وفتِ السعودُ بوعدها المضمونِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وفتِ السعودُ بوعدها المضمونِ | وترادفتْ بالطـائر الميمـون |
وعلا لواءُ المسلمينَ وشافهوا | تحقيقَ آمالٍ لهم وظنونِ |
وأضاءتِ الدنيـا وسُلَّ صباحُها | من بينِ جانحتي دجى ودجون |
واخضرَّ مغبرُّ الثرى فنسيمهُ | يثني على سقيا أجشَّ هتونِ |
بالفتحِ فتحَ بابه ذو عزة ٍ | وَعَد الإجـابة حين قال: ادعوني |
إنَّ الحديثَ لذو شجونٍ فاستمع | أحلى حديثٍ بل ألذَّ شجونِ |
أما الممالكُ فالسرورُ مطنبٌ | في مستقر سريرها الموضونِ |
شقّتْ عقيـقَ شفاهِهـا مُفترَّة ً | عـن مَبَسمٍ كـاللؤلؤِ المكْنونِ |
بعدَ اعتراضِ اليأسِ نالَ محاقهُ | قمرُ الرجاءِ فعادَ كالعرجونِ |
فضـلٌ من اللهِ العزيـزِ ونعمـة ٌ | كفّتْ فضولَ البغـيِ من ” فَضْلون ” |
لمّا اغتـدى جـارَ الغمامِ وغره | بالومضِ بارقُ رأيهِ المأفون |
في شامخٍ أيست وفودُ الريح من | جرِّ الذُّيـولِ بصحنِـهِ المسكونِ |
لم تفترعْـه الحـادثاتُ ولم تطُـفْ | إلا بمحـروسِ الجهاتِ مَصـونِ |
يَلقـى برَوقَيْـهِ النجومَ مُناطحاً | ويحكُّ بالأظلافِ ظهرَ النون |
أَنْستْهُ بِطْنتُه أيـاديَ مُنعـمٍ | سدكٍ بعادة ِ لطفهِ مفتونِ |
في ضِمنِ بُرديـهِ مَهيبٌ مُتّقى ً | وعليهِ بشرُ مؤملٍ مأمونِ |
كالمرخِ يبدي الاخضرارَ غصونه | والنارُ في جنبيهِ ذاتُ كمونِ |
فبغى ، وألسنة ُ القنا ينذرنهُ | برحى ً لحِبّاتِ القلوب طَحونِ |
وطَغى ، ومن يَستغْنِ يطغِ كما الثّرى | إن يروَ يوصف نبتهُ بجنونِ |
وافْـتنَّ في آرائـهِ مُتلوِّنـاً | كأبي بَراقِشَ أو أبي قَلَمونِ |
طَوراً يجـُرُّ فـؤادُهُ رسَنَ المُنى | أيْ كيفَ أُلْحَقُ والمجـرَّة ُ دوني |
ويقيسُ طَوراً حصْنَه بالسجنِ من | فَشِلٍ وراءَ إهـابِـهِ مَسجونِ |
والحربُ تَنكِـحُ والنفـوسُ مهورُها | ما بينَ أبكارٍ تزفُّ وعونِ |
والبيضُ تقمرُ والغبارُ كأنه | خِرَقٌ شُقِقْنَ من الدّآدي الجُونِ |
والنبلُ يمطرُ وبلهُ من منحنى | نبعٍ كمرتجزِ الغمام حنونِ |
رَشْقاً كألحاظِ الحسانِ رمى بها الـ | ـعُشّاقَ قوسُ الحاجبِ المقرونِ |
وتطيرُ أفلاذُ الجبالِ كأنها | من كلِّ ناحية ٍ تقولُ: خـذُوني |
صُمٌّ رَواجعُ إنْ تزِنْ رَضْوى بها | تُخْبرْكَ عن كميِّـة ِ الكمّـونِ |
وترى الدماءَ على الجراحِ طوافياً | فكأنها رمدٌ بنجلِ عيونِ |
حتى إذا نضِبَتْ بحارُ عُبابِـه | عنهُ سوى حمأٍ بها المظنونِ |
ركبَ البحـارَ سُحَـيرَة ً وتخايلَتْ | صُورُ النجـاة ِ لوهْمِهِ المظْنونِ |
