إنْ كَانَ دِينُكَ فِي الصَّبَابَة ِ دِينِي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إنْ كَانَ دِينُكَ فِي الصَّبَابَة ِ دِينِي | فقِفِ المَطيَّ برَمْلَتَيْ يَبْرِينِ |
والثِمْ ثرى ً لو شارَفَتْ بي هُضْبَهُ | أَيْدِي الْمَطِيِّ لَثَمْتُهُ بِجُفُونِي |
وانشُدْ فؤادي في الظِّباءِ مُعَرِّضاً | فبغيرِ غِزلانِ الصَّريمِ جنوني |
وَنَشِيدَتِي بَيْنَ الْخِيَامِ وَإنَّمَا | غَالَطْتُ عَنْهَا بِالظِّبَاءِ الْعِينِ |
لَوْلاَ الْعِدَى لَمْ أَكْنِ عَنْ أَلْحَاظِهَا | وَقُدُودِهَا بِجَوَازِىء ٍ وَغُصُونِ |
للهِ ما اشتملَتْ عليهِ قِبابُهمْ | يومض النَّوى من لؤلوءٍ مَكنونِ |
من كلِّ تائهة ٍ على أترابِها | بِالْحُسْنِ غَانِيَة ٍ عَنِ التَّحْسِينِ |
خَودٍ تُري قمرَ السماءِ إذا بدَتْ | ما بينَ سالفة ٍ وبينَ جَبينِ |
غَادَيْنَ مَا لَمَعَتْ بُرُوقُ ثُغُورِهِمْ | إلاّ استهَلَّتْ بالدموعِ جفوني |
إنْ تُنكِروا نَفَسَ الصَّبا فلأنّها | مَرَّتْ بِزَفْرَة ِ قَلْبِيَ الْمَحْزُونِ |
وإذا الرَّكائبُ في الجبالِ تَلَفَّتَتْ | فَحَنِينُهَا لِتَلَفُّتِي وَحَنِينِي |
يا سُلْمَ إنْ ضاعَتْ عهودي عندَكُمْ | فأنا الذي استودَعْتُ غيرَ أمينِ |
أَوْ عُدْتُ مَغْبُوناً فَمَا أَنَا فِي الْهَوَى | لكُمُ بأوّلِ عاشقٍ مَغبونِ |
رِفقاً فقد عسَفَ الغرامُ بمُطْلَقِ العَبَراتِ في أَسرِ الغَرامِ رَهينُ | ـعَبَرَاتِ فِي أَسْرِ الْغَرَامِ رَهِينِ |
مَا لِي وَوَصْلَ الْغَانِيَاتِ أَرُومُهُ | ولقدْ بخِلْنَ عليَّ بالماعُونِ |
وَعَلاَمَ أَشْكُو وَالْدِّمَاءُ مُطَاحَة ٌ | بلِحاظِهِنَّ إذا لَوَيْنَ دُيوني |
هَيْهَاتَ مَا لِلْبِيضِ فِي وُدِّ کمْرِىء ٍ | أَرَبٌ وقد أَرْبى على الخمسينِ |
وَمِنَ الْبَلِيَّة ِ أَنْ تَكُونَ مَطَالِبِي | جَدْوَى بَخِيلٍ أَوْ وَفَاءَ خَؤُونِ |
ليتَ الضَّنينَ على المُحبِّ بوَصلِهِ | لَقِنَ السَّمَاحَة َ مِنْ صَلاَحِ الدِّينِ |
مَلِكٌ إذَا عَلِقَتْ يَدٌ بِذِمَامِهِ | علِقتْ بحبلٍ في الوفاءِ مَتينِ |
قادَ الجيادَ مَعاقلاً وإنْ اكتفى | بمَعاقلٍ من رأيِهِ وحُصونِ |
وَأَعَدَّ لِلأَعْدَاءِ كُلَّ مُهَنَّدٍ | ومُثَقَّفٍ ومُضاعَفٍ مَوْضُونِ |
سَهِرَتْ جُفُونُ عِدَاهُ خِيفَة َ مَاجِدٍ | خُلِقَتْ صَوَارِمُهُ بِغَيْرِ جُفُونِ |
لَوْ أَنَّ لِلَّيْثِ الْهَزَبْرِ سُطَاهُ لَمْ | يَلْجَأْ إلَى غَابٍ لَهُ وَعَرِينِ |
وَالْبَحْرُ لَوْ مُزِجَتْ بِهِ أَخْلاَقُهُ | عادَتْ مياهُ البحرِ غيرَ أُجونِ |
وَالأَرْضُ لَوْ شِيبَتْ بِطِيبِ ثَنَاهُ لَمْ | تُنْبِتْ سِوى الخَيرِيِّ والنِّسْرِينِ |
والدهرُ لو أَعداهُ طِيبَ طِباعِهِ | مَا شِينَ مِنْ أَبْنَائِهِ بِضَنِينِ |
قسَماً لقد فضَلَ ابنُ أيّوبَ الحَيا | بسَماحِ كفٍّ بالنُّضارِ هَتُونِ |
مخلوقة ٍ من سُودَدٍ وندى ً وقدْ | خُلقَ الأنامُ سُلالة ً من طِينِ |
يَا مَنْ إذَا نَزَلَ الْوُفُودُ بِبَابِهِ | نزلوا بجَمٍّ من نَداهُ مَعينِ |
أضحَتْ دمشقُ وقد حلَلْتَ برَبعِها | مأوى الطَّريدِ ومَؤئِلَ المِسكينِ |
وغدَتْ بعدلِكَ وهْيَ أكرمُ مَنزِلٍ | تُلْقَى الرِّحَالُ بِهِ وَخَيْرُ قَطِينِ |
