نَعِمتُ زماناً معَ المُترَفينَ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نَعِمتُ زماناً معَ المُترَفينَ | وَعِشْتُ أَخَا ثَرْوَة ٍ مُوسِرَا |
وَقَضَّيْتُ عُمْرَ الْهَوَى بِالْوِصَالِ | وليلَ الصِّبى بالدُّمى مُقْمِرا |
طَليقَ العِناقِ خَليعَ العِذارِ | أهوى الغزالَ إذا عَذَّرا |
وَلَمْ أَعْصِ فِي حُكْمِهَا غَادَة ً | كَعاباً ولا رَشَأً أحْورا |
وَيَا رُبَّ صَفْرَاءَ مَشْمُولَة ٍ | أَهَنْتُ لَهَا الْعَسْجَدَ الأَحْمَرَا |
وغالَيْتُ في اللَّهوِ لا نادِماً | لصفقة ِ غَبْنٍ ولا مُخْسِرا |
وَنَادَمْتُ كُلَّ سَخِيِّ الْبَنَانِ | يُطْعِمُ نِيرَانَهُ الْعَنْبَرَا |
وَجَالَسْتُ كُلَّ مَنِيعِ الْحِجَابِ | يَفرَقُ منهُ أُسودُ الشَّرى |
رفيعِ العِمادِ طويلِ النِّجادِ | يَعْتَصِبُ التَّاجَ وَالْمِغْفَرَا |
وَزُرْتُ الْوُلاَة َ وَخُضْتُ الْفَلاَة َ | طَوْراً ثَوَاءً وَطَوْراً سُرَى |
وَقُدْتُ الْجِيَادَ تَلُوكُ الشَّكِيمَ | والعِيسَ خاضعة ً في البُرى |
وَمَا كُنْتُ فِي لَذَّة ٍ وَانِياً | وَلاَ عَنْ طِلاَبِ عُلًى مُقْصِرَا |
وها أنا من بعدِ طُولِ الحياة ِ | وَالْخَفْضِ صِرْتُ إلَى مَا تَرَى |
وَغُودِرْتُ مُنْفَرِداً بِالْعَرَا | وَقَدْ قَصَمَ الْمَوْتَ تِلْكَ الْعُرَى |
كأنّي رأيتُ زمانَ الشبابِ | ونَضرة َ عيشٍ بهِ في الكَرى |
وَمَا كَانَ مَرُّ لَيَالِي السُّلُوِّ | إلاّ كخَطفَة ِ برقٍ سَرى |
فقِفْ بيَ مُعتبِراً إنْ مرَرْتَ | على جَدَثي وابْكِ مُستَعْبِرا |
وَلاَ تُخْدَعَنَّ بِمُغْتَرَّة ٍ | حَدِيثُ مَوَدَّتِهَا مُفْتَرَى |
ولا تَركُنَنَّ إلى ثَروة ٍ | مَقِيلُكَ مِنْ بَعْدِهَا فِي الثَّرَى |