وتدبَّرتْ عُصْمُ الوُعولِ مكانَهُ | وغدا كضبٍّ بالعراءِ مكونِ |
فإذا الطلائع كالدبا مبثوثة ٌ | لفوا سهولاً خلفهُ بحزونِ |
يطؤونَ أعقابَ العتاة ِ كما هوى | نجمٌ لرجلِ الماردِ الملعونِ |
كانوا التُّيوسَ ولا قُرونَ فكلّلّتْ | سمرُ الرماحِ رؤوسهم بقرونِ |
وأتّوا بفضْلونَ الشّقيِّ كأنّهم | نبشوا به الغبراءَ عن مدفونِ |
في قدِّ رابي الأحْدَبَيْـنِ أبـانَهُ | عن سرجِ راسي الوطأتينِ حرونِ |
أعطى المقادَ بأرض فارسَ راجلاً | يَفْدي الدّمـاءَ بمالـهِ المخزونِ |
متدحرجاً من طودِ نخوتهِ إلى | سفحٍ من القدرِ الدنيِّ الدونِ |
لولا عواطـفُ راية ٍ رَضَويّة ٍ | عَقدتْ حُباهُ عـلى دمٍ مَحْقونِ |
وقَضيّـة ٌ مـن سيرة ٍ عُمريّة ٍ | حكمت بفكِّ لسانهِ المرهونِ |
لتَضلّعتْ طـيرُ الفـلا وسباعُها | من شِلْوِه المُلقى بـدارِ الهُونِ |
نسبوا إلى الشيخِ الأجلِّ إباقهُ | عنتاً، وعُونيَ فيهِ مـا قد عُوني |
فالذنْبُ ذنبُ السامـريِّ وعجْلِهِ | مـادٌ وأجـرٌ ليس بالمنـون |
ولذاك أرسى كلكلاً خشعت لهُ | شُمُّ الحصونِ فسُوِّيتْ بصُحونِ |
ليثٌ تواضـعَ في الفريسة ِ فاجْتَرى | بالتيسِ ذي القرنينِ والعثنونِ |
أهلاً بأخلاقِ الوزيرِ كأنها | دَمَثُ الحُزونِ وفَرحـة ُ المحزونِ |
قد شالَ عبءَ الملك منه بازلٌ | لا يستطيعُ صيالهُ ابن لبون |
لم يرعَ أكنافَ الهُوَيْنى مُمْرِجـاً | نعمَ الرَّفـاهة َ في رياض هُدون |
ولهُ وحُقَّ لـهُ لدى السلطانِ ! إحـْ | |
خلعٌ كما ارتدت الفرندَ صفيحة ٌ | أَهدى الصقالَ لها أكفُّ قُيونِ |
واسْمٌ طوتْ ذكـراهُ كـلَّ مسافة ٍ | في الأرضِ نائيـة ِ المزارِ شَطونِ |
يفشي ثناهُ كاتبٌ أو راكبٌ | من بطنِ قرطاسٍ وظهرِ أمونِ |
ولعلَّ كرمانَ المروعة َ ترتدي | منهُ بأمنٍ شاملٍ وسكونِ |
فقد اغتدى كالزيرِ نضواً بمها | وأحسَّ أهلـوها برَيـب مَنـونِ |
نكبتهـمُ الأيـامُ حـتى إنَّهم | مرنوا على النكباتِ أيَّ مرونِ |
أهون بحرِّ وطيسها لو أنهُ | نادى بها: يا نـارُ برداً كوني |
فلينتظر غدهُ لأنّ نصيبهُ | من يومه كعجالة ِ العربونِ |
وليسترح من طعنِ لباتِ العدا | بمُجاجِ لبَّـة ِ دَنِّـهِ المطْعونِ |
من كفِّ أغيدَ ما لكفي ربهِ | إذ يشتريه، صفقة ُ المغْبـونِ |
وليسمحنَّ بصبرة ٍ من عسجدٍ | مُكتالة ٍ لكـلامـيَ المـوْزون |
فقد استذلنيَ الزمانُ وقبلَ ذا | ما كانَ يَسمحُ للزَّمـانِ قُـروني |
وليملكـنَّ كنـوزَ قـارونٍ كما | ورثت عداهُ الخسفَ من قارونِ |
ولتبقَ دوحة ُ عزهِ ملتفة ً | في خضرِ أوراقٍ وملدِ غصونِ |