ما ضرّ طيفكِ لو والى زياراتي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ما ضرّ طيفكِ لو والى زياراتي | ما بين تلك المحاني والثَنياتِ؟ |
والرَّكبُ عنَّا مشاغيلٌ بأيِّنِهمْ | من الدُّؤبِ وإرقالِ المطّياتِ |
صَرعى كأنّ زجاجاتٍ أُدِرْنَ لهمْ | فهمْ لعينيك أحياءٌ كأمواتِ |
إنْ حرّم الصبّحُ وصلاً كان يُجذلنا | فهو الحلالُ بتهويمِ العشّياتِ |
وكم أتني وجُنحُ الليلِ حُلّتُهُ | مَن لم يكنْ في حسابي أنَّه ياتي |
وزار في غير ميقاتٍ وكم لُويتْ | عنّا زيارتُهُ في كلِّ ميقاتِ |
وقد "رأيتمْ" وقد سار المطيُّ بكمْ | كيف اصطباري على تلك المصيباتِ |
وكم ثنيتُ لِحاظي عن هوادجكمْ | وفي الهوادج أوطاري وحاجاتي؟ |
وقلتُ: لا وجدَ في قلبي لِلائمِهِ | والقلبُ تحرقُهُ نارُ الصَّباباتِ |
قلْ للّذين حَدَوْا في يومِ رِحلَتِهمْ | خُوضاً خمائِصَ أمثالَ الحنّياتِ |
مذكَّراتٍ فلا سَقْبٌ لهنَّ ولا | كَرِعْنَ يوماً بنشوان الوليدات" |
لهنَّ والرَّحلُ يَعْلَوْلي مناسِجَها | إلى السَّباسبِ شوقاً كلُّ "حنّاتِ" |
وكمْ وَلَجْنَ شديداتٍ صَبَرْنَ بها | حتّى نجون كِراماً بالحُشاشاتِ |
فإنْ بُعِثْنَ إلى نيل المُنى رُسُلاً | كفّلْنَ منك بتقريب البعيداتِ |
منْ فيكمُ مُبلغٌ عنّي الوزيرَ إذا | بَلَغتموه سلامي والتحيّاتِ؟ |
ومن سعودِ الورَى ثمَّ البلادِ بهِ | لم يَظلموا"إذ" دعوه ذا السّعاداتِ |
قولوا له: ليتني كنتُ الرَّسولَ وما | أدّى إليكَ سوى لفظي رسالاتي |
لله دَرُّكَ في مُستغْلَقٍ حَرِجٍ | أسعفتَ فيه بفرحاتٍ وفُرجاتٍ |
وفاحمٍ مُدْلَهمٍ لا ضياءَ بهِ | نزعتَ عنه لنا أثوابَ ظُلماتِ |
وفي يديكِ رسولٌ منك تُرسلهُ | متى أردتَ إلى كلّ المنيِّاتِ |
مثلَ الرِّشاءِ يُرى منه لمبصرِهِ | تغضّنُ الرُّقمِ يقطعن التنوفاتِ |
حلفتُ بالبُدْنِ يرعين الوَجيف ولا | عهدٌ لهنَّ بِرَيٍّ مِن غَماماتِ |
يردنَ بيتاً به الأملاكُ ساكنة ٌ | بنيّة ً فَضَلَتْ كلَّ البِنيّاتِ |
والطائفينَ حوالَيْهِ وقد سَدَكوا | به" تُقآءَ بِمسحاتِ ولثماتِ |
وأذرُعٍ كسيوفِ الهندِ ضاحية ٍ | يَقذفنَ في كلِّ يومٍ بالحصيّاتِ |
والبائتين بجَمعٍ بعد أن وقفوا | على المعرَّف، لكنْ أيَّ وَقْفاتِ |
وجاوزوه خفافاً بعد أن ذبحوا | حتى أتوه بأجرامٍ ثقيلاتِ |
مَحا النَّضارة َ من صَفْحاتِ أوجُهِهمْ | ذاك الذي كان محواً للجريراتِ |
لأَنْتَ مِن دونِ هذا الخلقِ كلِّهِمُ | أحقّ فينا وأولى بالمولاة ِ |
قُدني إليكَ فما يقتادني بشرٌ | إلا فتًى كان مأوًى للفضيلاتِ |
واشْدُدْ يديك بما ناولتُ من مِقَتي | ومن غرامي ومن ثاوي مودّاتي |
