دقائق ربانية
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
تلكم الدقائق الغالية دقائق السحر ، قبيل الفجر ، حيث ينشغل كل امرىء بما يهمه من شأن نفسه، وينشغل المؤمنون فيها بشأنهم مع ربهم سبحانه، يدعونه ويرجونه ويستغفرونه.
فيها ينادى على القلوب التي أخذتها الغفلة ، ولفتها الحياة بردائها الشاغل، وأسقطها هوى النفوس في سقطات التقصير، أن هلم إلى واحة التوبة ، حيث الاسنغفار مقبول مرحب به، والصفحات البيضاء الجديدة منشورة مهداة إلى كل تائب صادق.
التابعي الكبير طاووس بن كيسان طرق أحد تلاميذه في السحر لحاجة، فقيل نائم ولما يطلع الفجر بعد فاستغرب وقال: "ما كنت أظن طالب علم ينام في السحر".
والصحابي الجليل عبد الله بن عمر كان في الليل يصلي ويسبح ويحمد، ثم ينادي على نافع، يا نافع أسحرنا؟! فيقول نعم، فيبتدىء بالاستغفار.
إنها صفة النبلاء الكبار، والصادقين الأطهار، الذين أعد الله سبحانه لهم جنة عرضها السموات والأرض، ونعيمًا لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، ذلك أنهم فضلوا الآخرة على الدنيا ، وعلموا أن الخير في الإقبال على الآخرة، فلم تلههم الزينة، ولم يلفتهم الزخرف، فكانت عاقبتهم أحسن عاقبة، دعوا ربهم أن يجنبهم عقابه وعذابه، إذ إنهم استجابوا لنداء الإيمان وبذلوا ما يستطيعون في ميدان الصدق والإخلاص.
قال سبحانه: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ .
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:15-17].
خالد رُوشه
7/9/1436 هـ