ياساحِرَ الطّرْفِ ! أنت الدّهرَ وَسنانُ ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ياساحِرَ الطّرْفِ ! أنت الدّهرَ وَسنانُ ، | سرُّ القلوبِ لدَى عَينَيكَ إعْلانُ |
إذا امتَحَنْتَ بطَرْفِ العينِ مُكتَتَماً، | ناداكَ مِنْ طَرْفِهِ بالسرّ تِبْيانُ |
تَبدو السّرائرُ إنْ عَيناكَ رَنّقَتا، | كأنّما لكَ في الأوْهامِ سُلطانُ |
مالي وما لَكَ ، قـد جَزّأتَني شِيَـعـاً ، | وأنتَ مِمّا كَساني الدّهرُ عُرْيانُ |
أرَاكَ تَعمَلُ في قَتلي بِلا تِرَة ٍ، | كأنّ قَتلـي عـتـد الــلهِ قَـرْبــانُ |
غَادِ المدامَ، وإنْ كانتْ محَرَّمَة ً، | فلِلْكَبائِرِ عِندَ الله غُفْرانُ |
صَهباءُ، تَبني حَباباً كلّما مُزِجتْ، | كأنّهُ لُؤلُؤٌ يَتلُوهُ عِقيانُ |
كانتْ على عَهدِ نُوحٍ في سَفينَتِهِ، | من حَرّ شَـحنَـتِهـا ، والأرْضُ طـوفانُ |
فلَمْ تَزَلْ تَعجُمُ الدّنيا، وتعجُمُها | حتى تَـخَـيّرَها للخَـبْءِ دْهْـقــانُ |
فصانَها في مَغارِ الأرْضِ، فاختَلَفتْ | على الدّفينَة ِ أزْمانٌ وأزْمَانُ |
ببَلدَة ٍ لم تَصِلْ كَلْبٌ بها طُنُباً | إلى خِباءٍ، ولا عَبْسٌ وذُبْيانُ |
لَيسَتْ لِـذُهْـلٍ ، ولا شيبانِها وَطَنـاً ، | لكِنّهـا لبَني الأحـرارِ أوطـانُ |
أرْضٌ تَبَنّى بهـا كِـسْـرى دَسَـاكِرَهُ ، | فمـا بهـا مِنْ بني الـرّعْـناءِ إنْسـانُ |
وما بها مِنْ هَشيمِ العُرْبِ عَرْفَجة ٌ، | ولا بها مِنْ غِذاءِ العُرْب خُطبانُ |
لكنْ بها جُلّنَارٌ قد تَفَرّعَهُ، | آسٌ ، وَكَـلّلَـهُ وَرْدٌ وسـوسـانُ |
فـإنْ تَنَـسّـمَـتْ مِـنْ أرْواحِها نَسَماً | يَوْماً تَنَسّمَ في الْخَيْشُوم رَيحانُ |
يالَيلَـة َ طَلَعَتْ بالسّعْدِ أنْجُمُها ، | فباتَ يفتكُ بالسّكـرانِ سكـرانُ |
بِتْـنـا نَـدينُ لإبْـليـسٍ بطـاعَتِـهِ ، | حتى نَعَى اللّيْلَ بالنّاقوسِ رُهْبانُ |
فقامَ يَسحَبُ أذْيالاً مُنَعَّمَة ً، | قـد مَسّهـا مِـنْ يَـدي ظُـلْمٌ وعـدوانُ |
يقـولُ : يا أسَفي ، والدّمْـعُ يغلِبُـهُ ، | هتَكتَ منّي الذي قد كانَ يُصْطانُ |
فـقلتث : لَيثٌ رأى ظَبْـياً فـواثَـبَـهُ ، | كَـذا صُـرُوفُ لَيـالي الدّهـر ألـوانُ ! |