لدن هجرته زحزحته عن الصبر
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لدن هجرته زحزحته عن الصبر | سواء عليه الموت أو لوعة الهجر |
إليك عن الصب الذي برحت به | صروف هوى لو كن في الماء لم يجر |
وقائلة، والدمع يصبغ خدها، | رويدك يابن الست عشرة كم تسري |
فقلت: أحق الناس بالعزم والسرى | طلاب المعالي صاحب الست والعشر |
مقام الفتى في الحي حيا مسلماً | معافى مقام ذلة بالفتى يزري |
متى يمسك الهجز الزمان، وتمتطى | مطايا الهوى والليل تنس شبا العسر |
ومهما تنم في ظل بيتك عاجراً | تصبك خطوب الدهر من حيث لا تدري |
وما الحزم إلا العزم في كل موطن | وما المال إلا معدن الجود والوفر |
وما المرء إلا قلبه ولسانه | فإن قصرا عنه فلا خير في المر |
سأخبط وجه الدهر والليل، أو أرى | تمزق ثوب الليل في وضح الفجر |
وأوثر عنسي في المهامه والفلا | على قرب عرسي في السواجير أو أثري |
تحملني الأيام ما لا أطيقه | وتحملني منها على مركب وعر |
أأن كان قومي قوموا بفعالهم | شديد اعوجاج الدهر في سالف العصر |
وجاروا على الأموال بالجود جورهم | على معشر الأعداء بالقتل والأسر |
أيقتص مني آخر الدهر ظالما | جزائر أجدادي على أول الدهر؟ |
بنو بحتر قومي، ومن يك بحتر | أباه يكن في منتهى المجد والفخر |
أنا البحتري ابن البحاترة الألى | هم غمروا الأيام بالنائل الغمر |
وهم أقطعوا كل العفاة بجودهم | وبأسهم مال الأعادي على قسر |
وما نحن إلا كالقضاء فإننا | ضربنا جميع الناس بالخير والشر |
تضيق ذروع المجد عن رحب فضلنا | إذا اتسعت في فضلنا الإنس بالذكر |
لقد علمت قحطان أنا سراتها | وأشرافها السادات في البدو والحضر |
وأنا ليوث حين تشتجر القنا | غيوث إذا ضن السحائب بالقطر |
وإنا لمشاءون تحت سيوفنا | إلى الموت، معروفون بالبأس والنصر |
فندرك بالإقدام بغيتنا التي | نطالبها لا بالمكيدة والمكر |
أبدنا جموع الروم حين تنازعت | فوارسنا الهيجاء في وقعة الجسر |
غدت بيضنا مثل اللجين ابيضاضها | وراحت من التضراب كالذهب التبر |
وخلو لنا عن منبج وذواتها | مخافة صد البيض والأسل السمر |
سمونا لهم في عصبة بحترية | يكرون ليسوا يعرفون سوى الكر |
قليلين إلا أن حسن بلائهم | كثير إذا قل الحفاظ لدى الفر |
أشداء ما شدوا، كأن قلوبهم | وآراءهم في الحرب ينحتن من صخر |
إذا وتروا خلوا جفون سيوفهم | خلاء، ولا يغضون جفنا على وتر |
وأفلت منا عامر كبش عامر | كحبة بر من دقاق رحى البر |
فقأنا، وقد أصغى إلى الكر، عينه | وفر فردته الرماح إلى عقر |
ويوم القرينين انتصرنا ولم نخف | بكل طويل الباع منفسح الصدر |
كأنهم تحت السيوف غرائب | من البدن سيقت يوم عيد إلى نحر |
كأنهم إذ أسلموا بنت شيخهم | سحاب تجلى عن سنا قمر بدر |
فلولا عفاف البحتري ومنه | عليهم، لما آبت بعوف ولا فهر |
ومر طريداً للقنا السمر بعدما | نكحناه بالخطية السمر في الدبر |
وأسلم مولاه، وخلف بينه، | ونجاه خنذيذ كخافية النسر |
هناك يقول، وهو يعذل نفسه | ويشكو تمادي الحرب في محكم الشعر |
لحا الله قيساً حين ولت حماتها | عن الاشعث المقتول والكاعب البكر |
ولم تك مني نبوة غير هذه: | فراري وتركي صاحبي وراء ظهري |
وفي يوم صفين اقتسمنا ذرى العلا | وقد جعل الخطي يعثر بالكسر |
لنا حسب لو كان للشمس لم تغب | وللبدر ما استولى المحاق على البدر |
فأبخلنا بالمال ند لحاتم | وأجبننا في الروع أشجع من عمرو |