لَكَ ما يُرَوِّقُهُ الغَمامُ الهاطِلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لَكَ ما يُرَوِّقُهُ الغَمامُ الهاطِلُ | إنْ رَدَّ عَبْرتَهُ الجَموحَ السّائِلُ |
وعَليكَ يا طَلَلَ الجَميعِ تَحيَّة ٌ | أَصْغى لِيَسْمَعَها المَحَلُّ الآهِلُ |
أَمِنَ البِلى هذا النُّحولُ أَمِ الضَّنى | فَالحُبُّ مِنْ شِيَمي وأنتَ النّاحِلُ |
خَلَعَ الرَّبيعُ عليكَ مِنْ أَنوارِهِ | حَلْياً تَوَشَّحَهُ ثَراكَ العاطِلُ |
وَالرَّوضُ في أَفوافِهِ مُتَبَرَّجٌ | وَالزَّهْرُ في حُلَلِ السَّحائِبِ رافِلُ |
وَغَنِيتَ في حِجْرِ الحَيَا مُسْتَرْضَعاً | يَغْذوكَ واشِلُ طَلَّهِ والوابِلُ |
كانت أيادي الدَّهرِ فيكَ كَثيرَة ً | لكنْ لَياليهِ لَدَيكَ قَلائِلُ |
في حيثُ يَقْتَنِصُ الأُسودَ ضَوارِياً | لَحْظٌ تُمَرِّضُهُ المَهاة ُ الخاذِلُ |
إذا لم يكنْ، واللَّيلُ يَسْحَبُ ذَيْلَهُ | لِسُعادَ غيرَ يَدي وِشاحٌ جائِلُ |
فَكَأَنَّنا غُصنانِ يَشكو منهُما | بَرْحَ الغَرامِ إلى الرَّطيبِ الذّابِلُ |
هَيفاءُ إنْ خَطَرَتْ فَقَدٌّ رامِحٌ | نَجلاءُ إنْ نَظَرَتْ فَطَرْفٌ نابِلُ |
وَكَأَنَّ فاها بَعْدَمَا نَشَرَ الدُّجى | فَرعاً يَلوحُ بهِ الخِضابُ النّاصِلُ |
صَهْباءُ تُعْشي النَّاظِرينَ نَضَتْ بِها | عَذَبَ الفَدامِ عنِ اللَّطيمَة ِ بابِلُ |
وَأَبي اللَّوائِمِ لا أفقتُ مِنَ الهَوى | وَلَئِنْ أفَقْتُ فَأَينَ قَلبٌ ذاهِلُ |
حَتّى يَرُدَّ قِوامَ دَولة ِ هاشِمٍ | مَنْ يَرْتَجيهِ لِما يَقولُ العاذِلُ |
مُرُّ الحَفيظَة ِ وَالرِّماحُ يَشِفُّها | ظَمَأٌ، وَمنْ ثُغَرِ النُّحورِ مَناهِلُ |
يَرمي العُدُوَّ وَدِرْعُهُ مِنْ حِلْمِهِ | فَيقيهِ عادِية َ المَنونِ القاتِلُ |
وَالرّايَة ُ السَّوداءُ يَخْفُقُ ظِلُّها | وَالرُّعْبُ يَطْلُعُ، وَالتَّجَلُّدُ آفِلُ |
وَالقِرْنُ قَلْقَلَ جَأْشَهُ حَذَرُ الرَّدى | فَأُعيرَ نَفْرَتَهُ النَّعامُ الجَافِلُ |
نامَ المُلوكُ وَباتَ سرحانُ الغَضى | مَرْعيُّ سَرْحِهمُ لَهُ وَالهامِلُ |
فَأَعَادَ أَكْنافَ العِراقِ عَلى العِدا | شَرَكاً يَدِبُّ بِهِ الضَّراءَ الحابِلُ |
وَيَمُدُّ ساعِدَهُ الطِّعانُ كَما لَوَتْ | لِلْفَحْلِ مِنْ طَرَفِ العَسيبِ الشّائِلُ |
وَطَوى إلى أمَدِ المَكارِمِ وَالعُلا | نَهْجاً تَجَنَّبَ طُرَّتَيْهِ النّاعِلُ |
وَلَهُ شَمائِلُ أُودِعَتْ مِنْ نَشرِها | سِرَّاً يَبوحُ بهِ النِّسيمُ خَمائِلُ |
وَيَدٌ يَتيهُ بِها اليَراعُ عَلى الظُّبا | وَيُشابُ فيها بِالنَّجيعِ النَّائِلُ |
عَلِقَتْ بِكلتا راحَتيهِ أربعٌ | نَفَضَ الأَنامِلَ دُونّهُنَّ الباخِلُ |
نِعَمٌ يشفُّ وَراءَها نَيْلُ المُنى | وَأَعِنَّة وَأسِنة وَمناصِلُ |
