بغداد والخمسون
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ظميء.. واللهيب هَمِيْ | فما يحسو سوى ضَرَمِ |
يُفتشُ في صحارى العشقِ | عن مُستعذَبٍ شَبِمِ |
وفانوسٍ ينشُّ به | عثارَ طريقه العَتِمِ |
يُقوِّسُ ظهرَهُ تعَبٌ | يشدُّ يداً إلى قدَمِ |
ينامُ على ندى أمَلٍ | فيوقظه لظى ألَمِ |
ويسْتجدي من الأيام | صفواً بعد مُحْتدَمِ |
به شغفٌ.. ويُخجِلهُ | تصابي العاشقِ الهَرِم |
يراودُهُ على شفتيه | ثغرٌ للرحيق سمي |
رأى نبعاً.. فصاح القلبُ : | ياهذا الذبيحُ صُم |
ومئذنة.. فقال لها : | متى تكبيره الهِمَم ؟ |
متى الإمساكُ عن جزعٍ | وعن بَطرٍ وعن سأم؟ |
وعن عَسَلِ الخنوع يشلُّ | همَّة أشرفِ الأمم؟ |
ظميء.. والنهارُ ظمي | إلى شمسٍ من القيَمِ |
يَغُّذ إلى الديار السيرَ | في صحوٍ وفي حُلم |
فما جازتْ ركائبُهُ | سوى سطرين من كَلِم: |
إلهي جفّ طيقف العمر | لا أقوى على سَقمِ |
إلهي صُنْ عراقَ الروحِ | من هوجاءِ مُضطرَمِ |
تجيّشتِ الهمومُ عليه | من سفحٍ إلى قمَمِ |
فمن جوع إلى وجع | ومن ضيْم إلى ظلم |
ولا من حيلة فأحوْلُ | بين أسى ومغتنم |
أنا الراعي، وعاطفتي | عصاي.. وأضلعي غنمي |
دمي مرعايَ.. والينبوعُ | دمعي.. والوجاقُ فمي |
أنادمُ في هزيع العمرِ | ما أهرقتُ من ديم |
وقد مَلكَ الهوى مني | ندى روحي ودفء دمي |
عشقنا.. فانتهينا | بَيْـن مُتَّهِمٍ ومُتَّهَمِ! |
كلانا نادمٌ.. والعشقُ | قد يُفضي إلى ندَمِ! |
*** | *** |
ويابغداد و«الخمسون» | بدءُ صبا يدي نِعَم |
ونافذة ـ لذي ألم | ولا أملٌ ـ على رِمَم |
نُحشِّمُ مَنْ وكلّ فيه | جرحٌ غيرُ ملتئم؟ |
فلا من حزم «هارونٍ» | ولا من عزم «معتصم» |
لمن نشكو و«قاضي العصر» | ما أبقى على قيم؟ |
أضاع بصيرة وغفا | على ريشٍ من الصَمَمِ |
*** | *** |
ظميء.. والشراع ظمي | إلى نهريك والنَسَمِ |
إلى نخل السماوة زُفَّ | بعد الصبرِ للدِّيَمِ |
وفاختةٍ إذا هَدَلتْ | أثار هديلها نغمي |
وحَفَّزت المِداد يصبُّ | كأسَ الحبِ من قلمي |
سلاماً يانميرَ الروحِ | من قلبٍ إليكَ ظمي |