يُثْني عليكَ المُعتَفونَ بها كما | تُثْنِي الرِّيَاضُ عَلَى السَّحَابِ الْجُونِ |
لَكَ عِفَّة ٌ فِي قُدْرَة ٍ وَتَوَاضُعٌ | فِي عِزَّة ٍ وَشَرَاسَة ٌ فِي لِينِ |
وَضَمِنْتَ أَنْ تُحْيِي لَنَا أَيَّامَهُمْ | وَأَرَيْتَنَا بِجَمِيلِ صُنْعِكَ مَا رَوَى الـ |
كادَ الأعادي أنْ يُصيبَكَ كَيدُها | لَوْ لَمْ تَكِدْكَ بِرَأْيِهَا الْمَأْفُونِ |
تُخْفِي عَدَاوَتَهَا وَرَاءَ بَشَاشَة ٍ | فتَشِفُّ عن نظَرٍ لها مَشْفُونِ |
دفنَتْ حَبائلَ مَكرِها فرَددْتَها | تَدْوَى بِغَيْظِ صُدُورِهَا الْمَدْفُونِ |
وعلِمْتَ ما أخفَوْا كأنَّ قلوبَهم | أفضَتْ إليكَ بسِرِّها المَخزونِ |
كمِنُوا وكم لكَ من كَمينِ سعادة ٍ | فِي الْغَيْبِ يَظْهَرُ مِنْ وَرَاءِ كَمِينِ |
فهَوَتْ نجومُ سُعودِهمْ وقضى لهمْ | بالنَّحسِ طائرُ جَدِّكَ المَيمونِ |
وَإلَيْكَ بِكْراً مِنْ ثَنَائِكَ حُرَّة ً | تَخْتَالُ فِي وَشْيِ الْقَوَافِي الْعُونِ |
غَرَّاءَ مَا دَنِسَتْ مَلاَبِسُهَا عَلَى | أَيْدِي اللِّئِامِ بِنَائِلٍ مَمْنُونِ |
أَرَجُ الثَّنَاءِ يَفُوحُ مِنْ أَثْنَائِهَا | وَكَأَنَّمَا جَاءَتْكَ مِنْ دَارِينِ |
كم سامَني فيها البخيلُ ولمْ أكنْ | لأَشِينَ رَونَقَ حُسنِها بمَشِينِ |
أَتَرَاهُ يَطْمَعُ أَنْ يَصُونَ ثَرَاءَهُ | عنّي ووجهِيَ عنهُ غيرُ مَصونِ |
فاجعَلْ قَبُولَكَ واهتزازَكَ مَهرَها | وَکظْفَرْ بِعِلْقٍ فِي الثَّنَاءِ ثَمِينِ |
وَأَبِيكَ مَا سَامَحْتُ فِي إرْسَالِهَا | دوني لأنّي قانِعٌ بالدُّونِ |
كلاّ ولا أنّي أُراعُ لنِيّة ٍ | قَذَفٍ على أيدي المَطيِّ شَطُونِ |
لكنْ أُصَيْبِيَة ٌ لوَقْعِ فِراقِهمْ | فِي الْقَلْبِ وَقْعُ اللَّهْذَمِ الْمَسْنُونِ |
لولاهُمُ ما قادَني أملٌ ولا | ضمَّتْهُ مكّة ُ من صَفاً وحَجُونِ |
وَبِكُلِّ أَشْعَثَ كَالْحَنِيَّة ِ شَاحِبٍ | يَهوي بهِ حَرفٌ كحرفِ النُّونِ |
وَبِكُلِّ دَامِيَة ِ الأَظُلِّ شِمِلَّة ٍ | وَجَنَاءَ فَتْلاَءِ الذِّرَاعِ أَمُونِ |
لولاكَ لم يُشدَدْ على ظَهرِ المُنى | رَحلي ولم يُعلَقْ عليهِ وَضِيني |
وَلَطَالَمَا عُفْتُ الْمَطَالِبَ قَبْلَهَا | وَنَفَضْتُ مِنْ جَدْوَى الْمُلُوكِ يَمِينِي |
فإذا أُنيخَتْ في عِراصِكَ عِيسُها | فاعلَمْ أَبَيْتَ اللعنَ عِلمَ يقينِ |
أنّي امرؤٌ هَجْرُ المطامعِ مَذهبي | والصَّونُ عادي والقناعة ُ دِيني |
لا الفقرُ يُلبِسُني لِباسَ مَذَلّة ٍ | ضَرَعاً وَلاَ ثَوْبُ الْغِنَى يُطْغِينِي |
وَالْبَحْرُ عِنْدِي حِينَ أَطْمَعُ نَغْبَة ٌ | وإذا قنِعتُ فبُلْغَة ٌ تَكفيني |
قد هذَّبَتْني للزمانِ تجاربٌ | فَأَقَادَ صَعْبِي وَکسْتَلاَنَ حَرُونِي |
شَحَذَتْ لَيَالِيهِ غِرَارَ خَلاَئِقِي | بِصَيَاقِلٍ مِنْ صَرْفِهَا وَقُيُونِ |
فاليومَ لا أنا حاسدٌ لثَراءِ مَنْ | فوقي ولا زارٍ على من دُوني |
وَلَقَدْ رَقَدْتُ وَلِلزَّمَانِ قَوَارِضٌ | تَعتادُني وشَوائبٌ تُصْميني |
أُغْضِي عَلَيْهَا وَالإبَاءُ يُهِبُّ بِي | "قَوِّضْ خِيامَكَ عن ديارِ الهُونِ |
واقصِدْ حِمى ملِكٍ عزيزٍ جارُهُ | سامي الذوائبِ شامخِ العِرْنينِ |