مساعيكَ لا تحصى فتدركَ بالعدِّ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
مساعيكَ لا تحصى فتدركَ بالعدِّ | وَمَجْدُكَ لاَيَرْضَى الوُقُوفَ عَلَى حَدِّ |
وَمَا قَصَّرَتْ فِيكَ الصِّفاتُ تَعَمُّداً | وَلكنها جازتْ عنِ القصدِ |
وَإِنَّكَ إِنْ دَانَ الْمَقَالُ وَإِنْ عَصَى | بغيرِ شريكٍ في الثناءِ الذي نهدي |
بأجنحة ِ الفتخِ ارتقيتَ محلقاً | وَأَحْسَبُهُمْ طَارُوا بِأَجْنِحَة ِ الرُّبْدِ |
أَضَفْتَ إِلَى الْجَدِّ اجْتِهَادَاً وَلَمْ تَكُنْ | كَمَنْ تَرَكَ الْجِدَّ اتِّكَالاً عَلَى الْجَدِّ |
وَكُلٌّ إِلَى الْعَلْياءِ ظَامٍ وَإِنَّمَا | تعزُّ بأسبابٍ حمتْ سبلَ الوردِ |
وَأَنْتَ أَخَفْتَ الدَّهْرَ حَتَّى بَزَزْتَهُ | عَزَائِمَهُ أَيَّامَ يَعْدُوَ وَلاَ مُعْدِ |
فَصَارَ يَرى فِي كُلِّ يَوْمٍ رَشَادَهُ | وَكَمْ مَرَّ عَامٌ وَهْوَ عَامٍ عَنِ الرُّشْدِ |
فَلاَ فَلَّلَتْ أَحْداثُهُ غَرْبَ صَارِمٍ | وَفي اللهُ للإسلامِ مذْ سلَّ بالوعدِ |
وَألفى إمامُ العصرِ نصرة َ جدهِ | إلى الأزردِ تعزى فاصطفى أشرفَ الأزدِ |
وَمَا اجْتَابَ عِقْداً مِنْ جَوَاهِرِ فِعْلِهِ | وَإِنْ جَلَّ إِلاَّ كُنْتَ وَاسِطَة َ الْعِقْدِ |
أَمَا مِنْكُمُ أَنْصَارُ ذَا الدِّينِ سَالِفاً | ببيضِ المواضي وَالردينية ِ الملدِ |
وَمِنْهُمْ رِجَالٌ قَارَعُوا عَنْ نَبِيِّهِمْ | ببدرٍ وَمنهمْ ذو العصابة ِ في أحدِ |
مَضى آخِذاً سَيْفَ الرَّسُولِ بِحَقِّهِ | فَبَاءَ بِهِ مُحْدَوْدِباً دَامِيَ الْحَدِّ |
وَحَسْبُ الْعَتِيكِ بِالْمُهَلَّبِ وَابْنِهِ | يزيدَ معزيْ دولة ٍ باذليْ رفد |
وَيَوْمَ الْقُرَيْظِييِّنَ أَيَّامَ شَعَّبَتْ | شَعُوبُ عَصَاهُمْ لَمْ يُحَكَّمْ سِوى سَعْدِ |
وَأَشْيَاخُكَ الْمَاضُونَ فِي سَنَنِ الْعُلى | أقاموا كراماً وَاستقاموا على حردِ |
أسودُ وغى ً تردي عداها مخافة ً | إذا أصبحتْ قبُّ العتاقِ بهمْ تردي |
وَإِنْ عَرَّدَ الْحَامُونَ فِي حَوْمَة ِ الْوَغى | أَطَارُوا إِلَيْهَا كُلَّ ذَاتِ نَساً عَرْدِ |
وَإنْ شحتِ الأنواءُ سحتْ أكفهمُ | مَوَاهِبَ تُلْوِي بِالطَّوَارِفِ وَالتُّلْدِ |
وَإنكَ أعفاهمْ عنِ الجرمِ قادراً | وَأوفاهمُ في نصرة ِ الحقَّ بالعهدِ |
إِلى مَلِكٍ يَلْقاهُ عافِي نَوَالِهِ | وَأطوعهمْ للهِ في الحلَّ وَالعقدِ |
