أرشيف الشعر العربي

ما قرّبوا إلاّ لبينٍ نوقا

ما قرّبوا إلاّ لبينٍ نوقا

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
ما قرّبوا إلاّ لبينٍ نوقا فاحبسْ دموعاً قد أصبنَ طريقاً
رحلوا فليس ترى على آثارهمْ إلاّ دموعاً ذُرَّقاً وغَريقا
وأسيرَ شجوٍ لا يطيق فراقهمْ يبكى وقد شحطَ الخليطُ طليقا
طرقَ الخيالُ ولم يكن قبل النّوى هذا الخيالُ لنا هناك طَروقا
لم أدرِ ماهو غيرَ أنَّ طُروقَه أغرى بشائقة ِ القلوبِ مشوقا
ياضَرَّة َ القَمَرينِ لِمْ ذوَّقْتِني مالم يكن لولا هواكِ مذوقا ؟
لو كنتِ ريحاً كنتِ نشرَ لطيمة ٍ أو كنتِ وقتاً كنتِ منه شُروقا
وعجبتُ من قلبٍ يودُّك بعدَما أضرمتِ بالهجرانِ فيه حريقا
إنْ كنتِ آمنة َ الفراق فإنّنى مازلتُ من يومِ الفراقِ فروقا
رحنا نعلّلُ بالوداعِ مطيقة ً ما لم أكن للثِّقْلِ منه مُطيقا
ورأيتُ مدمَعها يجودُ بلؤلؤٍ فيعود من ورد الخدود عقيقا
ذهب الشّبابُ وكم مضى من فائتٍ لانستطيعُ له الغداة َ لُحوقا
ما كان إلاّ العيشَ قضّى َ فانقضى بالرّغمِ أو ماء الحياة ِ أريقا
فلو أنّنى خيّرتُ يوماً خلّتى ما كنتُ إلاّ للشّباب صديقا
ولقد ذكرتُ على تقادُمِ عهدهِ عيشاً لنا بالأنعمين أنيقا
وإذا تراءتنى عيونُ ظبائهمْ كنتُ الفتى المرموقَ والموموقا
ومرشَّفِ الشّفتين زارَ مُخاطراً حتّى سَقاني من يديهِ الرِّيقا
ما إِنْ يُبالي مَن تذوَّقَ عَذْبَهُ وهَوَ المُنى أَنْ لا يذوقَ رحيقا
ومرنّحين من الكلالِ كأنّهمْ كرعوا سلافَ البابلى ّ عتيقا
ركبوا قلائصَ كالنَّعائمِ خرَّقَتْ عنها الظّلامَ بوخدها تخريقا
يَقْطعنَ أجوازَ الفَلا كمعابِلٍ يمرُقَنْ عن جَفْنِ القِسيِّ مروقا
حتّى بدا وَضَحٌ كُغُرّة ِ شادِخٍ أو بارقٌ يحدو إليك بروقا
فكأنَّه للمبصرينَ ذُبالة ً علقتْ ببادرة ِ الزّنادِ علوقا
ولقد فخرتُ بمعشرٍ لمّا اعتلوا لم يرتضوا النّسرين والعيّوقا
مَلكوا الفخارَ فما تَرى مِن بعدِهمْ إلاّ افتخاراً منهمُ مسروقا
النَّاحرينَ إذا الرِّياحُ تناوحَتْ للنّازلين فنيقة ً وفنيقا
أكل الضّيوفُ لحومها ولطالما أكل السّرى دمكاً بها وعنيقا
والمسبلين على الصّديق مبرّة ً والمُمْطرين على العدوِّ عُقوقا
والمحرجين فضاءَ من ناواهمُ والمرحِبين على الوليِّ مَضيقا
وإذا جَرَوْا طَلَقاً إلى شأْوِ العُلا تركوا سَبوقَ معاشرٍ مَسبوقا
قومٌ إذا شهدوا الوغى ملأوا الوغى بالضَّربِ هاماً للكُماة ِ فَليقا
وإذا سرحتَ الطّرفَ لم ترَ فيهمُ إلاّ نَجيعاً بالطِّعانِ دَفيقا
ومتى دعوتَهُمُ ليومِ عظيمة ٍ جاءوا صباحاً مشرقاً وشروقا
تركوا المعاذرَ للجبانِ وحلَّقوا في شامِ عالي الرَّجا تَحْليقا