أنا الّذي لا أحولُ الدَّهرَ عن كَلَفي | بمن كلفتُ ولا أَسلو صَباباتي |
لا تخشَ منِّي على طول المَدى زَللاً | فكلُّ شيءٍ تراهُ غيرَ زلاّتي |
سيّانِ عندي ولا منٌّ عليهِ بهِ | ـسَعيدُ إلاّ الّذي نالَ الإراداتِ |
أشكو إلى اللهِ أشواقي إليكَ وما | في القلبِ من حرّ لوعاتِ ورَوعاتِ |
وإنّني عاطلٌ من حَلي قُربِكَ أوْ | صِفْرُ اليدين خليّ من زياراتي |
ولو رأيتُكَ دونَ النّاسِ كلِّهِمُ | قضيتُ من هذه الدّنيا لُباناتي |
لا تحسبوا أننّي لم ألقَقهُ أبداً | فإننا نتلاقى بالموداتِ |
وكمْ تلاقٍ لقومٍ منْ قلوبهمْ | كما أرادوا على بعدِ المسافاتِ |
والقربُ قربُ خبيئاتِ الصّدورِ وما | تَحْوي الضمائرُ لاقربُ المحلاّتِ |
إتّي الصديقُ لمن كنتَ الصديقَ له | ومن تُعادي له منِّي مُعاداتي |
وأنتَ من معشرٍ تُروى فضائلهمْ | سادوا على أنَّهمْ أبناءُ ساداتِ |
البالغينَ منَ العَلْياءِ ما اقترحوا | والقائمينَ بصَعْباتِ المُلمّاتِ |
ويشهدون الوغى من فَرْطِ نَجْدَتهمْ | والرُّعبُ فاشٍ بألبابٍ خَليَّاتِ |
كأنّ أيديهمْ في النّاسِ ما خُلقتْ | إلاّ لبذلِ الأيادي والعَطِيّاتِ |
مُقَدَّمينَ على كلِّ الأنامِ عُلاً | مُحَكّمين على كلِّ القضياتِ |
فإنْ تَقِسْهُمْ تَجِدْهُمْ مَنزلاً وبنًا | طالوا النّجومَ التي فوقَ السّماواتِ |
قد فُقْتَهُمْ بِمزيّاتٍ خُصِصْتَ بها | هذا على أنَّهمْ فاقوا البريّاتِ |
عندَ الجِمارِ منَ الكُومِ المسنّاتِ | أخَذتَها لك من أيدي النجيباتِ |
وكنتَ فضلاً وديناً يُستضاءُ به | خلطتَ للمجدِ أبياتًا بأبياتِ |
إنَّ الرَّئيس الّذي رأسَ الأنامَ بما | حواهُ من فضلهِ قبلَ الرِّياساتِ |
فاجَّمَّلّتْ فيك أدراعُ الوزاراتِ | |
جاءتكَ عَفواً ولم تبعثْ لها سَبباً | ولا بسطتَ إليها قبضَ راحاتِ |
وقد أتاني فيما زارني خبرٌ | فطال منه قُصارَى كلِّ ساعاتي |
سقاني المُرَّ من كأسيهِ "واستلبتْ" | يُمناهُ من بَصري لذّاتِ هَجْعاتي |
إن اضطجعتُ فمنْ شوكِ القنا فُرشي | وإنْ مَشَيتُ فواطٍ فوقَ جَمْراتِ |
قالوا: اشْتَكى مَنْ يوَدّ النَّاسُ أنَّهُمُ | كانوا الفداءَ له دونَ الشِّكاياتِ |
ولم أزّلْ مشفقاً حتى علمتُ بما | أنالَهُ اللهُ من ظِلِّ السَلاماتِ |
وبشّروا بالعوافي بعد أن مُطِلَتْ | بُشْرى ولكنَّها لا كالبشاراتِ |
والحمد للهِ قد نلتَ المرادَ وما السّـ | |
فعشْ كما شئتَ من غِزٍّ يطيفُ بهِ | للهِ جيشٌ كثيفٌ مِن كفاياتِ |
ولا بُلِيتَ بمكروهٍ ولا قَصُرَتْ | منك الأناملُ عن نيلِ المحبّاتِ |
"فلم" تكن مُعْنِتاً من ذا الورى بشراً | فكيف تُبلى من الدنيا بإعْناتِ؟ |