إِباؤُكَ لِلمَجْدِ أَنْ يُبْتَذَلْ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
إِباؤُكَ لِلمَجْدِ أَنْ يُبْتَذَلْ | أصارَ لكَ النَّاسَ طرّاً خولْ |
وَآزَرَكَ الرَّأْيُ مَا إِنْ يَفِيـ | لُ وَضافَرَكَ الْعَزْمُ ما إِنْ يُفَلّ |
فلمْ تتَّركْ حصَّة ً في الثَّناءِ | تُسامُ وَلاَ فُرْصَة ً تُبْتَذَلْ |
عُلى ً فَضَّتِ الْخَلْقَ عَنْ نَهْجِها | فَأَفْضَتْ إِلى رُتْبة ٍ لَمْ تُنَلْ |
وما هيَ منْ رتباتِ الورى | فَهَلْ زُحَلٌ لَكَ عَنها زَحَلْ |
لقدْ كفلتْ بالغنى والتَّوى | يَدٌ فِي النَّدى والرَّدى لَمْ تَطُلْ |
يدٌ كُلَّما فَتَكَتْ بِالنُّضا | رِ قالَ الرَّجاءُ لها لا شللْ |
تَرى بَذْلَهُ بِيَسِيرِ السُّؤالِ | وتمنعهُ منْ نصالِ الأسلْ |
إِذَا قَبَّلَ النَّاسُ رَاحَ الْمُلُوكِ | وقاها ثرى قدميكَ القُبلْ |
وَحُقَّ الجَلالُ لِرَبِّ الجَلاَلِ | غذاها الحجى وعداها الخللْ |
فمشروعُ إنصافهِ لا يميلُ | ومسموعُ أوصافهِ لا يُملّْ |
يُعَفِّي عَلَى مَنْ عَفا أَوْ كَفى | ويوفي على منْ وفى أوْ عدلْ |
ويشرهُ في العفوِ عنْ قدرة ٍ | ويكرهُ سبقَ الحسامِ العذلْ |
مَنِيعُ الْجَنابِ إِذَا الدَّهْرُ صالَ | سَرِيعُ الْجَوَابِ إِذَا السَّيْفُ صَلّْ |
مديدُ الظِّلالِ سديدُ المقالِ | شَدِيدُ الْمِحالِ بَعِيدُ الْمَحَلّْ |
مَحَلٌّ يَقِي بِالنَّدى الْمَحْلَ عَنْهُ | حَيا مُزْنِهِ ما وَنى مُذْ هَطَلْ |
فما ارتحلَ المجدُ مذْ حلَّهُ | ولاَ انفصلَ الحمدُ منذُ اتَّصلْ |
وَلاَ جاوَزَ الذَّمُّ فِيهِ الثَّنا | وَلاَ ذَعَرَ النَّاسُ عَنْهُ الأَمَلْ |
تخيَّرَ ذو العرشِ للمسلمينَ | غياثاً كفى الدِّينَ أنْ يبتذلْ |
يحلُّونهُ بسوادِ القلو | بِ ضَنّاً بِهِ عَنْ سَوَادِ الْمُقَلْ |
رَعَاهُمْ بِطَرْفٍ كَثِيرِ الرُّنُوِّ | وَقَلْبٍ مِنَ اللّهِ جَمِّ الْوَجَلْ |
فَمُذْ بَاتَ يَحْرُسُهُمْ لَمْ يَنَمْ | وَمُذْ ظَلَّ يَكْلَؤُهُمْ مَا غَفَلْ |
كثيرُ الأناة ِ وإنْ لمْ تزلْ | عَطايَاهُ مَخْلُوقَة ً مِنْ عَجَلْ |
مَكارِمُ لَوْ لَمْ تُحَلَّلْ لَدَيكَ | لَدَامَتْ مَحَارِمَ لاَ تُسْتَحَلّ |
ولمَّا عممتَ بها السَّائليـ | نَ عادتْ تطلَّبُ منْ لمْ يسلْ |
وأنزرُها كالأتيِّ استمدَّ | وَأَيْسَرُهَا كَالغَمامِ اسْتَهَلّْ |
أتاكَ هواها أمامَ اللِّبانِ | لِذَلِكَ لَمْ تَبْغِ عَنْهَا حِوَلْ |