فداؤكَ أرواحٌ حبيبٌ بقاؤها | أَجَلْ وَنفُوسٌ غَيْرُ مَكْرُوهَة ِ الْفَقْدِ |
وَكلُّ ثقيلِ السمعِ عنْ مستغيثهِ | فَدَاعِيهِ مِنْ قُرْبٍ كَدَاعِيهِ مِنْ بُعْدِ |
بهِ صممٌ عندَ السؤالِ فإنْ لحى | عَلَى الْجُودِ لاَحٍ كَانَ أَسْمَعَ مِنْ خُلْدِ |
ملأتَ قلوبَ الخلقِ خوفاً وَرهبة ً | فأنتَ مصونُ الجارِ مبتذلُ الضدَّ |
فذو طيلسانٍ أنتَ أمْ ربُّ صارمٍ | وَذا لبدٍ أمطيتَ أمْ ظهرَ ذي لبدِ |
وَقُرَّة ُ لَمّا أَنْ عَصتْكَ سَلَبْتَها | مواريثَ إقدامٍ عنِ الأبِ وَالجدَّ |
ضراغمُ جازتْ طورها فأحلتها | نعائمَ دوّ لاَ تمنعُ منْ طردِ |
مُصَعْصَعَة َ الأَعْوَانِ نَابِيَة َ الشَّبَا | مضعضعة َ الأركانِ كابية َ الزندِ |
عضدتَ السيوفَ فانبرتْ شفراتها | محكمة ً في كلَّ محكمة ِ السردِ |
وَلَوْ لَمْ يُؤَيِّدْهَا اعْتِزَامُكَ فُضِّلَتْ | صناعة ُ داودٍ على صنعة ِ الهندِ |
وَمُنْذُ نَصَرْتَ الدِّينَ ظَلَّتْ جُيُوشُهُ | مُظَفَّرَة َ الرَّايَاتِ مَنْصُورَة َ الْجُنْدِ |
وَلَوْ لَمْ تَدَعْ جُنْدَاً عَزَائِمُ لَوْ رَمى | بِهَا سُدَّ يِأْجُوجٍ مَرَقَنْ مِنَ السُّدِّ؟ |
بعزٍّ مطولٍ في علاً وَجلالة ٍ | وَغَيْرِ مَطُولٍ فِي وَعِيدٍ وَلاَ وَعْدِ |
لَهُ سُورَة ٌ أَعْيَا الْمُلوكَ ادِّعاؤُهَا | وَسَوْرَة ُ عِزٍّ دُونَها سَوْرَة ُ الأْسْدِ |
وَعزمكَ لاَ ينبو فدمْ قاطعاً بهِ | يداً حملتْ كفَّ العقوقِ منَ الزندِ |
تُبالِغُ فِي بسْطِ الرَّدى غَيْرَ مُعْتَدٍ | وَتسرفُ في بذلِ الندى غيرَ معتدَّ |
فلاَ تمهلنَّ مظهراً لكَ طاعة ً | فإني أراهُ مضمراً ضدَّ ما يبدي |
يقرُّ بها بالقولِ إقرارَ مسلمٍ | وَيُنْكِرُها بِالْفِعْلِ إِنْكَارَ مُرْتَدِّ |
فَشَرِّقْ بِرَأْيٍ مَهَّدَ الْغَرْبَ مُوقِناً | بتمهيد ما بينَ العراقينِ وَالسندِ |
لعمري لقدْ حازتْ يداكَ فضائلاً | تسدُّ على حسادها طرقَ الجحد |
فَلاَ يَتَظَنَّوْا أَنَّها مُسْتَجَدَّة ٌ | فإنكَ مهديٌّ إليها منَ المهدِ |
فللهِ هذا السعيُ كمْ فاتَ طالباً | وَكمْ فلَّ من خطبٍ وَكمْ فتَّ في عضدِ |
وَهلِ للمعنى ظلَّ يحسدكَ العلى | سِوى الأْمَلِ الْمَكْدُودِ وَالطَّلَبِ الْمُكْدِي |
تقاصرُ أعلامُ البلادِ لأينقي | فَهَلْ عَلِمَتْ قَصْدِيكَ يا عَلَمَ الْمَجْدِ |
وَهَلْ شَفَّ كُوُمَ الْعِيسِ شَوْقٌ مُبَرِّحٌ | كشوقي فلجتْ في الذميلِ وَفي الوخدِ |
أَيا مَنْ نُفُوسُ الْخَلْقِ هِباتِهِ | بعزة ِ مجدٍ لاَ بذلة ِ مستجدي |
