أَجْدِرْ بِمَنْ عادَاكَ أَنْ يَتَذَلَّلا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَجْدِرْ بِمَنْ عادَاكَ أَنْ يَتَذَلَّلا | وبمنْ أردتَ لقاءهُ أنْ ينكلا |
لمْ يزجِ أرمانوسُ نحوكَ رسلهُ | حتّى تخوَّفَ أنْ يكونَ الفيصلا |
كَالْعَيرِ يُوْعِرُ جاهِداً فَإِذَا رَأَى | إِيْعارَهُ ضَرَراً عَلَيْهِ أَسْهَلا |
قدْ نابَ عنْ إسلامهِ استسلامهُ | بَعْدَ الْخُضُوعِ عَلَيْهِ سِتْراً مُسْبَلا |
ما فَالَ رَأْيُ الرُّومِ لَما عاجَلُوا | طَلَبَ الأَمانِ مَخافَة ً أَنْ يُعْجَلا |
فَاسْتَنْزَلُوا عَنْ مُلْكِهِمْ مَنْ لاَ يُرى | فِيهِ بِمِثِلِ فِعَالِهِمْ مُسْتَنْزَلا |
واستصفحوا هذي الصِّفاحَ فأطفؤا | بخضوعهمْ منها حريقاً مشعلا |
قدْ ماجَ بحرهمُ فلمْ يحفلْ بهِ | بَحْرٌ يُغادِرُ كُلَّ بَحْرٍ جَدْوَلا |
وَالرِّيحُ إِنْ هَبَّتْ يَهُزُّ هُبُوبُها | نارَ الذُّبالِ بأنْ تحرِّكَ يذبلا |
عنيتْ بشمسِ العزمِ بعدَ بزوغها | في ............. |
وَلَوَ انَّها طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ طَلْعَة ً | لَرَأَيْتَهُمْ مِنها هَباءً مُهْمَلا |
في هدنة ٍ قدْ قلَّدتهمْ منَّة ً | تأبى صنائعُ ربِّها أنْ تجهلا |
ضلَّ السَّبيلَ فلمْ يفزْ بنجاتهِ | مَنْ ظَلَّ يَطْلُبُ غَيْرَ عَفْوِكَ مَوْئِلاً |
فليقهرِ الأديانَ غيرَ مدافعٍ | دِينٌ غَدَوْتَ بِنَصْرِهِ مُتَكَفِّلا |
أمبلِّغَ الرُّسلِ المرادَ لقدْ رأوا | مِنْ دُونِ قَصْرِكَ ما يَسُوءُ الْمُرسِلا |
جيشاً تظلُّ لهُ الشَّواهقُ خشَّعاً | وَتكادُ مِنْهُ الأَرْضُ أَنْ تَتَزلْزَلا |
حتّى رأوكَ ومنْ رآكَ فلمْ يرعْ | يئسوا وقدْ نظروكَ ذاكَ الجحفلا |
وَتَحَقَّقُوا ما رَابَهُمْ بِتَوَهُّمٍ | وَرَأَوْا عِياناً ما رَأَوْهُ تَخَيُّلا |
خطبتْ إليكَ السِّلمَ أملاكُ الورى | فَغَدَتْ وُفُودُهُمُ بِبابِكَ مُثَّلا |
كَمْ قَدْ أَتَتْكَ مُخِفَّة ً وَأَعَدْتَها | لاَ تَسْتَطِيعُ بِما أَنَلْتَ تَحَمُّلا |
شيَّدتَ للإسلامِ فلتسلمْ لهُ | بِعُلاَكَ عِزّاً لاَ يَرِيمُ مُؤَثَّلا |
لاَ يَطْمَعَنَّ بِأَنْ يُسَامِيَ ذَا الْعُلى | سامٍ ولوْ كانَ السِّماكَ الأعزلا |
كلاَّ ولاَ ريّاً يؤمِّلُ دونها | ظَامٍ وَلَوْ شَامَ الْغُيُوثَ الْهُطَّلا |
لَمَّا ارْتَضَتْكَ لَهَا الْخِلاَفَة ُ عُدَّة ً | ثُمَّ انْتَضَتْكَ فَكُنْتَ عَضْباً مِقْصَلا |
أَصْبَحْتَ صاحِبَ رَأْيها إِنْ عَضَّها | زَمَنٌ وَحاسِمَ دَائِها إِنْ أَعْضَلا |
ولتذخرنْ طيُّ العصاءِ لرعي ما | أبقيتَ ولتذرِ الوشيجَ الذُّبَّلا |