مِنْ مَعْشَرٍ فَرَعوا ذَوائِبَ سُؤْدَدٍ | أَغصانُ دَوْحَتِهِ الكَمِيُّ الباسِلُ |
تُدْعى زُرارَة ُ في أَواخِرِ مَجْدِهِمْ | يَوْمَ الفَخارِ، وفي الأَوائِلِ وائِلُ |
يا خَيرَهُمْ حَيثُ السيُّوفُ تَزيدُها | طُولاً وَقَدْ قَصُرَتْ عَلَيْكَ حَمائِلُ |
إنّ الصِّيامَ يَهُزُّ عِطْفَيْ شَهرِهِ | أجْرٌ بِما زَعَمَ التَّمَنّي كافِلُ |
وافاكَ طَلْقَ المُجْتَلي، فَثَوابُهُ | لَكَ آجِلٌ، وَنَداكَ فيهِ عاجِلُ |
وإذا السِّنونَ قضى بِسَعْدِكَ حاضِرٌ | مِنْهَا تَبَلَّجَ عَنْهُ عامٌ قابِلُ |
وَحَمى بِكَ المُسْتَظْهِرُ الشَّرَفَ الّذي | يَزْوَرُّ دونَ ثَنِيَّتَيْهِ الواقِلُ |
وَبِكَ استَفاضَ العَدْلُ، وَاْعتَجَرَ الوَرى | بِالأَمنِ، وَانتَبَهَ الزَّمانُ الغافِلُ |
لمّا أَرَحْتَ إليهِ عازِبَ سِربِهِمْ | هَدَأَ الرَّعِيَّة ُ واستَقامَ المائِلُ |
وَدَعاكَ لِلنَّجوى ، فَكُنْتَ لِرَأيهِ | رِداءاً، كَما عَضَدَ السِّنانَ العامِلُ |
وَبَرَزْتَ في حُلَلِ الجَلالِ، أَنارَها | بِأَنامِلِ العِزِّ النَّعيمُ الشَّامِلُ |
مُتَوَشِّحاً بِالمَشْرَفيِّ، يُقلُّهُ | أَسَدٌ، مَخَالِبُهُ الحُسامُ القاصِلُ |
فَوقَ الأَغرِّ، يَلوحُ في أَعْطافِهِ | مِنَ آلِ أَعوجَ وَالصَّريحِ شَمائِلُ |
وَمُعَرَّسُ النُّعْمى دَواة ٌ، حَلْيُها | حَسَبٌ تَحُفُّ بِهِ عُلاً وَفَضائِلُ |
نَشَرَ الصَّباحُ بِها الجَناحَ، وَرَقْرَقَتْ | فيها مِنَ الشَّفقِ النُّضارَ أَصائِلُ |
وَكَأَنما أَقلامُها هِنْدِيَّة ٌ | بيضٌ أَحَدَّ مُتونَهُن الصّاقِلُ |
وَالعِزُّ مُقْتَبِلٌ بِحيثُ صَريرُها | َصَليلُ سَيْفِكَ وَالجَوادُ الصّاهِلُ |
فَفداكَ مِنْ رَيْبِ الحَوادِثِ ناقِصٌ | في المَكْرُماتِ، وفي المَعايِبِ كامِلُ |
بِيَدٍ يُشامُ لَها بَريقٌ خُلَّبٌ | عَلِقَتْ بِه ذَبلَ الجَهامِ مَحائِلُ |
غُلَّتْ عن المَعروفِ فَهْي بَكيَّة ٌ | وَالضَّرْعُ تَغْمُرُهُ الأَصِرَّة ُ حافِلُ |
قَسَماً بِخُوصٍ شَفَّها عَقْبُ السُّرى | حَتَّى رَثى لابنِ اللَّبونِ البَازِلُ |
وَفَلَتْ بِأَيديهِنَّ ناصِية َ الفَلا | فَشَكا الكَلالَ إلى الإَظَلِّ الكاعلُ |
وَاللَّيلُ بَحْرٌ، وَالغَياهِبُ لُجَّة ٌ | وَالشُّهْبُ دُرٌّ، وَالصَّباحُ السَّاحِلُ |
وَمُرَنَّحينَ سَقَاهُمُ خَدَرُ الكَرَى | نُطفاً يعافُ كُؤوسَهُنَّ الواغِلُ |
نَزَلوا بِمُعْتَلِجِ البِطاحِ، وَعِنْدَهُ | لُفَّتْ على الحَسَبِ الصَّميمِ وَصائِلُ |
لأُقَلِّدَنَّكَ مِدْحَة ً أُمَويَّة ً | فَانْظُرْ مَنِ المُهْدي لَها وَالقائِلُ |
فَالوِرْدُ إلاَّ في ذَراكَ مُرَنَّقٌ | وَالظِّلُّ إلاَّ في جَنابِكَ زائِلُ |
وَالحَقُّ أنتَ، وَكُلُّ مانُثْني بِهِ | إلاَّ عَليكَ مِنَ المَدائِحِ باطِلُ |