وإذا الكرامُ لدى فخارٍ خصّلوا كانوا كرامَ ثرًى وكانوا النّيقا
من كلِّ أبلجَ كالهلال تخاله عَضْباً صقيلَ الطُّرَّتين ذَلوقا
قد قلتُ للمولّعين ببأسهمْ والفاتقين إلى البوارِ فتوقا :
إيّاكمُ أنْ تركبوا من سخطهمْ بحراً غزيرَ الّلجّتين عميقا
وأنا الذى ما زلتُ من جنفِ الرّدى ركناً لأبناءِ الحذار وثيقا
أقرى الذى ذادوه عن باب القرى وأعيدُ محرومَ الغِنى مَرزوقا
والضَّربُ يهتكُ جانباً متستِّراً والطّعنُ يفتقُ جانباً مرتوقا
واليومُ ليس ترى به متحكّماً إلا حديدَ الشَّفرَتينِ رقيقا
يفرى الترائبَ والطّلى وكأنه لَطَخَ الكميَّ بما أسال خَلوقا
وعصائبٌ دبّوا إلى خططِ العلا فرأوا مجازَ اللَّهْدِ آنَ خَليقا
وتقوّضوا من غير أن يتلوّموا مثلَ الغمامِ إذا أصاب خريقا
للمجدِ أجلابٌ وليس نراكمُ أبداً لأجلابِ الأماجد سُوقا
لا مدَّ فيه لكمْ فكيف أراكمُ - كَذِبَ المُنى - أن تأخذوهُ وُسُوقا 
خَلُّوا الفخارَ لمعشرٍ مافيهمُ إلا الذي اتَّخذَ الحسامَ رَفيقا
وإذا مضى قُدُماً يُريغُ عظيمة ً لم تلقَهُ عمّا يرومُ مَعوقا
مُستَشهِدٌ أبداً لنَجْدة بأسهِ ثَلْمَ الحُسامِ وعاملاً مَدقوقا
وجَماجماً يهبطْنَ عن نثرِ الظُّبا خللَ العَجاجِ وأذرُعاً أو سُوقا
وله إذا جمدَ الكرامُ عنِ النَّدَى مالٌ يهانُ ندّى وعرضٌ يوقى
منْ منصفى ِ من حكم أعوجَ جائرٍ أَعْيَتْ نعوتُ خصاله المنطيقا 
أعلاَ السّفيه وحطَّ أهلَ رزانة ٍ فكأَنه جعلَ اللِّبابة َ مُوقا
ما ضرَّ مَنْ صحَّتْ عهودُ حِفاظِهِ أنْ كان بعضُ قميصِه مَخْروقا 
فدعِ أمرأً طلبَ الغِنى بمذلَّة ٍ سلبَ الرّشادَ وخولس التّوفيقا
جمعَ النُّضارَ إلى النُّضارِ ولم يخفْ من دهرهِ التَّمزيقَ والتّفريقا
أين الألى طلعوا النّجادَ مهابة ً وتسنَّموا فلكَ النّجومِ سُموقا 
الرّافعين مع السّماءِ رءوسهمْ والضاربين إلى البحور عُروقا
بادوا كما اقترحَ الحِمامُ ومزَّقَتْ أيدى البلى أشلاءهمْ تمزيقا
فهُمُ بأجداثِ القبورِ كأنَّهمْ كلأٌ هَشيماً بالرِّياح سَحيقا
فمتى أردتَ العزَّ فاجعلْ رسله إمّا سيوفاً أو رماحاً روقا
وابسطْ إلى الإِعطاءِ راحة َ واهبٍ لا يعرف التّقتيرَ والتّرنيقا
واتركْ لمن طلبَ الغِنى دنياهُمُ وحطامها وأجاجها المطروقا
وكن الذى ترك السؤال لأهلهِ وأقامَ من سُكرِ الطِّلابِ مُفيقا

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الشريف المرتضى) .

أرأيتَ ما صنعتْ بنا الأيّام؟

أَمِنْكِ الشَّوقُ أرَّقني فهاجا

لاتُوعدَنِّي الشّرَّ تُرهبُني

لنشرِ فضلك آثاري وأخباري

سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا


ساهم - قرآن ٣