نشدتك الله من برق على إضم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نَشَدْتُكَ الله مِنْ بَرْقٍ على إضَمِ، | لمّا سَقَيتَ جُنوبَ الحَزْنِ، فالعَلَمِ |
وَصُبْتَ بَيْنَهُمَا، حتى تُسيلَهُمَا | بمُسْتَهِلٍّ، مِنَ الوَسميّ، مُنسَجِمِ |
مَنازِلٌ، لا تُجيب الصّبَّ من خَرَسٍ، | وَلا ترِِيعُ إلى شَكْوَاهُ مِنْ صَمَمِ |
أقَامَ يَنْشُدُ شَمْلاً، غَيرَ مُتّفِقٍ، | مِنْ آلِ لَيلى وَشِعْباً غَيرَ مُلْتَئِمِ |
وَقَدْ تَكُونُ بهاِ قُضْبانُ إسْحِلَةٍ | مُهتَزّةٍ في احمِرَارِ الوَرْدِ وَالعَنَمِ |
إذْ وِدُّ لَيلى صَحيحٌ، غَيرُ مُؤتَشِبٍ، | وَخََبلاًُ لَيلى جَديدٌ، غَيرُ مُنصَرِمِ |
تُعدَى القُلوبُ بعَيْنَيْها إذا نَظَرتْ، | حتى تُجِدّ لهَا حَبْلاً مِنَ السّقَمِ |
أمَا، وَضَحكَتِها عن وَاضحٍ رَتِلٍ، | تُنْبي عَوَارِضُهُ عَنْ بارِدٍ شَبِمِ |
لَقَد كَتَمْتُ هَوَاها، لوْ يُطاوِعُني | شَوْقٌ لَجوجٌ، وَدَمعٌ غَيرُ مُنكَتِمِ |
ألله جَارُ بَني خَاقانَ إنّهُمُ الـ | ـأثرَوْنَ من كَرَمِ الأخلاقِ وَالشّيَمِ |
بَيْتٌ تَقَدّمَ فيهِ المَجدُ، وَاجتَمعتْ | لهُ عِظامُ المَساعي وَالعُلاَ القُدُمِ |
النّازِحُونَ عَنِ الفَحشاءِ يُبعِدُهُمْ | عَنْ لُؤمِها عِظَمُ الأَخطَارِ والهِممِ |
ما انفَكّ مَجدُ عُبَيدِ الله يُكسِبُهمْ | مَحبّةً مِنْ صُدورِ العُرْبِ وَالعَجَمِ |
مَا إنْ يَزَالُ النّدَى يُدْني إلَيهِ يَداً | مُمتاحَةً مِنْ بَعيدِ الدّارِ وَالرّحِمِ |
يَلُومُهُ عَاذِلوهُ، في سَماحَتِهِ، | على خَلائِقَ لمْ تُذْمَمْ، وَلمْ تُلَمِ |
خِرْقٌ، أقامَ قَناةَ المُلْكِ، فاعتدلتْ | بمُسْتَتِبٍّ مِنَ التّدْبيرِ، مُنتَظِمِ |
مُستَحكِمُ الرّأيِ لا عَهدُ الصّبَا كثبٌ | منهُ، وَلا هوَ بالمُوفي على الهَرَمِ |
قد أكمَلَ الحِلمَ، وَاشتَدّتْ شكيمتُه | على الأعادي، وَلم يَبلُغْ مدى الحُلُمِ |
فكَيفَ إذا شابَ وَاجتازَتْ تجَارِبُهُ | لَهُ الحِجَى وَتَلَقّى الحَزْمَ من أُمَمِ |
طَرْفٌ مُطِلٌّ على الآفاقِ، يكلأهَا | بِنَاظِرٍ، لمْ يُنَمْ عَنها، وَلمْ يَنَمِ |
مُذَلَّلُ السَّمْعِ للدَّاعِينَ ، لَيْسَ بِذِي | بَأْوٍ عَلَى الصَّارِخِ الأَقْصَى ولا بُذُمِ |
إذا استَعاذَ بهِ المُستَصرِخُونَ رَأوْا | وَجهاً يُجَلّي سَوَادَ الظُّلْمِ، وَالظُّلَمِ |
إنْ قَلّلُوا هَيْبَةً، أوْ أكثرُوا لَغَطاً، | أصْغى بحِلْمٍ، وَرَدّ القَوْلَ عن فَهَمِ |
أَو أغْفَلُوا حُجّةً لمْ يُلْفَ مُسترِقاً | لهَا، وَإنْ يَهِمُوا في القَوْلِ لمْ يهِمِ |
حارِسُ مُلْكٍ، لَهُ مِن دونِهِ أبَداً | صَدْرٌ شَفيقٌ، وَرَأيٌ غَيرُ مُتّهَمِ |
سُسْتَ الخِلافَةَ إشْرَافاً وَحَيِّطَةً، | وَذُدتَ عن حَقِّها بالسّيفِ وَالقَلمِ |
وَلمْ يَزَلْ لكَ، مُذْ وُلّيتَ حَوْزَتَها، | غَوْثٌ للَهْفَانِ، أوْ نَصْرٌ لمُهتَضَمِ |
تِلْكَ الرَّعِيَّةُ مَوْفُوراً جوَانِبُها | وقد تَكُونُ كَنَهْبٍ شَعَّ مُقْتَسَمِ |
رَأوْكَ حِرْزاً لَهُمْ مِنْ كلّ بائِقَةٍ، | وَعُصْمَةً فيهمِ مِنْ أوْثَقِ العُصَمِ |
وَما انفَكَكتَ وَما انفَكّتْ أناتُكَ من | توْفيرِ وَفْرِ امْرِىءٍ منهُم وَحَقنِ دَمِ |
تَوَخّياً لاصْطِنَاعِ العُرْفِ تَصْنَعُهُ | في الصّالحينَ، وَإبْقاءً على النِّعَمِ |
أظَلّهُمْ مِنكَ جُودٌ، لَوْ وَسَمتَ به | مَنابِتَ الأرْضِ لاستَغنَتْ عن الدّيمِ |
ما كُنتَ فيهِ بمَنْزُورِ النّوَالِ، وَلا | رَثِّ الفَعالِ، وَلا مُستَحدَثِ الكرَمِ |
إنّي أمُتّ بِوِدٍّ قَدْ تَقادَمَ عَنْ | حَدْثِ اللّيالي، وَلمْ يُخلِقْ على القِدَمِ |
وَذِمّةٍ بكَ لمْ يُشْبِهْ تأكُّدَها، | إلاّ وَفاؤكَ، للأقْوَامِ، بالذّمَمِ |