وَأروعَ لاَ يقضي على الجودِ للغنى | وَلكِنّهُ يَقْضِي عَلَى الْوَفْرِ لِلْوَفْدِ |
أبا منْ نفوسُ الخلقِ بعضُ هباتهِ | تعذرَ منْ يسدي النوالَ كما تسدي |
وَيا منْ يرى بالقاصديهِ كما يرى | أَخُو صَبْوَة ٍ بِالوَصْلِ فِي عَقِبِ الصَّدِّ |
لَقَدْ مُدِحَ الأجْوَادُ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ | وَما وجدوا بالمكرماتِ كذا الوجدِ |
وَشَبَّهَ عَنْ جَهْلٍ حَبِيبٌ وَلَوْ رَأَى | زمانكَ لمْ يعدلْ بهِ زمنَ الوردِ |
لَئِنْ صَحَّ أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْعُمْرِ زَائِدٌ | فأيسرُ ما تأتيهِ يفضي إلى الخلدِ |
وَإنْ سدتَ في الأيامِ كلَّ مسودٍ | لَقَدْ ذُدْتَ مِنْ أَحْدَاثِها كُلَّ مُسْوَدِّ |
ليهنكَ ما أصفتكَ ألسنة ُ الورى | مِنَ الِشُّكْرِ عَفْواً وَالقُلُوبُ مِنَ الْوُدِّ |
قُلُوبٌ ذَعَرْتَ الْخَوْفَ عَنْها بِضِدِّهِ | فَأَنْتَ بِها أَحْلى مِنَ الْمالِ وَالْوُلْدِ |
بقيتَ لمولانا فأهلُ بلادهِ | بِذَبِّكِ الإحْسانِ فِي زَمَنٍ رَغْدِ |
وَإِنّ خَطِيرَ مُلْكِهِ وَصَفِيَّهُ | بربعكَ نوءاً رحمة ٍ كوكبا سعدِ |
همامانِ قدْ سنا منَ العدلِ سنة ً | يُقَصِّرُ عَنْ تَعْدِيدِها لَدَدُ اللُّدِّ |
ألاَ إنني أضربتُ عنْ كلَّ مطلبٍ | سِوَاكَ فَعَدَّيْتُ الثِّمادَ إِلى الْعِدِّ |
تَرَكْتُ ظِلاَلاً يُسْتَظَلُّ بِغَيْرِها | وَملتُ إلى ظلًّ على الخلقِ ممتدَّ |
وَقُلْتُ لِأَيّامِي بَلَغْتُ مَدى الْعُلى | فحلي خناقَ الحظَّ إنْ شئتِ أوْ شدي |
وَقَدْ تِهْتُ في طُرْقِ النَّباهَة ِ فَکهْدِني | إِلَيْها فَما يَخْشى الضَّلاَلَة َ مَنْ تَهْدِي |
فعندي منَ الإقدام ما عندَ أسرتي | وَما عِنْدَهُمْ مِنْ وَصْفِ مَجْدِكَ ما عِنْدِي |
وَأَيْسَرُ ما أَسْعى لَهُ الْفِقَرُ الَّتي | تُعجِّزُ مَن قَبْلِي وَتَعْجِزُ مَن بَعْدِي |
أشفُّ منَ البردِ المحبرِ ملبساً | وَأسرعُ في قطعِ البلادَ منَ البردِ |
قوافٍ إذا أنشدنَ لمْ يدرِ سامعٌ | رَقَتْ مِنْ دِمَشْقٍ أَوْ تَحَدَّرْنَ مِنْ نَجْدِ |
وَلوْ لمْ يكنْ فضلُ المحامدِ باهراً | لَما افْتُتِحَ الذِّكِرُ الْمُنَزَّلُ بِالْحَمْدِ |
فلاَ زلتَ منهُ لابساً كلَّ حلة ٍ | يفضلُ رياها على أرجِ الندَّ |
وَلاَ زالتِ الأعيادُ تأتي وَتنكفي | وَأنتَ عليُّ الذكرِ وَالقدرِ وَالمجدِ |