وكيف بنفس كلما قلت أشرفت
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
وَكَيْفَ بنَفْسٍ كُلّما قُلتُ أشرَفَتْ | على البُرْءِ من حَوْصَاء هيض اندمالُها |
تُهاضُ بِدارٍ قَدْ تَقادَمَ عَهْدُهَا، | وَإمّا بِأمْواتٍ ألَمّ خَيَالُها |
وَما كُنتُ ما دامَتْ لأهْلي حَمُولَةٌ، | وما حَمَلَتْهُمْ يَوْمَ ظَعْنٍ جِمالُها |
وما سَكَنَتْ عَني نَوَارُ فَلَمْ تَقُلْ | عَلامَ ابن لَيْلى، وَهْي غُبْرٌ عيالُها |
تُقِيمُ بِدارٍ قَدْ تَغَيّرَ جِلْدُهَا، | وَطالَ، وَنيِرَانُ العَذابِ، اشْتِعالُها |
لأقَرَبَ أرْض الشّأمِ، والناسُ لم يَقمْ | لَهُمْ خَيْرُهُمْ مَا بَلّ عَيْناً بِلالُها |
ألَسْتَ تَرَى من حَوْلِ بَيتِكَ عائذاً | بِقَدْرِكَ قَدْ أعْيَا عَلَيْها احتِيالُها |
فكَيْفَ تُرِيدُ الخَفضَ بعد الذي ترَى | نِسَاءٌ بِنَجْدٍ عُيَّلٌ وَرِجَالُها |
وَسَوْداءَ في أهْدامِ كَلِّيَن أقْبَلَتْ | إلَينا بِهمْ تَمْشِي وَعَنّا سُؤالُها |
على عاتِقَيْها اثْنَانِ مِنْهُمْ، وإنّها | لَتُرْعَدُ قد كادَتْ يُقِصّ هُزَالُها |
وَمِنْ خَلْفِها ثِنْتَانِ كِلْتَاهُما لَها، | تَعَلّقَ بِالأهْدامِ، وَالشّرُّ حَالُها |
وفي حَجْرِها مَخزُومَةٌ من وَرَائِها | شُعَيْثاءُ، لمْ يَتْمِمْ لحَوْلٍ فِصَالُها |
فَخَرّتْ، وألْقَتْهُمْ إلَيْنَا كَأنّها | نَعامَةُ مَحْلٍ، جَانَبَتْهَا رِئالُها |
فَخرّتْ، وَألْقَتْهُمْ إلَيْنا كَأنّها | نَعامَةُ مَحْلٍ، جَانَبَتْهَا رِئَالُها |
إلى حُجّرَةٍ كَمْ مِنْ خِبَاءٍ وَقُبّةٍ | إلَيْها، وَهُلاّكٍ كَثِيرٌ عَيَالُها |
وَبالمَسجِدِ الأقصَى الإمامُ الذي اهتَدى | بِهِ مِنْ قُلُوبِ المُمْتَرِينَ ضَلالُها |
ب كَشَفَ الله البَلاءَ، وَأشْرَقَتْ | لَهُ الأرْضُ والآفاقُ نَحْسٌ هلالُها |
فَلَمّا اسْتهَلّ الغَيثُ للنّاسِ وانجلتْ | عَنِ النّاسِ أزْمانٌ كَوَاسِفُ بَالُها |
شَدَدْنا رِحالَ المَيْسِ وَهْيَ شَجٍ بها | كَوَاهِلُها، مَا تَطْمَئِنّ رِحَالُها |
فأصْبَحَتِ الحاجاتُ عندكَ تنتَهي، | وَكُلّ عَفَرْنَاةٍ إلَيْكَ كَلالُها |
حَلَفْتُ لئنْ لمْ أشتَعْب عن ظهورِها | لَيَنْتَقِيَنْ مُخَّ العِظَامِ انْتِقَالُها |
إلى مُطلِقِ الأسْرَى سُلَيمان تَلتَقي | خَذارِيفُ بَينَ الرّاجِعاتِ نِعالُها |
كَأنّ نَعَامَاتٍ يُنَتِّفْنَ خُضْرَةً، | بِصَحْرَاءَ مِمْرَاحٍ، كَثيرٌ مَجالُها |
يُبادِرْنَ جُنْحَ اللّيلِ بيضاً وَغُبْرَةً، | ذُعِرْنَ بِها، والعِيسُ يُخشَى كَلالُها |
كَأنّ أخَا الهَمّ الّذي قَدْ أصَابَهُ، | بهِ مِنْ عَقابيلِ القَطِيفِ مُلالُها |
وَقُلْتَ لأهْلِ المَشْرِقَينِ ألمْ تَكُنْ | عَلَيكُمْ غُيُومٌ، وَهي حُمْرٌ ظلالُها |
فَبُدّلْتُمُ جَوْدَ الرّبِيعِ، وَحُوّلَتْ | رَحىً عنكُمُ كانَتْ مُلِحّاً ثِفالُها |
ألا تَشْكُرُونَ الله إذْ فَكّ عنْكُمُ | أداهِمَ بِالمَهْدِيّ، صُمّاً ثِقالُها |
هَنَأناهُمُ حَتى أعَانَ عَلَيْهِمُ | من الدّلْو أوْ عَوّا السّماكِ سِجالُها |
إذا ما العَذارَى بالدّخانِ تَلَفّعَتْ، | وَلمْ يَنْتَظِرْ نَصْبَ القُدُورِ امتلالُها |
نحَرْنَا، وَأبْرَزْنا القُدُورَ، وَضُمّنَتْ | عَبيطَ المَتالي الكُومِ، غُرّاً مَحالُها |
