ، ليلاً، | سواهدَ ما هجَعنَ، ولا نَعَسنَه |
هَواكَ مُشابهٌ فَرَساً جَموحاً، | وما ألجَمتَهُ، فعلَيكَ رَسْنَه |
ولا يُعْجِبْكَ روضٌ، باكرَتْه | غَمائمُهُ، وأغصانٌ يَمِسنَه |
ولا الأفواهُ تضحَكُ عن غريضٍ، | فَرائدُ في مُدامتِها غُمِسنَه |
تنَعّمَتِ الخَوافضُ في مَقامٍ، | فكَيفَ النّاعماتُ، إذا رُمِسنَه؟ |
فأينَ القائلاتُ بلا اقتصادٍ، | أألغَينَ التكلّمَ أم خَرِسْنَه؟ |
ملأنَ مواضيَ الأزمانِ قولاً، | وأُلزِمنَ السّكوتَ، فَما نبَسنَه |
ألمْ تَرَني حَمَيتُ بناتِ صَدري، | فَما زوّجتُهنّ، وقد عنَسنَه |
ولا أبرزتُهنّ إلى أنيسٍ، | إذا نُورُ الوحوشِ به أنِسنَه |
وقالَ الفارسونَ: حليفُ زُهدٍ، | وأخطأتِ الظّنونُ بما فرَسنَه |
ورُضتُ صِعابَ آمالي، فكانتْ | خُيولاً، في مَراتِعِها، شَمَسنَه |
ولم أُعْرِضْ عن اللّذّاتِ، إلاّ | لأنّ خِيارَها عَنّي خَنَسنَه |
ولم أرَ، في جِلاسِ النّاسِ، خيراً، | فمَن ليَ بالنّوافرِ، إن كنَسنَه؟ |
وقد غابتْ نجومُ الهَدي عَنّا، | فَماجَ النّاسُ في ظُلَمٍ دَمَسنَه |
وقد تَغشَى السّعادَةُ غَيرَ نَدْبٍ، | فيُشرِقُ بالسّعودِ، إذا ودَسنَه |
وتُقسَمُ حُظوَةٌ، حتى صخورٌ | يُزَرنَ، فيُستَلمنَ ويُلتَمَسنَه |
كذاتِ القُدسِ، أو رُكنَيْ قريشٍ، | وأسرَتُهنّ أحجارٌ لُطِسنَه |
يحُجُّ مَقامَ إبراهيمَ وفدٌ، | وكم أمثالِ مَوقِفِهِ وطَسنَه |
تَشاءَمَ بالعَواطسِ أهلُ جهلٍ، | وأهوِنْ إن خَفَتنَ، وإنْ عطَسنه |
وأعمارُ الذينَ مضَوا صِغاراً، | كأثوابٍ بَلِينَ وما لُبِسنَه |
وهانَ، على الفَراقدِ والثّرَيّا، | شخوصٌ، في مَضاجعِها، دُرِسنَه |
وما حفَلَتْ حَضارِ ولا سُهَيلٌ | بأبشارٍ يَمانيَةٍ، يُدَسنَه |