طاوِلْ بِهِمَّتِكَ الزَّمانَ وَحِيْدَا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
طاوِلْ بِهِمَّتِكَ الزَّمانَ وَحِيْدَا | فأرى مداكَ على الأنامِ بعيدا |
وَلقدْ بلغتَ ببعضِ سعيكَ رتبة ً | أَعْيَتْ عَلَى مَنْ لَمْ يَدَعْ مَجْهُودَا |
فَلْيَيْأَسِ الشَّرَفَ الَّذِي أُوتِيتَهُ | منْ لا يقومُ مقامكَ المحمودا |
فَالعِزُّ يَأْبى أَنْ يُنِيلَ يَسِيرَهُ | منْ لاَ يكونُ على الجلادِ جليدا |
وَمُحَمِّلُ الأَيَّامِ ما لَمْ تَحْتَمِلْ | يُفْنِي الحَياة َ مُخَيِّباً مَكْدُودَا |
أَنّى يَنالُ مَحَلَّة َ الجَوْزَاءِ مَنْ | لاَ يستطيعُ منَ الصعيدِ صعودا |
قدْ شاعَ مجدكَ فهو أشهرُ في الورى | منْ أنْ ترومَ لهُ عداكَ جحودا |
فلوِ ابتغيتُ بما أقولُ شهادة ً | لَوَجَدْتُ أَهْلَ الخَافِقَيْنِ شُهُودَا |
غَاضَتْ يَنَابِيعُ الكِرَامِ بِعارِضٍ | أَوْفى عَلَى جُودِ الغَمائِمِ جُودَا |
تُزجِي عَوَاصِفُهُ سَحَائِبَ لِلْمُنَى | بِيضاً وَسُحْباً لِلْمَنايَا سُودَا |
مثعنجرٌ كفُّ المظفرِ أفقهُ | لمْ يبقِ ذا عدمٍ وَلاَ مزؤودا |
فاعتاضَ أهلُ الشامِ منْ خوفِ الردى | أمناً وَمنْ عدمِ اليسارِ وجودا |
بِأَغَرَّ مَا أَمَّ المَنَاقِبَ تَابِعاً | فِيها وَلاَ أَخَذَ العُلى تَقْلِيدَا |
لكِنْ يُؤَسِّسُ مَا بَنَى عَنْ هِمَّة ٍ | أَبَدَاً تَعَافُ المَنْهَلَ المَوْرُودَا |
مَا زَال يَسْبِقُ جُودُهُ مِيعَادَهُ | كَرَماً وَيَسْبِقُ سَيْفُهُ التَّهْدِيدَا |
حَتّى أَبَانَ عَنِ اعْتِزَامٍ لَمْ يَزَلْ | للمالِ وَالباغي العنيدِ مبيدا |
وَعتا الزمانُ فكفَّ منْ غلوائهِ | فعنا وَصارَ لما يريدُ مريدا |
يَاسَيْفَ مَنْ عِصْيَانُهُ وَوَلاَؤُهُ | جعلا شقياً في الورى وَسعيدا |
خلِّ العدوَّ فقدْ غدا أنجادهمُ | لمْ يضمروا لمهندٍ تجريدا |
ملأتْ وقائعك القلوبَ مخافة ً | ضاقتْ بها عن أنْ تجنَّ حقودا |
وَرفعتَ ناراً كلما أوقدتها | زادتْ بها نارُ العدوِ خمودا |
هيَ نارُ إبراهيمَ للباغي الندى َ | لَكِنْ عَلَى البَاغِي تُشَبُّ وُقُودَا |
وَلوْا وَلوْ أوغلتَ تطلبُ إثرهمْ | لمْ يحمِ ملكُ الرومِ منكَ طريدا |
وَلوِ اتبعتَ مولياً فيما مضى | لتبعتهمْ سيراً يبيدُ البيدا |
بِالمُقْرَبَاتِ مُقَرّبَاتٍ نَحْوَهُمْ | لاَ تعرفُ الإيضاعَ وَالتخويدا |
مُقْوَرَّة ً تَرْدِي بِكُلِّ مَفَازَة ٍ | تردي السوابقَ وَالمطايا القودا |
نزعتْ كسى ً منْ نيها وَتسربلتْ | منْ نقعها فوقَ الجلودِ جلودا |
في فيلقٍ لوْ لمْ تقدهُ إلى العدى | لكفاكَ بأسكَ عدة ً وَعديدا |
حَمَلَتْ ضَراغِمُهُ الحَدِيدَ مُذَلَّقاً | وَتَدَرَّعَتْ حَزْماً بِهِ مَسْرُودَا |
فليلبثوا حيثُ استقرتْ دارهمْ | وَأَرَدْتَ مَا دَامَ الحَدِيدُ حَدِيدَا |
وَليحذروا الهممَ التي منعتهمُ | مِنْ أَنْ يُقِيموا بالشَّامِ عَمُودَا |
نَقَضَتْ حِبَالَهُمْ حَبَائِلُ لَمْ تَزَلْ | قدماً تصيدُ بها الملوكَ الصيدا |
وَلَطَالَمَا صَبَّحْتَهُمْ فِي غَارَة ٍ | ألفوا بها أمَّ اللهيمِ وَلودا |
لمْ تبقِ في بكرٍ لربَّ هنيدة ٍ | بكراً وَلاَ لبني عتودَ عتودا |
