أراكَ مُستعجـلاً يا حاديَ الإبـلِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أراكَ مُستعجـلاً يا حاديَ الإبـلِ | فاصبرو إن خُلِقَ الانسانُ من عَجَلِ |
واقرَ السلامَ على غمرٍ تحلُّ بهِ | من ماءِ عَيني ولا تقرأ على الوشَلِ |
وإن نظرتَ إلى العيسِ التي قَلقـتْ | للظاعنينَ فلا تسكن إلى عذل |
أجني وأحتالُ في تزويرِ معذرة ٍ | والعجزُ للمرءِ ليسَ العجزُ للحِيَلِ |
وقفتُ والشوقُ يبليني على طللٍ | كأنّني طَللٌ بـالٍ على جملِ |
سرّحتُ في جوِّها الأنفاسَ فالتقطت | نسيمَ ريّـا وأهدتْـهُ إلى عِلَـلي |
أرض مكرمة لم يؤذِ تربتها | إلاّ تَسَحّبُ أذيـالٍ منَ الحلـلِ |
شتى اللغاتِ فقل في هاتف غردٍ | أو صاهلٍ جَرِسٍ أو باغمٍ غـزِلِ |
ما زالَ مِنها قلوبُ النـاسِ عاثرة ً | من لطخِ غالية ِ الأصداغِ في وَحَلِ |
شيدت عليها قبابُ الحي فاتقدت | أن البقاعَ لها قسطٌ منَ الدولِ |
إذا الغبارُ مـنَ الفُرسانِ سارَ بِهـا | قالوا: أتشكرُ نعماهُ ؟ فقلتُ: أجلْ |
دار التي حليت بالحسنِ عاطلة | فوسْوسَ الحليُّ من غيظٍ عـلى العطلِ |
بيضاء مُرهفة سُلّـتْ على كبدي | وأغمدت من سجوفِ الخزِّ في كلل |
كالظبي لولا اعتلالٌ في نواظرها | والظبيُ لا يشتكي من عارضِ العِللِ |
وقد يقالُ لمصْحاحِ الرِّجالِ به | داءُ الظباء ، كذا يروونَ في المثلِ |
شفاهُها كيفَ لا تَخلو وقد خَزنت | ذخيرة َ النحـلِ في أُنقوعة ِ العَسلِ |
ينالُ مَن يَشتهي مـاءَ الحياة بهـا | ما كان مِن قَبلُ ذو القَرنينِ لم يَنَلِ |
كم طافَ بي طيفها والأفقُ مستترٌ | بذيلِ سجفٍ منَ الظلماءِ منسدلِ |
أنى تيسرَ مسراها وقد رسفت | من الذوائب طولَ الليلِ في شكلِ |
وكيف خفت إلى المشتاق نهضتها | والثقلُ يقعدها من جانب الكفلِ |
تأوي إلى حفرة ِ الكدري آونة | وتارة ً تَرتقي في سُلّم الحِيَلِ |
لمّا أحسّتْ بأسفارِ النّوى ونأتْ | عني بحرِّ حشاً يخيفهِ بردُ حلي |
يا حبّذا هو من ضيفٍ وهبتُ له | سمعي وعيني إبدالاً من النزلِ |
وأزعجتها دواعي البينِ وانكمشت | تَسري وفي مُقلتيها فَتْرة ُ الكسَلِ |
فرشت خدَّي لِمَمْشاها وقلتُ لها: | أخشى عليك الطريقَ الوعرَ فانتعَلي |
سَقياً لها ولركب رُزَّحٍ نَفَضوا | باقيها نطوعَ الأينقِ الذللِ |
جابُوا الفلاة َ وأغرتْهم بها هِمَمٌ | خلقنَ كلا على السفارِ والرحلِ |
فجاوزوا كنسَ آرامٍ يحصنها | ضراغمُ الروعِ في غابِ القنا الذبلِ |