إذا اعتَرَكَتْ في رَاحَتَيْ كلّ مُجمِدٍ، | مُسَوَّمَةً، لا رِزْقَ إلاّ خِصَالُها |
مَرَيْنا لِهُمْ بالقَضْبِ من قَمَعِ الذّرَى | إذا الشَّوْلُ لمْ تُرْزِمْ لدَرٍّ فِصَالُها |
بَقَرْنا عَنِ الأفْلاذِ بالسّيفِ بَطنَها، | وَبالسّاقِ من دُونِ القِيامِ خَبالُها |
عَجِلْنا عَنِ الغَليِ القِرَى من سَنامها | لأضيْافِنا، والنّابُ وَرْدٌ عِقالُها |
لَهُمْ أوْ تَمُوتَ الرّيحُ وَهيَ ذَمِيمَةٌ | إذا اعْتَزّ أرْوَاحَ الشّتَاءِ شَمَالُها |
وَصَارِخَةٍ يَسْعَى بَنُوهَا وَرَاءَها، | على ظَهْرِ عُرْيٍ زَلّ عَنْهُ جِلالُها |
تُلَوّي بِكَفّيْها عَناصِيَ ذِرْوَةٍ، | وَقَدْ لحِقَتْ خَيْلٌ تَثُوبُ رِعَالُها |
مُقاتِلَةٍ في الحَيّ مِنْ أكْرَمَيْهِمُ، | أبُوها هُو ابنُ العَمّ لَحّاً وَخالُها |
إذا التَفَتَتْ سَدّ السّمَاءَ ورَاءَهَا | عَبِيطٌ، وَجُمْهورٌ تَعادَى فِحالُها |
أناخَتْ بِهَا وَسْطَ البُيُوتِ نِساؤنَا، | وَقَد أُعجِلَتْ شدَّ الرّحالِ اكتِفالُها |
أنَخْنَا، فأقْبَلْنا الرّمَاحَ وَرَاءَهَا | رِمَاحاً، تُسَاقي بِالمَنَايا نِهَالُها |
بَنُو دارِمٍ قَوْمي تَرَى حُجُزاتِهِمْ | عِتاقاً حَوَاشِيها، رِقَاقاً نِعَالُها |
يَجُرّونَ هُدّابَ اليَماني، كَأنّهُمْ | سُيُوفٌ جَلا الأطباعَ عَنها صِقالُها |
وَشِيمَتْ بهِ عَنكُمْ سُيوفٌ علَيَكمُ | صَباحَ مَساءً بالعِرَاقِ اسْتلالُها |
وَإذْ أنْتُمُ مَنْ لمْ يَقُلْ أنَا كَافِرٌ، | تَرَدّى، نَهَاراً، عَشْرَةً لا يُقالُها |
وَفَارَقَ أُمَّ الرّأسِ مِنهُ بضَرْبَةٍ، | سَرِيعٍ لِبَيْنِ المَنْكِبَيْنِ زِيَالُها |
وَإنْ كانَ قَدْ صَلّى ثَمانينَ حِجّةً، | وَصَامَ وأهْدَى البُدنَ بيضاً خِلالُها |
لَئِنْ نَفَرُ الحَجّاجِ آلُ مُعَتِّبٍ | لَقُوا دَوْلَةً كانَ العدُوُّ يُدالُها |
لَقَدْ أصْبَحَ الأحْيَاءُ مِنْهُمْ أذِلّةً، | وفي النّارِ مَثوَاهُمْ كُلُوحاً سِبالُها |
وَكَانُوا يَرَوْنَ الدّائِراتِ بغَيْرِهِمْ، | فَصَارَ عَلَيهِمْ بالعَذابِ انْفِتالُها |
وَكَانَ إذ قِيلَ اتّقِ الله شَمّرَتْ | بِهِ عِزّةٌ، لا يُسْتَطَاعُ جِدالُها |
ألِكْني إلى مَنْ كان بالصّينِ إذ رَمَتْ | بالهِنْدَ ألْوَاحٌ عَلَيْها جِلالُها |
هَلُمّ إلى الإسْلامِ وَالعَدْلُ عِنْدَنا، | فَقَدْ ماتَ عن أرْضِ العرَاق خَبالُها |
فما أصْبَحَتْ في الأرْضِ نَفسٌ فقيرَة، | وَلا غَيْرُها، إلاّ سُلَيْمانُ مَالُها |
يَمِينُكَ في الأيْمَانِ فَاصِلَةٌ لَهَا، | وَخَيرُ شِمالٍ عِنْدَ خَيرٍ شِمَالُها |
فأصْبَحَتَ خَيرَ النّاسِ وَالمُهتَدى به | إلى القَصْدِ وَالوُثْقَى الشّديدِ حِبالُها |
يَداك يَدُ الأسْرَى التي أطْلَقَتْهُمُ، | وأُخْرَى هي الغَيثُ المُغيثُ نَوَالُها |
وَكَمْ أطلَقَتْ كفاكَ من قيد بائِسٍ | وَمِنْ عُقدَةٍ ما كانَ يُرْجى انحلالُها |
كثيراً من الأسرى التي قَدْ تَكَنَّعَتْ | فكَكْتَ وَأعْنَاقاً عَلَيْها غِلالُها |
وَجَدْنا بَني مَرْوانَ أوْتَادَ دِينِنَا، | كما الأرْضُ أوْتادٌ عَلَيها جِبَالُها |
وَأنْتُمْ لِهَذا الدِّينِ كَالقِبْلَةِ التي | بها إنْ يَضِلَّ النّاسُ يَهدي ضَلالُها |