وَوَاصَلْتَها وَصْلَ ذِي صَبْوَة ٍ | عزيزِ السُّلوِّ عسيرِ المللْ |
فيامنْ مراميهِ لا تنتَحى | ويامنْ مساعيهِ لا تُنتحَلْ |
وَيَا عَلَمَ الْمَجْدِ قَاضِي الْقُضَاة ِ | ويا سيِّدَ الوزراءِ الأجلّْ |
لأَنْتَ عَلَى طِيبِ أَصْلٍ نَما | كَ منْ كلِّ شاهدِ عدلٍ أدلّْ |
وَمَا زِلْتَ فِي طُرُقَاتِ الْعَلاَءِ | تَدُلُّ عَلَيْهَا وَمَا إِنْ تُدَلّْ |
كَفَاكَ الخِدَاعَ أَوَانَ القِرَا | عِ عزمٌ يقدُّ إذا العضبُ كلّْ |
عرفتَ بهِ وكذاكَ الأسو | دُ بالحولِ تفعلُ لا بالحيلْ |
سطوتَ على الدَّهرِ لمَّا اعتدى | وَقَدْ كانَ ذَا مَيَلٍ فَاعْتَدَلْ |
فَخَوْفُكَ في صَدْرِهِ مَاثِلٌ | وَأَمْرُكَ في صَرْفِهِ مُمْتَثَلْ |
وَجَرَّدْتَ رَأْيَكَ قَبْلَ السُّيوفِ | فأغنى مواضيها أنْ تُسلّْ |
وأعملتهُ واطَّرحتَ الرِّماحَ | لما في عواملها منْ خطلْ |
إذا قصرتْ درجُ المرتقينَ | فإنَّكَ ذو الدَّرجاتِ الطُّولْ |
وَإِنَّ الإِمَامَ مَعَدّاً رَآ | كَ خيرَ معدٍّ لأمرٍ جللْ |
فقلَّدكَ الحكمَ في ملكهِ | كَمَا قُلِّدَ الْمَشْرِفِيَّ الْبَطَلْ |
فَمِنْ ذَا لِذَبِّكَ عَنْهُ اسْتَقَلَّ | ومنْ ذا بعبئكَ فيهِ استقلّْ |
وَأَتْحَفْتَهُ بِحُسامِ الفُتُوحِ | فَعاضَكَ ما اجْتابَهُ مِنْ حُلَلْ |
فتوحٌ أتتْ والقنا لمْ يرمْ | مَرَاكِزَهُ وَالظُّبى فِي الخِلَلْ |
أَنَخْتَ بِصَنْهاجَة َ النَّائِباتِ | ففاتَ زعيمهمُ ما أملْ |
فَمِنْ عُصَبٍ عَصَبَتْها الْحُرُوبُ | ومنْ ثللٍ قدْ محاها الثَّللْ |
وكانَ يسمّى معزّاً فمذْ | تَحَدَّيْتَهُ صارَ يُدعى مُذَلّْ |
فما يأملنْ فرجاً بالبعادِ | طريدكَ مستضعفٌ حيثُ حلّْ |
ولوْ أقلعَ الخوفُ عنهُ اهتدى | ولكنَّهُ زادَ رعباً فضلّْ |
وَخَوْفُ حُذَيْفَة َ عَمّى عَلَيْـ | ـهِ بِالجَفْرِ ما لَمْ يَغِبْ عَنْ حَمَلْ |
ولوْ أمَّ بابكَ مستعصماً | بهِ صانَ منْ ملكهِ ما بذلْ |
ممالكُ أسلمها ربُّها | وفرَّ فظلَّتْ كشاءٍ هملْ |
تخطَّفها كلُّ ليثٍ أزبَّ | وَدَانَ بِها كُلُّ سِمْعٍ أَزَلَـّْ |
إِذَا رَامَ رَيَّ كُعُوبِ الْقَنا | ة ِ لَمْ تَثْنِهِ كاعِبٌ ذَاتُ دَلّْ |
أعاريتُ مذ صِرتَ ردءاً لها | شفت من عدى الحقِّ كل الغلل |
ولمَّا خشيتَ عليها الخلافَ | وما اختلفَ العزُّ إلاَّ انتقلْ |
أَبَيْتَ لأَعْناقِها أَنْ تُغَلَّ | وَصُنْتَ غَنائِمَها أَنْ تُغَلّْ |