قدْ أصبحوا فرقاً بكلِّ مفازة ٍ | فَرَقاً مِنْ النَّارِ الَّتي لاَ تُصْطَلا |
أنزلتهمْ دارَ الهوانِ ولوْ رضوا | بِسُطى سِوَاكَ لَما ارْتَضَوْها مَنْزِلا |
وسلبتَ حسَّاناً بعزِّكَ عزَّة ً | وَلكَانَ ذَا وَجْدٍ بِما عَنْهُ سَلا |
فاذعرْ بذا العزمِ الأسودَ الغلبَ في | غاباتِها وَذَرِ النَّعامَ الْجُفَّلا |
فسيوفُ عزمكَ لوْ لقيتَ مهلهلاً | يومَ الكلابِ بها لعادَ مهلِّلا |
وَسِهامُ رَأْيِكَ ما رَمَيْتَ بِها الْعِدى | إِلاَّ أَصارَتْ كُلَّ عُضْوٍ مَقْتَلا |
وليلبسِ الطَّوقَ المرصَّعَ ناكثٌ | وجدَ الصَّليبَ أخفَّ منهُ محملا |
وليهنِ مولانا عزائمُ غادرتْ | متذلِّلاً منْ لمْ يزلْ متدلِّلا |
وَانْتَابَهُ أَهْلُ البِلادِ وَطَالَما | قدْ رامَ عنهُ أهلهُ متحوَّلا |
قَدْ صَارَ صُبْحُ الشَّامِ لَيْلاً مُسْفِراً | وَلَكانَ فِيهِ الصُّبْحُ لَيْلاً أَلْيَلا |
مذْ ظلَّ بأسكَ عونهُ إنْ نابهُ | خَطْبٌ وَجُودُكَ غَيْثَهُ إِنْ أَمْحَلا |
فَلْيَرْمِ مَنْ أَصْبَحْتَ عُدَّتَهُ الْعِدى | بكَ عنْ يقينٍ أنَّهُ لنْ ينضلا |
وَلْيَرْقَ مَنْ رَامَ الْعُلُوَّ بِنائِلٍ | فَنَدَاكَ يَحْكِي الْعَارِضَ الْمُتَهَلِّلا |
فبمثلِ هذا البأسِ يحمي منْ حمى | وبمثلِ هذا الجودِ يعلو منْ علا |
أيُّ الخلائقِ لمْ تدنْ لكَ طاعة ً | أَيُّ الْمَدَائِنِ لَمْ تَصِرْ بِكَ مَعْقِلا |
لوْ قيلَ للأيَّامِ وهيَ خبيرة ٌ | هلْ كالمظفَّرِ في الأنامِ لقلنَ لا |
إنَّ الزَّمانُ أرادَ كشفكَ للورى | فسطا لتردعهُ وجارَ لتعدلا |
فعدلتَ حتّى لمْ تجدْ متظلِّماً | ومنعتَ حتّى لمْ تدعْ متبذِّلا |
عِزٌّ أَنَالَكَ ذُو الْجلاَلِ بَقَاءَهُ | فلقدْ حويتَ بهِ الفخارُ مكمَّلا |
وَأَرَاكَ مَحْمُوداً مُبَلَّغَ رُتْبَة ٍ | ما نالَ أدناها الأكاسرة ُ الألى |
فلقى الشَّآمَ وساكنيهِ عصمة ً | أنْ أصبحَ الضِّرغامُ فيهِ مشبلا |
مَلِكٌ إِذَا حَمَلَ الْمَغارِمَ عَنْهُمُ | أَجْزى وَإِنْ بَذَلَ الْمَكارِمَ أَجْزَلا |
سهلٌ على الطُّلاَّبِ صعبٌ في الورى | أَكْرِمْ بِهِ مُسْتَصْعِباً مُسْتَسْهِلا |
يا مصطفى الملكِ المظفَّرَ لمْ تدعْ | في ذا الثَّناءِ مجدٍّ مدخلا؟ |
حرَّمتهُ إلاَّ عليكَ فلنْ ترى | أَبَداً لِغَيْرِكَ مَا حَيِيتُ مُحَلَّلا |
مَاذَا أَرُومُ وَكُلُّ أَكْدَرَ قَدْ صَفا | لي في ذراكَ وكلُّ مرٍّ قدْ حلا |
حسبُ المطامعِ روضُ بشركَ مرتعاً | وكفى المنى منهلُّ جودكَ منهلا |
والآنَ أغناني عنِ الثَّمدِ الحيا الـ | هامي وأنساني المحلَّ الممحلا |