ظَنُّوا بِهَا نَقْعَ الجِيَادِ وَوَقْعَها | عِنْدَ المُغَارِ سَحَائِباً وَرُعُودَا |
وَمتى مددتَ قناً فما أوردتها | مِنْ كُلِّ باغٍ ثُغْرَة ً وَوَرِيدَا |
وَمَتى سَلَلْتَ ظُبى ً فَمَا كاَنَتْ لَهَا | هاماتهمْ عندَ اللقاءِ غمودا |
أَمْ أَيَّ يَوْمِ وَغى ً شَهِدْتَ فَلَمْ يَكُنْ | يوماً أغرَّ محجلاً مشهودا |
فَرَأَوْكَ أَصْدَقَ مِنْهُمُ عِنْدَ النَّدى | أرياً جنوا جنوهُ هبيدا |
وَعْداً وَأَنْكى فِي العَدُوِّ وَعِيدَا | |
وَأرى جنابَ مبينة ً عن رشدها | إِذْ لَمْ تَرُمْ عَنْ ذَا الجَنَابِ مَحِيدَا |
نَالَتْ بِقُرْبِكَ عِزَّة ً وَنَبَاهَة ً | وَحَمَتْ بِسَيْفِكَ طَارِفاً وَتَلِيدَا |
قلدتها منناً شفعنَ صنائعاً | يَجْعَلْنَ أَحْرَارَ الرِّجَالِ عَبِيدَا |
وَمددتَ باعَ أبي سماوة َ منجزاً | لأَبِيهِ في استِصْلاَحِهِ المَوْعُودَا |
وَنأى َ بمنْ كفرَ الضيعة َ فعلهُ | فَغَدَا لِخَوْفِكَ فِي البِلاَدِ شَرِيدَا |
وَلَطَالَمَا خَصَّتْ نُحُوسُ كَوَاكِبٍ | قَوْمَاً وَكُنَّ لآَخَرينَ سُعُودَا |
أضحى يرودُ المحلَ مغرورٌ مضى | عَنْ ذَا المَحَلِّ مُحَلأًّ مَطْرُودَا |
وَوَرى زِنَادُ مَنِ اعْتَلَتْ آراؤُهُ | حَتّى تَقَيَّلَ ظِلَّكَ المَمْدُودَا |
كَمْ آمَنَتْ سَطَواتُ عَزْمِكَ خَائِفَاً | وَجلاً وَراعتْ أروعاً صنديدا |
وَتخرمتْ ملكاً وردتْ ذاهباً | لولاكَ لمْ يكُ مثلهُ مردودا |
فاسلمْ على مرَّ الزمان لأمة ٍ | تَلْقى بِقُرْبِكَ كُلَّ يَوْمٍ عِيدَا |
وَلدولة ٍ قدْ صرتَ منتجباً لها | زادتْ وَعزتْ منعة ً وَجنودا |
وَاسعدْ بمولودٍ سما لمحلة ٍ | أمسى لها بدرُ السماء حسودا |
إِذْ خَصَّهُ خَيْرُ الأَنَامِ بِنِعْمَة ٍ | لمْ يحبها كهلاً وَلاَ مولودا |
وَأنالهُ اسماً منْ صفاتكَ مؤذناً | منهُ بأمرٍ لاَ يزالُ حميدا |
سَعِدَ الَّذِي يَرْجُو إِمَامُ العَصْرِ أَنْ | سَيَكُونُ فِي حَالاَتِهِ مَسْعُودَا |
نعمٌ يهنيكَ الإلهُ جديدها | فلقدْ لبستَ بها الفخارَ جديدا |
وَيُرِيكَ مَحْمُودَا مُبَلَّغَ غَايَة ٍ | في الملكِ أعجزَ نيلها محمودا |
تُرْوى مَنَاقِبُهُ وَيَرْوِي حَوْضُهُ | عِنْدَ المَعَاطِشِ مَنْ أَرَادَ وُرُودَا |
وَتَرى بِحَضْرَتِهِ لِيَ ابْناً شَاعِراً | مثلي مجيداً في الثناءِ مجيدا |
يا مصطفى الملكِ الذي كانَ الندى | هماً فعاودَ في ذارهُ وليدا |
أَنْهَجْتَنِي مِنْ نَهْجِ فَضْلِكَ مَسْلَكَاً | تَثْنِي مَسَافَتُهُ البَلِيغَ بَلِيدَا |
فَلَئِنْ حَصِرْتُ فَإِنَّ عُذْرِيَ وَاضِحٌ | أَنْ لَسْتَ أَبْلُغُ لِلسَّما تَحْدِيدَا |
وَلئنْ نطقتُ فإنَّ أيسرَ ما أرى | مِنْ مَأْثُرَاتِكَ يُنْطِقُ الجُلْمُودَا |
أَلْفَيْتُهُنَّ جَوَاهِراً مَنْثُورَة ً | وَعَلَى القَوَافِي أَنْ يَصِرْنَ عُقُودَا |
فَلَكَ الفَرِيدُ وَقَدْ وَجَدْتَ نِظَامَهُ | وليَ الثناءُ وَقدْ وجدتُ فريدا |
حَمِدَ الوَرى لِيَ ذَا الثَّنَاءَ وَمَذْهَبِي | فِيهِ فَكُنْتُ الحَامِدَ المَحْمُودَا |
جُوزِيتُ عَنْ شُكْرِي بِشُكْرٍ مِثْلِهِ | فععدتُ ما تسدي إليَّ مزيدا |