وَأَرْسَلْتَ فِيهِمْ أَمِيناً كَفاكَ | فقسَّمَ بالعدلِ ذاكَ النَّفلْ |
وَجَابَ إِلى أَنْ أَجابَ الصَّرِيخَ | مَهامِهَ مَنْ دَلَّ فِيها أَضَلّْ |
مفاوزَ لوْ أمَّها الشَّنفرى | عَلَى عِلْمِهِ بِالسُّرى ما وَأَلْ |
مَضى مُعْلِناً بِشِعارِ الإِمامِ | وراياتهِ في محلٍّ محلْ |
يؤيِّدهُ حدُّكَ المتَّقى | وَيَعْضُدُهُ جَدُّكَ الْمُقْتَبَلْ |
إِلى أَنْ أَناخَ إِلى القَيْرُوَا | نِ منْ بزلهِ كلَّ دامي الأظلّْ |
فقضَّى المکربَ مَا عَاقَهَا | شماسٌ ولاَ عاقَ عنها فشلْ |
فخصَّ بأوفى العطيَّاتِ منْ | يُسَدِّدُ فِي غَزْوِهِ وَالْقَفَلْ |
فَمَنْ لَمْ يُدِلْهُ الأَجَلُّ الْمَكِيـ | نُ منْ صرفِ أيَّامهِ لمْ يُدلْ |
فَناقَضَ أَمْلاَكَ هَذا الزَّمانِ | بما بذَّ فيهِ الملوكَ الأولْ |
فما استعملوا الغدرَ إلاَّ وفى | ولاَ أعملوا الفكرَ إلاَّ ارتجلْ |
ولاَ برَّضوا النَّيلَ إلاَّ أفاضَ | وَلاَ مَرَّضُوا الْقَوْلَ إِلاَّ فَعَلْ |
إِذَا أَمْرَعُوا فَقْتَهُمْ فِي الْمُحُولِ | وإنْ أسرعوا فتَّهمْ بالمَهلْ |
فهمْ مرهٌ في عيونِ العلى | وإنَّكَ وابنيكَ فيها كحلْ |
شبيهكَ في العهدِ ما إنْ يحو | لُ يَوْماً وَفِي العَقْدِ ما إِنْ يُحَلّْ |
سَحابَيْ نَوَالٍ زَمانَ الْجَدَا | وَسَهْمَيْ نِضالٍ أَوَانَ الْجَدَلْ |
فداؤهما كلُّ مرخي الإزارِ | جَلّى أَبُوهُ وَلَمَّا يُصَلّْ |
إذا عدَّ فخرُ الأصولِ اعتزى | وإنْ عدَّ فخرُ الفروعِ اعتزلْ |
أترضى معاليكَ لي أنْ أُعدَّ | بَعْدَ النَّباهَة ِ فِيمَنْ خَمَلْ |
لئنْ جلَّ ما خوَّلتني لهاكَ | فَإِنَّ الكَرَامَة َ عِندِي أَجَلّْ |
فضاعفْ بها كمدَ الحاسدينَ | وَزِدْ في مضاي تزدهم وهل |
وحزْ مدحاً إنْ سواها انطوى | بدت غُرَراً فِي وُجُوهِ الدُّوَلْ |
ثناءٌ يجولُ بأقصى البلادِ | ويُلفى مقيماً إذا ما رحلْ |
ولاَ تنكرنَّ جماحَ المنى | فأنتَ مددتَ لها في الطِّوَلْ |
وَلَمْ أَعْدُ قَدْرِيَ كَيْ لا يَكُو | نَ ذا أملٍ طالَ حتّى أملّْ |
مَضى الصَّوْمُ مُحْتَقِباً مِنْ تُقا | كَ أحسنَ قولٍ وأزكى عملْ |
وَعَاوَدَكَ الْعِيدُ يُثْنِي عَلَيْكَ | فَدُمْتَ لَهُ زِينَة ً مَا أَظَلّْ |
وَقَدْ سَمِعَ اللّهُ فِيكَ الدُّعَا | ءَ ممَّنْ دعا مخلصاً وابتهلْ |
وَلاَ حُرِمَتْ سُؤْلَها أُمَّة ٌ | دعتْ للأجلِّ بطولِ الأجلْ |
كَفى اللَّهُ مَجْدَكَ عَيْنَ الْكَمَالِ | فمنْ نالَ أوفى مداهُ كملْ |