من بعدِ ما كبوا ملكَ المطية ِ في | بحرِ السرابِ وحثوها بلا مهلِ |
أعجب بفلكٍ لها روحٌ يغرقها | مخاضة الآلِ في مـاءٍ بلا بَلَـلِ |
والجَدُّ نُهزة ُ ذي جدٍّ يطيرُ إلى الْـ | أَكوارِ عندَ وقوعِ الحادثِ الجَلَلِ |
يَغشى الفَلا والفَيافي والمطيُّ لهـا | ضربانِ من هَزَجٍ فيهـا ومن رَمَلِ |
حتى تُقَرِّبَ أطنـابَ الخيـامِ إلى | منجى اللهيفِ وملجا الخائفِ الوجلِ |
فتى محمد الراوي المكارمَ من | عيسى أبي الحسنِ الشيخِ العميدِ علي |
فمن زمامٍ إلى مغناهُ منعطفٍ | ومن عنانٍ إلى مأواهُ منفتلِ |
آثارهُ نسخت أخبارَ من سلفوا | نسخَ الشّريعة ِ للأديـانِ والمِلَلِ |
يولي الجميلَ وصرفُ الدهر يقبضُ من | يديهِ والفحلُ يحمي وهو في العقلِ |
تصرفت سائلوهُ في مواهبهٍ | تصرفَ النفرِالغازينَ في النفلِ |
أردتُ أُحصي ثنايـاهُ فغالطَـني | وقال : أحصِ ثناء الرائحِ الزجلِ |
كذا ابنُ عمرانَ نادى ربهُ : أرني | أنظر إليك ، فقالَ : انظر إلى الجبلِ |
إن خط خاطَ على قرطاسه حللاً | يُهدي بهِ الوشيَ للأحيـاءِ والحِللِ |
وإن ترسلَ أدى سحرهُ خدعاً | يصفي إليهنَّ سمعُ الأعصمِ الوعلِ |
وإن تكلَّم زلَّ الدرُّ عن فمِهِ | في حجره وهو معصومٌ عن الزللِ |
وإن تقلّدَ من ذي إمـرة ٍ عمـلاً | وجدتَهُ علمـاً في ذلـك العمَلِ |
وإن تفحّصَ أحوالَ النّجومِ درى | ما حم من أجلٍ في الغيبِ أو أملِ |
كأنّهُ شعـرة ٌ في لقمـة ِ الخَجِلِ | لو مُد لي طوَلٌ مُرخى ً منَ الأجَلِ |
أنامني تحت ظلِّ الأمنِ إذ نتقت | |
وما نسيتُ ولا أنسى اعتصامي من | جواره بُعراً الأسبابِ والوُصَـلِ |
إذا التقيتُ بهِ في موقفٍ شرقت | منه الشعابُ بسيلِ الخيلِ والخولِ |
ولم أكن عالماً قبلَ الحلولِ بهِ | أنيَّ أرى رجلاً في بُردَتَيْ رَجُلِ |
يا ضائراً نافعاً إن ثـارَ هائِجُـهُ | أسالَ مهجة َ أقوامٍ على الأسَلِ |
يُذيقُهم تـارة ً من خُلقهِ عَسَلاً | حلواً وطوراً يديفُ السمَّ في العَسَلِ |
خذْها أبـا حَسَنٍ غـراءَ فائقـة ً | وَلَتْ وجوهَ الملوكِ الصيِّدِ من قبلي |
أكثرتُ فيهـا ولم أهجرْ بلاغتَـهُ | وليسَ كثرة ُ تكثـيري من الفَشَلِ |
إذا تمنت سواها أن تضاهيها | خابَت وما النّجَلُ الموْموقُ كالحوَلِ |
أفادَها خاطري بـينَ الورى خطراً | وصاغها خلدي من غيرِ ما خللِ |
يحلو بها فم راويها فتحسبهُ | |
وينشقُ الورد منها كلُّ منغمس ٍ | في اللهوِ نَشوانَ في ظلِّ الصبا جذلِ |
ورب شعرٍ كريهٍ عندَ ذائقهِ |