لعمري لقد كان ابن ثور لنهشل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَعَمْرِي لَقَدْ كان ابنُ ثَوْرٍ لنَهشلٍ | غَرُوراً، كمَا غَرّ السّلِيمَ تَمائِمُهْ |
فَدَلاّهُمُ، حَتى إذا ما تَذَبْذَبُوا | بمَهْوَاةِ نِيقٍ أسْلَمَتْهُمْ سَلالمُهْ |
فأصْبَحَ مَنْ تَحْمي رُمَيْلَةُ وابنُها | مُباحاً حِمَاهُ، مُسْتَحَلاًّ محَارِمُهْ |
وَمِثلُكَ قد أبْطَرْتُهُ قَدْرَ ذَرْعِهِ، | إذا نَظَرَ الأقْوَامُ كَيْفَ أُرَاجِمُهْ |
فَمَنْ يَزْدَجِرْ طَيْرَ اليَمِينِ، فإنّما | جَرَتْ لابن مَسعُودٍ يَزِيدَ أشائِمُهْ |
تَسَمّعْ وَأنْصِتْ يا يَزِيدُ مَقالَتي، | وهَلْ أنتَ إنْ أفهَمتُكَ الحقَّ فاهِمُهْ |
أُنَبّئْكَ ما قدْ يَعلَمُ النّاسُ كلُّهمْ، | وَما جاهلٌ شَيئاً كمَنْ هُوَ عالمُهْ |
ألَمْ تَرَ أنّا نَحْنُ أفْضَلُ مِنْكُمُ | قَدِيماً، كما خَيرُ الجَناحِ قَوَادِمُهْ |
وَمَا زَالَ بَاني العِزّ مِنّا، وَبَيْتُهُ، | وَفي النّاسِ باني بَيتٍ عَزٍّ وَهادِمُهْ |
قَديماً ورِثْنَاهُ على عَهْدِ تُبّعٍ | طِوالاً سَوَارِيه شِداداً دَعَائِمُهْ |
وَكَمْ من أسيرٍ قد فكَكنا وَمن دَمٍ | حَمَلنا إذا ما ضَجّ بالثّقْلِ غَارِمُهْ |
بَني نَهْشَلٍ لَنْ تُدرِكُوا بسِبابِكُم | نَوَافَذَ قَوْلي حَيثُ غَبّتْ عَوَارِمُهْ |
مَتى تَكُ ضَيْفَ النّهشَليّ إذا شَتَا، | تجِدْ ناقصَ المِقَرى خَبيثاً مَطاعمُهْ |
ألَمْ تَعْلَمَا يا ابْنيْ رَقَاشٍ بِأنّني | إذا اختارَ حَرْبي مثلُكُمْ لا أسالمُهْ |
غَنِمْنَا فُقَيْماً، إذْ فُقَيْمٌ غَنِيمَةٌ، | ألا كُلّ من عادَى الفُقَيميَّ غانِمُهْ |
فجِئْنا بهِ من أرْضِ بكْرِ بنِ وَائِلٍ، | نَسُوقُ لصيرَ الأَنْفِ حُرْداً قَوادِمُهْ |
أَنَا الشَّاعِرُ الحَامِي حَقِيقَةَ قَوْمِهِ | وَمِثْلي كَفَى الشّرَّ الّذي هوَ جارِمُهْ |
وَكُنتُ إذا عادَيتُ قَوْماً حَمَلْتُهُمْ | على الجَمْرِ حتى يَحسِمَ الداءَ حاسمُهْ |
وَجَيْش رَبَعْنَاهُ، كَأنّ زُهاءَهُ | شَمارِيخُ طَوْدٍ مُشمخرّ مَخارِمُهْ |
كَثيرِ الحَصَى جمِّ الوَغى بالغِ العِدَى، | يُصِمّ السّمِيعَ رزُّهُ وَهَمَاهمُهْ |
لُهامٍ تَظَلّ الطّيرُ تأخُذُ وَسْطَهُ، | تُقادُ إلى أرْضِ العَدُوّ سَوَاهِمُهْ |
مَطَوْنَا بِهِ حَتى كَأنّ جِيادَهُ | نوىً خَلّقَنْهُ بالضُّرُوسِ عَوَاجمُهْ |
قَبَائِلُهُ شَتى، وَيَجْمَعُ بَيْنَها | مِنَ الأمْرِ ما تُلْقَى إلَينا خَزَائِمُهْ |
إذا ما غَدا مِنْ مَنْزِلٍ سَهّلَتْ لَهُ | سَنابِكُهُ صُمَّ الصُّوَى وَمَناسِمُهْ |
إذا وَرَدَ المَاءَ الرّوَاءَ تَظامَأتْ | أوَائِلُهُ حتى يُمَاحَ عَيَالِمُهْ |
دَهَمنا بهمْ بكراً فأصْبَحَ سَبْيُهُمْ | تُقَسَّمُ بِالأنْهَابِ فِينَا مَغانِمُهْ |
غَزَوْنَا بِهِ أرْضَ العَدُوّ، وَمَوّلَتْ | صَعاليكَنَا أنْفالُهُ وَمَقاسِمُهْ |
وَعِندَ رَسُولِ الله، إذْ شَدّ قَبضَهُ، | وَمُلِّىءَ مِنْ أسْرَى تَمِيمٍ أداهِمُهْ |
فَرَجْنا عَنِ الأسرَى الأداهِمْ بَعدَما | تخَمّطَ، وَاشتَدّتْ عَلَيهمْ شكايمُهْ |
فَتِلْكَ مَسَاعِينا قَدِيماً وَسَعْيُنَا | كَرِيمٌ، وَخَيرُ السّعي قِدْماً أكارِمُهْ |
مَساعيَ لمْ يُدْرِكْ فُقَيمٌ خِيَارَها، | وَلا نَهْشَلٌ أحْجَارُهُ وَنَوايِمُهْ |