قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ | وأقولُ لوْ أنَّ النوائبَ تسمعُ |
وَأُخَادِعُ الأَيَّامَ وَهِي مَلِيَّة ٌ | بنتاجِ كلِّ ملمة ٍ لا تخدعُ |
لا تغبطنَّ علَى البقاءِ مرزأ | إنَّ المُوَدِعَ إِلفَهُ لِمُوَدِّعُ |
مَاطِلْ بِطَرْفِكَ يَا زَمَانُ فَإنَّهُ | لَمْ يَبْقَ عِنْدِي للصَّبَابَة ِ مَوْضِعُ |
أوْ فارمنِي بسهامِ خطبكَ جاهداً | إنْ كانَ في قوسِ الحوادثِ منزعُ |
لا سالمتْني النائباتُ فإنَّني | ثلِجُ الفُؤادِ إِذَاً تَقُودُ فَأتَبعُ |
وَعَدِمْتُ أَوْطَانِي فآنسُ أَرْضِهَا | وَحْشٌ وَأَضْيَقُهَا عَلَيَّ الأوسَعُ |
أوضحتَ لي سبلَ الهمومِ كأنمَا | صَبْرِي تَخِبُّ بِهِ الرِكَابُ وَتُوْضِعُ |
وَأَضَقْتَ ذَرْعِي بِالعَزَاءِ وَطَالَمَا | أَمْسَى رَحِيْبَا إِذْ تَضِيْقُ الأَذْرُعُ |
وحجبتَ عنْ عيني الضياء كأنَّما | الآفاقُ غربٌ ليسَ فيهِ مطلعُ |
فلتفخرِ الأيامُ أنَّ ملمة ً | مِنْهَا أَهَالُ بِوَقْعِهَا وَأرَوعُ |
قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ | جَلَلٌ وَكُلُّ رَزِيَّة ٍ لا تَفْجَعُ |
أشكُو فراقكِ ثمَّ أعلمُ عندهُ | أَنَّ السَّبِيْلَ إِلَى لِقَائِكِ مَهْيَعُ |
وَرَجَوْتُ قُرْبَكِ وَالدِّيَارُ بَعِيْدَة ً | فَاليَوْمَ أَخْفَقَ في اللِّقَاءِ المَطْمَعُ |
لوْ كانَ ينفعُني السلوُّ نبذتهُ | أسفاً عليكِ فكيفَ إذْ لا ينفعُ |
هيهاتَ يجمعُ شملَ صبرٍ نافر | قلبٌ بأيدي الحادثاتِ موزعُ |
أَحْنُو الضُّلُوعَ عَلَى بَوَاعِثِ غُلَة ٍ | ضمنَ أذكاركَ أنَّها لا تنقعُ |
وألومُ طولَ الليلِ أرقبُ فجرهُ | أَوْ مَا ابْيِضَاضُ الصُّبْحِ بَعْدَكِ أَسْفَعُ |
قَرَعَتْ إِلَيْكِ ثَنِيَّة ٌ مَطْرُوقَة ٌ | قَضَتِ المَنِيَّة ُ أَنَّهَا لا تَمْنَعُ |
ما كانَ أوعرَ نهجهَا لوْ أنهُ | خرقَ بأطرافِ الأسنة ِ يرقعُ |
لا تَبْعُدَنَّ مَصَارِعٌ مَطْلُولَة ٌ | ما حطمتْ فيها الرماحُ الشرعُ |
ومسندونَ تعاقرُوا كأسَ الردَى | ودعَا بسهمهِم الحمامُ فأسرعُوا |
بركَ الزمانُ عليهمُ بجرانهِ | وَهَفَتْ بِهِمْ رِيْحُ الخُطُوبِ الزَعْزَعُ |
خرسٌ إذَا ناديتَ إلاَّ أنهمْ | وعظُوا بما يزعُ الليبَ فأسمعُوا |
وَفَوارِسٌ عَهِدُوا السُّيُوفَ ذَوَائِداً | عنْ سربهمْ لوْ صادفتْ ما تقطعُ |
نَبَذُوا الأَنامَ فَمَا أَضَاءَ بِنَقْعِهِمْ | عضبٌ يشامُ ولاَ سنان يلمعُ |
البيضُ تزهرُ والدروعُ مفاضة ٌ | وَالخَيْلُ تَمْرَحُ وَالقَنَا يَتَزَعْزَعُ |
وَالدَّهْرُ يَفْتِكُ بِالنُّفُوسِ حِمَامَهُ | فَلِمَنْ يُعَدُ كَرِيْمُهُ أَوْ يَجْمَعُ |
عجباً لمنْ يبقي ذخائرَ مالهِ | وَيَظَلُّ يَحْفَظُهُنَّ وَهُوَ مُضَيَعُ |
وَلِغَافِلٍ وَلَهُ بِكُلِّ ثَنِيَّة ٍ | ملقَى لهُ بطنَ الصفائحِ مضجعُ |
أَتُرَاهُ يَحْسَبُ أَنَّهُمْ مَا أَسَأَرُوا | مِنْ كَأسِهِمْ أَضْعَافَ مَا يُتَجَرَّعُ |
لوْ كانَ يمنعكَ القراعُ ملأتَها | جَرْداً يَغُصُّ بِهَا الفَضَاءُ البَلْقَعُ |
وَأَثَرْتَ فِي حَلْقِ الدُّرُوْعِ عِصَابَة ً | كالدهرِ تخفضُ ما يشاءُ ويرفعُ |
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ أَمَامَهَا | مَا يُسْتَجَنُّ بهِ وَلا يُسْتَدْفَعُ |
يَا قَبْرُ فِيْكَ الصَّالِحَاتُ دَفِيْنَة ٌ | أَفَمَا تَضِيْقُ بِهِنَّ أَوْ تَتَصَدَّعُ |
لَو كُنْتَ تُبْلَغُ مَا أَقُوْلُ أَطَلْتُ مَا | أَشْكُو إِلَيْكَ مِنَ الهُمُومِ وَأَضْرَعُ |
حياكَ فجريُّ النسيمِ كأنهُ | أبداً بطيبِ ثنائهَا يتضوعُ |
وَسَقَتْكَ أَجْفَانِي فَأَنْتَ بِمَعْزَلٍ | عَنْ أنْ يُتَاحَ لَكَ السَّحَابُ الهُمَّعُ |
إِنْ لَمْ يَكُنْ عَقْرٌ عَلَيْكَ فَإْنَّهَا | كبدٌ محرقة ٌ وقلبٌ موجعُ |