فيم ابتداركم الملام ولوعا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فيم ابتِدارُكُمُ المَلاَمَ وَلُوعَا، | أبَكَيْتُ إلاّ دِمْنَةً، وَرُبُوعا |
عَذَلوا فَما عَدَلوا بقَلبي عَن هَوًى، | وَدَعَوْا فَما وَجَدوا الشّجيّ سَمِيعا |
يا دارُ، غَيّرَهَا الزّمَانُ، وَفَرّقَتْ | عَنْهَا الحَوَادِثُ شَملَهَا المَجْمُوعَا |
لَوْ كَانَ لي دَمْعٌ يُحَسّنُ لَوْعَتي، | لتَركتُهُ في عَرْصَتَيْكِ خَلِيعَا |
لا تَخْطُبي دَمْعِي إليّ، فَلَمْ يَدَعْ | في مُقْلَتَيّ جَوَى الفِرَاقِ دُمُوعَا |
وَمَرِيضَةِ اللّحَظَاتِ يُمرِضُ قَلْبَها | ذِكْرُ المَطَامِع عفّةً، وَقُنُوعا |
تَبْدُو فيُبْدي ذُو الصّبَابَةِ سرهُ | عمْداً، وَتترِكُ الجَليدَ جَزُوعا |
كادَتْ تُنَهْنِهُ عَبْرَتي عزَمَاتُهَا، | لَمّا رأتْ هَوْلَ الفِراقِ فَظِيعا |
لأبي سَعيدِ الصّامِتيّ عَزَائِمٌ، | تُبدي لَهَا نُوَبُ الزّمانِ خُضُوعَا |
مَلِكٌ، لِمَا مَلَكَتْ يَداهُ مُفَرِّقٌ، | جُمِعَتْ أداةُ المَجْدِ فيهِ جَمِيعَا |
بَذَّ المُلُوكَ تَكَرّماً، وَتَفَضّلاً، | وأحانَ، من نَجْمِ السّماحِ، طلُوعا |
مُتَيَقِّظُ الأحْشَاءِ، أصْبَحَ للعِدَى | حَتْفاً يُبِيدُ، وللعُفاةِ رَبِيعَا |
سَمْحَ الخَلاَئِقِ، للعَوَاذِلِ عَاصِياً | في المَكْرُمَاتِ، وللسّماحِ مُطِيعَا |
ضَخْمَ الدّسَائعِ، للمَكارِمِ حَافِظاً | بنَدَى يَدَيْهِ، وللتِّلادِ مُضِيعَا |
مُتَتَابِعَ السّرَاءِ والضّرّاءِ لَمْ | يُخْلَقْ هَيُوباً للخُطُوبِ، هَلُوعَا |
تَلْقَاهُ يَقْطُرُ سَيْفُهُ وَسِنَانُهُ | وَبَنَانُ رَاحَتِهِ نَدًى وَنَجيعا |
مُتَنَصِّتاً لصَدَى الصّريخِ إلى الوَغَى، | ليُجيبَ صَوْتَ الصّارِخِ المَسمُوعَا |
ولقد يبيتَ اللّيْلَ ما يَلقَى لَهُ، | إلاّ الحُسامَ المَشْرَفيّ، ضَجِيعَا |
مُتَيَقِّظاً كالأُفْعُوَانِ نَفَى الكَرَى | عَن ناظِرَيْهِ، فما يَذُوقُ هُجُوعَا |
لله دَرُّكَ، يا بنَ يوسُفَ، منْ فَتًى | أعْطَى المَكَارِمَ حَقّها المَمْنُوعَا |
نَبّهْتَ منْ نَبْهَانَ مَجْداً لمْ يَزَلْ | قِدْماً لمَحْمُودِ الفَعَالِ رَفِيعَا |
وَلَئِنْ بنيَتِ العُلا لَهُمُ لَمَا انْـ | ـفَكُّوا أُصُولاً للعُلا، وَفُرُوعَا |
قَوْمٌ، إذا لَبِسُوا الدُّروعَ لمَوْقِفٍ | لَبِسَتْهُمُ الأعْرَاضُ فيهِ دُرُوعَا |
لا يُطْمِعُونَ خُيُولَهُمْ في جَوْلَةٍ، | إنْ نِيلَ كَبْشُهُمُ، فخَرّ صَرِيعَا |
لله دَرُّكَ، يَوْمَ بابِكَ، فارِساً | بَطَلاً، لأبْوَابِ الحُتُوفِ، قَرُوعَا |
لَمّا أتَاكَ يَقُودُ جَيْشاً أرْعَناً، | يَمْشي إلَيْهِ كَثَافَةً، وَجُمُوعَا |
وَزّعْتَهُمْ بَينَ الأسِنّةِ والظُّبَا | حَتّى أبَدْتَ جُمُوعَهُمْ تَوْزِيعَا |
في مَعْرَكٍ ضَنْكٍ تَخَالُ بِهِ القَنَا | بَينَ الضّلُوعِ، إذا انحَنَيْنَ، ضُلُوعَا |
ما إنْ ثَنَى فيهِ الأسِنّةَ والظُّبَا | لِطُلَى الفَوَارِسِ سُجّداً، وَرُكُوعا |
جَلّيْتَهُ بشُعَاعِ رَأسٍ، رَدَّهُ | لُبْسُ التّرَائِكِ للهِيَاجِ صَليعَا |
لَمّا رَأوْكَ تَبَدّدَتْ آرَاؤهُمْ، | وَغَدَا مُصَارِعُ حَدّهِمْ مَصْرُوعَا |
فَدَعَوْتَهمْ بظُبَى السّيوفِ إلى الرّدى، | فأتَوْكَ طُرّاً مُهْطِعِينَ، خُشُوعَا |
حتّى ظَفِرْتَ بِبَذّهمْ، فَتَرَكْتَهُ، | للذّلّ جانِبُهُ، وَكَانَ مَنيعَا |
وَبذي الكَلاعِ قَدَحتَ من زَنْد القَنَا | حَرْباً، بإتْلافِ الكُماةِ، وَلُوعا |
لَمّا رَمَيْتَ الرّومَ منْهُ بِضُمّرٍ، | تُعْطي الفَوَارِسَ جَرْيَها المَرْفُوعَا |
كُنْتَ السّبيلَ إلى الرّدى، إذْ كنتَ في | قَبْضِ النّفُوسِ، إلى الحِمَامِ، شَفيعَا |
في وَقْعَةٍ أبْقَى عَلَيْهِمْ غِبُّها | رَخَمَ الفَيافي والنّسُورَ وُقُوعَا |
هَذا، وأيُّ مُعَانِدٍ ناهَضْتَهُ | لَمْ تُجْرِ مِنْ أوْدَاجِهِ يَنْبُوعَا |